الهجوم الإسرائيلي في قطر... نتنياهو يُبرر "إحراج" ترمب

الإصرار على عدم إنهاء الحرب

ميشيل تومبسون/المجلة
ميشيل تومبسون/المجلة

الهجوم الإسرائيلي في قطر... نتنياهو يُبرر "إحراج" ترمب

يشكل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن هجوم على قيادة حركة "حماس" أثناء اجتماعهم في مقرهم بالدوحة انتكاسة كبيرة لجهود إدارة ترمب الرامية إلى تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار في غزة.

قبل الهجوم على مقر قيادة "حماس" في العاصمة القطرية، كانت التوقعات مرتفعة بأن أحدث محاولة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الصراع في غزة تسير في الاتجاه الصحيح.

وقد وردت تقارير تفيد بأن الحكومة الإسرائيلية وافقت على شروط الصفقة الأخيرة، والتي بموجبها ستقوم "حماس" بالإفراج عن جميع الرهائن المتبقين الذين أسروا خلال هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، سواء كانوا أحياء أو موتى. وفي المقابل، تطلق إسرائيل سراح مئات الأسرى الفلسطينيين قبل أن يدخل الطرفان في مفاوضات لإيجاد حل دائم للصراع.

لكن، ورغم أن إدارة ترمب كانت تعتقد أنها أقنعت الإسرائيليين بالموافقة على الصفقة، فقد كانت هناك مخاوف في واشنطن من أن نتنياهو يماطل فقط لكسب الوقت قبل أن يكثّف الحملة العسكرية الإسرائيلية لتدمير البنية التحتية العسكرية والسياسية لـ"حماس" في غزة.

شعر ترمب بإحراج واضح من تصرف إسرائيل، التي يُفترض أنها حليف وثيق للولايات المتحدة

وقد جاء الهجوم الذي شنّه مسلحان من الضفة الغربية في القدس هذا الأسبوع، حيث أطلقا النار على حافلة إسرائيلية ومارة، ليوفر لنتنياهو الذريعة التي كان ينتظرها لتكثيف الهجمات على "حماس". وبلغ التصعيد ذروته في الهجوم على مقر قيادة "حماس" في قطر، بينما كان كبار مسؤولي الحركة مجتمعين لمناقشة خطة ترمب لوقف إطلاق النار.

وقالت السلطات القطرية إن خمسة من مسؤولي "حماس" قُتلوا في الهجوم، رغم أن أيا منهم لم يكن من القيادات العليا. كما قُتل أحد أفراد الحراسة الأمنية القطرية.

ورغم إصرار الإسرائيليين على أن هجومهم مبرر تماما ردا على هجوم القدس، فإن قرارهم باستهداف "حماس" داخل قطر، الدولة التي تقول إنها تحتفظ بعلاقات جيدة مع واشنطن ولعبت دورا رئيسا في محادثات وقف إطلاق النار، أثار غضبا واسعا في الولايات المتحدة. وقد أوضح ترمب أن الإسرائيليين نفذوا الهجوم دون التشاور المسبق مع البيت الأبيض.

أ.ف.ب
الدخان يتصاعد في سماء الدوحة إثر الهجمات الإسرائيلية في 9 سبتمبر

وشعر ترمب بإحراج واضح من تصرف إسرائيل، التي يُفترض أنها حليف وثيق للولايات المتحدة، دون تنسيق، فلجأ إلى منصته "تروث سوشيال" لتأكيد أن واشنطن لم يكن لها أي دور في الهجوم.

وكتب: "هذا القرار اتخذه رئيس الوزراء [الإسرائيلي] نتنياهو، ولم يكن قرارا اتخذته أنا"، مضيفا أنه يشعر "بأسف شديد لمكان وقوع الهجوم"، وأكد لقطر أنه لن يتكرر.

فندت السلطات القطرية علنا ما أعلنته إدارة ترمب من أنها حاولت تحذير الدوحة مسبقا من الهجوم الوشيك، مؤكدين أنهم لم يتلقوا أي تحذير إلا بعد وقوع الانفجارات

وفندت السلطات القطرية علنا ما أعلنته إدارة ترمب من أنها حاولت تحذير الدوحة مسبقا من الهجوم الوشيك، مؤكدين أنهم لم يتلقوا أي تحذير إلا بعد وقوع الانفجارات.

وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، قد صرحت للصحافيين بأن ترمب وجّه مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، إلى "إبلاغ القطريين بالهجوم المرتقب".

كما أعربت عن إحباط الإدارة من تصرف إسرائيل. وقالت: "شن هجوم أحادي داخل قطر، الدولة ذات السيادة والحليفة المقربة للولايات المتحدة، والتي تعمل بجد وتتحمل المخاطر معنا من أجل إحلال السلام، لا يخدم أهداف إسرائيل أو أميركا".

لكن المزاعم بأن واشنطن حاولت تحذير قطر مسبقا رُفضت من قبل المسؤولين القطريين، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية إن الادعاءات بأن الحكومة كانت "مبلغة مسبقا بالهجوم هي ادعاءات كاذبة تماما".

وكتب ماجد الأنصاري في بيان عبر منصة "إكس": "المكالمة التي تلقيناها من مسؤول أميركي جاءت خلال سماعنا لأصوات الانفجارات التي نجمت عن الهجوم الإسرائيلي في الدوحة".

أما وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، فقال إن الاتصال من الولايات المتحدة جاء بعد عشر دقائق من بدء الهجوم، ووصف الحادث بأنه "إرهاب ترعاه دولة".

أ.ف.ب
ترمب أثناء زيارته الأخيرة لقطر في مايو

ويبدو أن التصدع الدبلوماسي المتزايد بين قطر والولايات المتحدة بشأن هذا الحادث يمثل أنباء سيئة جدا لجهود إدارة ترمب في إحياء محادثات وقف إطلاق النار. فبالإضافة إلى غضب قطر من انتهاك سيادتها الإقليمية، فإن استعداد إسرائيل لضرب قيادة "حماس" بينما كانوا يبحثون بجدية في خطة السلام التي طرحها ترمب، سيقلل من احتمالية قبولهم النظر في حل سلمي للصراع في غزة في المستقبل القريب.

ومهما حاولت إسرائيل تبرير هذا التصرف، فإن الهجوم في قطر لن يؤدي إلا إلى تأكيد وجهة النظر السائدة في العالم العربي بأن إسرائيل ليست لديها نية لإنهاء الأعمال العدائية في غزة طالما بقي نتنياهو رئيسا للوزراء.

font change