بعد صيف ساخن وحرائق غابات، دخلت إسبانيا فترة برودة في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية بسبب خلافات تجارية وسياسية وأمنية ودفاعية، تمتد من الرسوم الجمركية على الواردات الأوروبية، وصولا إلى رفض زيادة نفقات حلف شمال الأطلسي الدفاعية، وإلغاء صفقة شراء مقاتلات "إف-35"، مرورا بالاعتراف بدولة فلسطين ومأساة غزة، ورفض الموانئ الإسبانية استقبال السفن الأميركية المتجهة إلى إسرائيل، وعزم واشنطن المعاملة بالمثل، بمنع سفن تجارية إسبانية الدخول إلى موانئ أميركية.
وقد تشمل العقوبات الأميركية المفترضة، نقل قاعدة "روتا" العسكرية من جنوب إسبانيا إلى المغرب، الذي يملك علاقات جيدة سياسية واقتصادية وأمنية، مع كل من واشنطن ومدريد. وتقدر المبادلات التجارية مع الولايات المتحدة بـ8 مليارات دولار، وتصل إلى 25 مليار دولار مع إسبانيا، التي تتشارك مع المغرب استضافة نهائيات كأس العالم 2030. وتجد الرباط نفسها وسط خلاف بين حلفاء، قد يخدم مصالحها في تعزيز مركزها في البحر الأبيض المتوسط وشمال غرب أفريقيا وداخل حلف الناتو، الذي يحظى فيه المغرب بوضع الشريك المميز.
واستبعدت مصادر ديبلوماسية حدوث تدهور أو قطيعة في العلاقات الأميركية-الأيبيرية، لحاجتهما إلى بعضهما، وأهمية مضيق جبل طارق في مرور التجارة الدولية، وهو الممر الذي تراقبه المملكة المتحدة إلى جانب إسبانيا والمغرب.
خلافات بدأت من التعريفات الجمركية
ولم تخف مدريد امتعاضها من قرار الرئيس دونالد ترمب رفع التعريفات الجمركية، وتأثيره السلبي على الصادرات الإسبانية نحو الأسواق الأميركية. وأصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بيانا مشتركا في 21 أغسطس/آب عن اتفاقية التجارة الجديدة ، تم التوصل إليها في اسكتلندا في 27 يوليو/ تموز، بين الرئيس ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وأكد البيان اعتماد تعريفات بنسبة 15 في المئة على معظم المنتجات الأوروبية المصدرة عبر المحيط الأطلسي، مثل السيارات والأدوية وأشباه الموصلات والخشب. وشبه إعفاء على الواردات من الولايات المتحدة. وبلغت المبادلات التجارية بين مدريد وواشنطن العام المنصرم نحو 46 مليار دولار، تمثل أقل من 5 في المئة من إجمالي تجارة الاتحاد الأوروبي مع "العم سام".