الاجتياح البري الإسرائيلي... إخلاء مدينة غزة من سكانها تحت النار

لا مفر من خطر الموت بادعاء ملاحقة "حماس"

رويترز
رويترز
دبابات ومدرعات إسرائيلية على الحدود أثناء التأهب للغزو البري لمدينة غزة، 16 سبتمبر

الاجتياح البري الإسرائيلي... إخلاء مدينة غزة من سكانها تحت النار

في ظل تحركات الولايات المتحدة الأميركية الأخيرة، ومحاولة الرئيس دونالد ترمب دفع عملية المفاوضات بين حركة "حماس" وإسرائيل للأمام وإتمام صفقة تبادل للأسرى تشمل كافة المحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، عقب محاولة إسرائيل اغتيال الوفد المفاوض لـ"حماس" في العاصمة القطرية يوم 9 سبتمبر/أيلول، وبعد ساعات من زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لإسرائيل قبل زيارته إلى قطر، بدأ الجيش الإسرائيلي في شن هجوم بري وجوي مكثف على غزة في إطار توسعة العملية البرية وإجبار الغزيين على الإخلاء الكامل بذريعة القضاء على البنية التحتية لـ"حماس" وإجبارها على القبول بصفقة التبادل.

وجاء القرار الإسرائيلي، بعد اجتماع حكومي تخللته مشادات بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس أركان الجيش إيال زامير، اضطر فيها الأخير للإذعان وتنفيذ الأوامر بتوجيه ضربات صاروخية ومدفعية مكثفة وبشكل متتالٍ على المربعات السكنية فوق رؤوس المدنيين ما خلف أعدادا كبيرة من الضحايا غالبيتهم ما زالوا تحت الأنقاض دون قدرة طواقم الإنقاذ على انتشالهم بسبب محدودية الإمكانيات وكثافة القصف.

ومع القرار الإسرائيلي وتنفيذ الجيش عمليات قصف متتالية لمنازل مأهولة بالمدنيين دون تحذير مُسبق أو مطالبتهم بالإخلاء الفوري عبر اتصال هاتفي يجريه الجيش مع المواطنين داخل المنازل التي ينوي استهدافها أو جيرانهم، تفاخر وزير الدفاع الإسرائيلي اليميني المتطرف يسرائيل كاتس في تغريدة على منصة "إكس"، قال فيها "غزة تحترق، الجيش يضرب بقبضة من حديد البنية التحتية للإرهاب وجنودنا يقاتلون لتهيئة الظروف لإطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس"، مؤكدا أنه لا تراجع عن الاستمرار في عملية التدمير وإحراق المدينة.

ويبدو أن الولايات المتحدة تعمل في الوقت الحالي عبر مسارين، الأول من خلال دولة قطر كوسيط لإتمام عملية التفاوض حول صفقة تبادل أسرى شاملة كان قد استلمها قادة "حماس" عبر وسطاء قبل أيام معدودة من محاولة إسرائيل الفاشلة لاغتيالهم في قطر، والثاني مع إسرائيل لممارسة ضغط عسكري أكبر وأشد على المواطنين في غزة.

كون الهدف الأميركي الأخير في الحالتين، هو إجبار قيادات حركة "حماس" القبول بالتخلي عن الحكم والسلاح في غزة، وتسليم كافة الأسرى الإسرائيليين دون فرضها أي شروط حول الانسحاب الإسرائيلي من داخل المدن أو مشاركتها في مستقبل القطاع، الأمر الذي لا زالت الحركة ترفضه عبر تصريحات قادتها على وسائل الإعلام وفي بياناتها المتكررة.

نازحون فلسطينيون في طريقهم إلى جنوبي القطاع، 16 سبتمبر

مزيد من القتل والتدمير

بعد أسابيع قليلة من تدمير الأبراج والمباني السكنية بقصفها المباشر جوا وتفجير مربعات سكنية واسعة بالروبوتات المتفجرة، وإجبار المواطنين بغزة على النزوح قسرا ودفعهم نحو الشريط الساحلي غرب المدينة، بعد رفضهم الانصياع لأوامر الإخلاء القسري نحو جنوب القطاع، دفعت إسرائيل بتعزيزات عسكرية برية إسرائيلية بالتزامن مع تصعيد قصف واستهداف المنازل والمباني وقتل المدنيين دون تحذير بهدف زيادة الضغط على المواطنين بالتخويف ووضعهم أمام خيارين.

الأول، يتمثل في القتل بالقصف المباشر، أما الثاني فهو النزوح قسرا تحت النار باتجاه جنوب القطاع والذي قد يؤدي إلى مقتلهم أيضا نتيجة استمرار القصف في كل مكان مستهدفا المباني والمنازل والشوارع وحتى تجمعات المواطنين، أي إنه لا مفر من خطر الموت بادعاء ملاحقة "حماس" وتدمير بنيتها التحتية، حيث يتمثل الهدف الأساسي في ممارسة الضغط على الغزيين ودفعهم للصراخ ومطالبة "حماس" وقادتها بالتسليم والانصياع للأوامر الأميركية الإسرائيلية دون فرض شروطها نتيجة ما يتعرضون له من قتل وتهجير.

اضطر المئات من المواطنين في مختلف مناطق وأحياء مدينة غزة، للهرب تحت النار ومحاولة الخروج من منازلهم ومناطق نزوحهم بعد اشتداد القصف الإسرائيلي

واضطر المئات من المواطنين في مختلف مناطق وأحياء مدينة غزة، للهرب تحت النار ومحاولة الخروج من منازلهم ومناطق نزوحهم بعد اشتداد القصف الإسرائيلي، فيما لا يزال المئات محاصرين داخل منازلهم دون القدرة على الخروج بسبب إطلاق النار من الدبابات والطائرات المسيرة باتجاههم، ما يعني أن الجيش الإسرائيلي ينفذ أوامر قيادته العسكرية والسياسية التي تقضي بارتكاب المزيد من المجازر وصلاحيات ممارسة القتل دون محاسبة أو عقاب حتى للعائلات التي قررت النزوح هربا من الموت.

محوران رئيسيان

خلال الأيام والأسابيع القادمة، ستتصاعد عمليات القتل وارتكاب الجيش الإسرائيلي عشرات المجازر في غزة مع المزيد من التدمير الذي سيرافقه تقدم القوات البرية الإسرائيلي من محورين أساسيين، الأول، من حي الشيخ رضوان شمال غزة وباتجاه المناطق الغربية لإحكام السيطرة على المناطق الشمالية الغربية، والمحور الثاني، من حي الزيتون مرورا بمنطقة شارع 8 باتجاه الغرب وحي تل الهوا الموازي لمحور نتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، في إطار المزيد من تكثيف القصف المدفعي لدفع المواطنين إلى النزوح من المدينة ومحاصرة من تبقى في حي الرمال والنصر وخيم الشاطئ للاجئين ومنطقة الميناء البحري وسط غزة وحتى غربها.

ولم تؤدِ تحذيرات "حماس" لإسرائيل بالخطر الذي قد يطال حياة الأسرى إلى تراجع عسكري أو مرونة سياسية، بل المزيد من التهديدات والوعيد والتعنت وتجاهل المخاطر التي حذرّ منها قادة الجيش الإسرائيلي وكذلك أهالي وعائلات الأسرى الإسرائيليون، مطالبين نتنياهو بوقف الحرب واستعادة أبنائهم أحياء لا جثثا، فيما يصر وزراء اليمين المتطرف على المضي في حرب الإبادة الجماعية بذريعة محاربة "حماس" وإصدار وعود للمستوطنين بإنشاء مستوطنات على أرض غزة في المراحل القادمة، والتهديد بتحويل مدينة غزة وشمال القطاع إلى مناطق خالية من السكان كما فعل الجيش خلال الأشهر الماضية في مدينة رفح والنصف الشرقي لمدينة خانيونس جنوب القطاع.

font change

مقالات ذات صلة