لا شك أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ إعادة انتخابه ودخوله البيت الأبيض وضع في صلب اهتمامه كرجل أعمال، الجانب الاقتصادي بعنصره التجاري المالي، فشهد العالم الحملة التي بدأ في شنها بزيادة الرسوم الجمركية، وأحيانا مضاعفتها، على البضائع التي تدخل إلى الولايات المتحدة، مركزا على الصين العملاق الاقتصادي الصاعد التي يعتبرها ترمب الخطر الأول الذي تواجهه أميركا، فيما أعلن أنه سينهي كل الحروب الإقليمية والثنائية خلال أيام، والتي لا يزال يتخبط إلى اليوم في محاولة حلها. وإذ بأزمات جديدة تشتعل هنا وهناك مع أوروبا وفيها، وأحد أهدافها هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سواء في فرنسا نفسها أم عبر إيطاليا. والصراع مع السلطة الفرنسية، وتحديدا مع رئيسها، تبين أن ترمب نفسه ليس بعيدا عنه بعد أن فجر سفيره في باريس أزمة حول العداء للسامية.
وترافقت هذه الأزمة مع شبيهة لها اشتعلت في إيطاليا على خلفية الموقف من الحرب في أوكرانيا. وهكذا، بدل أن تنطفئ الحروب والمواجهات يبدو أنها تزداد اشتعالا سواء على الصعيد السياسي أو على صعيد العلاقات مع أوروبا التي لم يظهر الرئيس الأميركي منذ انتخابه أي اهتمام خاص في تطوير علاقات أميركا معها، لا بل يعمل على ما يبدو على تأجيج الخلافات بين الدول الأوروبية، بدءا من الاجتماع الشهير الذي عقد في البيت الأبيض في 18 أغسطس/آب الماضي حول أوكرانيا وشارك فيه الرئيس الأوكراني زيلينسكي مع عدد من الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وفنلندا.
سفير أميركا في فرنسا الذي عين قبل أكثر من شهر هو اليهودي شارل كوشنير والد صهر ترمب جاريد كوشنير، رجل الأعمال الذي عينه ترمب عام 2017 كبير مستشاريه خلال ولايته الأولى، وحمله ملف الشرق الأوسط. وفي الولاية الثانية لم يبد له أثر وإذا به يعود منذ نحو أسبوعين ليشارك في اجتماع مع ترمب ووزير خارجيته، وتمت دعوة رئيس الحكومة البريطاني الأسبق توني بلير بصفته كان رئيسا لرباعية الشرق الأوسط، وذلك لبحث "اليوم التالي لما بعد الحل النهائي" للحرب على غزة.