نادرا ما تعلن اللحظات الفاصلة في التاريخ عن نفسها بوضوح. ومع ذلك، قد يُخلّد الأسبوع الممتد من 31 أغسطس/آب إلى 3 سبتمبر/أيلول 2025 بوصفه اللحظة التي أفسح فيها النظام الأحادي القطب لما بعد الحرب الباردة المجال أمام نظام مختلف جذريا، حيث تتراجع المبادئ المنظمة لحقوق الإنسان والديمقراطية الليبرالية والأسواق الحرة لصالح الهويات الحضارية، والضرورات التنموية، والاستقلالية الاستراتيجية.
لم تكن قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين، ولا الذكرى الثمانين لانتصار الحرب العالمية الثانية ومقاومة العدوان الياباني في بكين، فعاليات دبلوماسية بروتوكولية أو عروضا عسكرية استعراضية فحسب، بل تجلّت في أحداث ذلك الأسبوع آليات الانتقال من نظام عالمي إلى آخر، لا من خلال انقطاع درامي، بل عبر تراكم صبور للشراكات الاستراتيجية، والاعتماد الاقتصادي المتبادل، والسرديات المشتركة.
التقارب الصيني-الهندي
كان الحدث الأبرز هو التقارب بين الصين والهند، وهما قوتان حضاريتان تمثلان 2.8 مليار نسمة وتُسهمان بالحصة الأكبر من نمو الاقتصاد العالمي. فعندما التقى رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالرئيس شي جين بينغ في تيانجين، في أول لقاء بينهما على الأراضي الصينية منذ سبع سنوات، حمل هذا اللقاء دلالات تتجاوز العلاقات الثنائية لتطال البنية الكاملة للاستراتيجية الأميركية في أوراسيا.