أدرجت الإدارة الأميركية منطقة شمال أفريقيا من ضمن ملفات إنهاء النزاعات الإقليمية، وتحويل الخلافات السياسية إلى فرص اقتصادية واستثمارية. ويسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تحريك المياه الراكدة في "اتحاد المغرب العربي"، الذي بقي جامدا لسنوات، عبر طرح مقاربة تقوم على "السلام الاقتصادي".
تأتي هذه المبادرة في وقت تحاول فيه واشنطن استعادة زمام المبادرة في المنطقة، بعد تراجع النفوذ الأوروبي وصعود قوى منافسة، أبرزها الصين وروسيا، على امتداد شمال أفريقيا والساحل، من البحر المتوسط حتى عمق القارة. ويعتمد ترمب، الساعي إلى تعزيز رصيده السياسي والديبلوماسي، على نجاح مبادرات سابقة لوقف نزاعات في مناطق مختلفة من العالم، منها أرمينيا وأذربيجان، وكمبوديا وتايلاند، والهند وباكستان، والكونغو ورواندا، وحتى إيران وإسرائيل، فضلا عن ملف أوكرانيا ولقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا في 15 أغسطس/آب الماضي.
نزاع نصف قرن كلف خسائر هائلة
لا يدخل ترمب عادة في تفاصيل التسويات السياسية، لكنه يركز على إقناع أطراف النزاع بأن الجلوس إلى طاولة المفاوضات يمثل مكسبا، بينما أي حرب، مهما كانت نتائجها، تعني الدمار والخسارة. في هذا السياق، أوفد والد صهره اللبناني الأصل رجل الأعمال مسعد بولس إلى المنطقة المغاربية نهاية يوليو/تموز، في مهمة صعبة لفك تشابك الخلافات المتراكمة منذ أكثر من 15 سنة، نتيجة تداعيات الربيع العربي في ليبيا وتونس، وإغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب منذ 1994، وتصاعد أخطار اندلاع مواجهة عسكرية بين البلدين. يُذكَر أن هذا النزاع يعود إلى زمن الحرب الباردة، وقد كبّد المنطقة خسائر هائلة، وكرّس انقسامها بين معسكرين إيديولوجيين متباينين.