لا يوجد شيء يمكن الرهان عليه لصالح الفلسطينيين، نتيجة التوترات الحاصلة بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب والحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، إذ شهدت علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة مثل تلك التوترات مرارا، نتيجة شعور بعض الإدارات الأميركية، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، بأن إسرائيل لا تسهّل عليها سياساتها في الشرق الأوسط، وأنها تتصرّف بشكل غير مسؤول، بما يهدد استقرار المصالح الأميركية، بل وأمن إسرائيل ذاتها.
السياق التاريخي
في عهد الرئيس الجمهوري دوايت أيزنهاور (1953-1961)، أجبرت الولايات المتحدة إسرائيل على الانسحاب من شبه جزيرة سيناء ومن قطاع غزة، إبان العدوان الثلاثي على مصر (1956). وفي عهد الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر (1977-1981)، تم الضغط على رئيس حكومة إسرائيل آنذاك، مناحيم بيغن، للانسحاب من سيناء، وتفكيك المستوطنات منها، لعقد اتفاق "كامب ديفيد" مع مصر (1978).
تكرّر ذلك في عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش/الأب (1989-1993)، مرتين. الأولى، عندما ألزمت الولايات المتحدة إسرائيل بالوقوف جانبا، إبان حربها لإخراج الجيش العراقي من الكويت (1991)، ما يعني أنها باتت تستغني عنها لصون الاستقرار في المنطقة. والثانية، عندما ضغطت على إسحق شامير، رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، بوقف ضمانات القروض (10 مليارات دولار)، لدفعه للمشاركة في مؤتمر مدريد للسلام (1991)، برغم معارضته له.
أما في عهد الرئيسين الديمقراطيين باراك أوباما وجو بايدن فقد اتسمت علاقات إسرائيل والولايات المتحدة بالتوتر والجفاء، لأسباب شخصية وسياسية، علما بأن ذلك لم يؤثّر على العلاقة الوطيدة بين البلدين، ولا على الدعم الأميركي اللامحدود لإسرائيل، رغم أن نتنياهو تجرّأ بنقل خلافاته معهما إلى الكونغرس الأميركي، الذي ألقى فيه خطابا، ثلاث مرات، اثنتان في عهد أوباما (2011، و2015) والثالثة في عهد بايدن (2024). ثمة رابعة في عهد كلينتون (1996 لكنها كانت وفاقية).
وكانت الخلافات بين أوباما ونتنياهو قد تمحورت حول قضايا الاستيطان ومفاوضات السلام مع الفلسطينيين، والاتفاق النووي مع إيران (2015). أما في عهد بايدن فقد تمحور الخلاف حول القضايا الداخلية، بالاعتراض على محاولة نتنياهو، وحكومته اليمينية، القومية والدينية المتطرفة، تغيير طبيعة إسرائيل، من كونها دولة ليبرالية ديمقراطية (لمواطنيها اليهود) إلى كونها دولة يهودية، دينية و"قومية"، وفك ارتباطها بالقيم الغربية (الديمقراطية والليبرالية والحداثية)، وتقويض السلطة القضائية فيها، رغم أن إدارة بايدن منحت إسرائيل، أكثر بكثير مما منحها أي رئيس سابق، سياسيا وعسكريا وماليا، وبخاصة دعمها حرب الإبادة التي شنتها على الفلسطينيين في قطاع غزة.