منذ أوائل شهر مارس/آذار المنصرم، وبعد دعوة زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان مقاتلي حزبه إلى التخلي عن الكفاح المسلح وتفكيك ما بحوزتهم من تنظيمات وبنى عسكرية، والانخراط في عملية سلام تبتغي بناء "الدولة والمجتمع الديمقراطي" كأساس لحل المسألة الكردية في تركيا، صارت الجمعيات الدينية والتنظيمات المدنية العلوية في تركيا تنظم ذاتها وتؤطر مطالبها السياسية والدينية والخدمية، معتبرة أن "القضية العلوية" في تركيا لا تقل حساسية وأهمية عن نظيرتها الكردية. فتنظيمات كبرى مثل اتحاد الجمعيات العلوية الديمقراطية (DAD) واتحاد البكتاشية العلوية (ABF)، أعلنوا تأييدهم لدعوة أوجلان، وطالبوا الحكومة والأحزاب السياسية بأن تكون تلك فاتحة لحل جميع قضايا البلاد، وعلى رأسها "القضية العلوية"، حسب تعبيرهم.
بمستويات مختلفة، لا يصنف ولا يُعرّف العلويون في تركيا أنفسهم بوصفهم عقيدة دينية فحسب، بل بوصفهم "شعبا"، أو "جماعة متمايزة" على الأقل، ضمن الكل التركي، ذات هوية وذاكرة وأواصر تضامن وتطلعات موحدة. لكن أهم ما يعتبره العلويون سببا لتكاتفهم الداخلي و"كفاحهم" المشترك هو شعورهم المشترك بانتهاك حقوقهم واستبعادهم المستدام من مراكز السلطة والقرار، وإهمال مناطقهم وعدم الاستجابة لمطالبهم التاريخية، وفوق ذلك ارتُكب الكثير من المجازر بحقهم خلال مراحل مختلفة من تاريخ تركيا الحديث، جراء هويتهم العلوية.
يُقدر تعداد العلويين في تركيا بقرابة 15 مليون نسمة، ويتوزعون في مختلف مناطق البلاد، تحديدا في الهضاب الوسطى والجنوبية، ويتوزعون على كافة الجماعات العرقية، الأتراك والأكراد والعرب. ويشكك العلويون على الدوام بـ"حيادية الدولة" المُدعاة عبر النظام العلماني، ويصرون على أن النواة الصلبة للنظام الحاكم محتكرة بيد أبناء جماعة أهلية بذاتها "الأتراك المسلمون السُنة الأناضوليون"، ومؤسسات الدولة ومواثيقها وأنظمتها العامة تعمل حسب الإرادة العامة لتلك النواة، ما يُهمش العلويين ويُعرضهم لضغوط مستدامة، خصوصا خلال سنوات حُكم الأحزاب اليمينية/الإسلامية.