تجتاز فرنسا منعطفا دقيقا بعد سقوط حكومة فرانسوا بايرو، مما ينذر بحلول "الخريف السياسي" في الولاية الثانية للرئيس إيمانويل ماكرون قبل بدء فصل الخريف. ويمكن أن تطال العواقب ماكرون الذي استبعد حل الجمعية الوطنية كما فعل في 2024، واكتفى بتكليف وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو تأليف الحكومة الجديدة، عله ينجح في مهمة شائكة نظرا لميزان القوى السياسي داخل البرلمان.
تحتدم في موازاة الأزمة السياسية أزمة اقتصادية-اجتماعية تمخض عنها احتجاجات في العاشر من سبتمبر/أيلول ودعوات للإضرابات في الثامن عشر منه، مما يذكر بحركات "السترات الصفراء" التي دمغت بدايات العهد الماكروني.
تتلازم هذه التحديات الداخلية مع وضع إقليمي ودولي دقيق، نتيجة انخراط فرنسا في دعم أوكرانيا ودورها في مؤتمر "حل الدولتين" والتوتر مع إسرائيل. ولذلك تنصب الأنظار على قدرة هذا البلد المركزي في الاتحاد الأوروبي على التصدي لهذه التحديات والحفاظ على استقراره المؤسسي في الداخل وعلى دوره الحيوي في الخارج.
دوافع الاضطراب السياسي
لأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة، يتم إسقاط حكومة بتصويت على الثقة: 364 نائبا معارضا، و194 مؤيدا، في صفوف الجمعية الوطنية المزدحمة. هكذا رفضت أغلبية ساحقة من النواب تصويت الثقة الذي طلبه رئيس الوزراء. وكان هذا إذلالا إضافيا، بعد أشهر من النكسة تلو الأخرى في البرلمان.
إن فشل الحكومة في تمرير خطط إصلاحية واقعية، مقابل معارضة تقدم بدائل مثيرة للجدل، يجعل مستقبل فرنسا مفتوحا على سيناريوهات خطيرة، من سقوط حكومة بايرو في سابقة ذات عواقب على الاستقرار المؤسسي، إلى اهتزاز موقع ماكرون نفسه. وبين الضغوط الداخلية والتداعيات الأوروبية، قد تجد باريس نفسها أمام لحظة حاسمة تحدد ما إذا كانت ستظل ركيزة أساسية في الاتحاد الأوروبي أم ستتحول إلى نقطة ضعف تهدد استقراره.
يبدو أن فرنسا على موعد مع خريف ساخن ومسلسل طويل من الغضب العارم بسبب إجراءات الحكومة التقشفية ومخاطر الدخول في مرحلة من التوتر الاجتماعي والسياسي.