الصحافة الإيرانية... هجوم على خطة ترمب

"استبدال الاحتلال المباشر بالاحتلال غير المباشر"

"المجلة"
"المجلة"

الصحافة الإيرانية... هجوم على خطة ترمب

تناولت الصحافة الإيرانية بإسهاب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وتحويل القطاع الفلسطيني إلى منطقة خالية من السلاح، مع توفير آلية انتقالية للحكم بضمانات دولية وإقليمية، تحت إشراف مباشر من الرئيس ترمب، الذي سيرأس هيئة دولية، لمتابعة تنفيذ الخطة تحت اسم "مجلس السلام". ونحت الصحافة الإيرانية منحىً هجوميا ضدّ خطة ترمب، والتي حظيت بموافقة غالبية الدول العربية والإسلامية في المنطقة. ورأى الكتاب الإيرانيون أن الخطة "تستبدل الاحتلال المباشر بالاحتلال غير المباشر"، في إشارة إلى الهيئة الدولية، التي ستضع الخطة موضع التنفيذ، كما شنوا هجوما لاذعا على رئيس الحكومة البريطانية السابق توني بلير، الذي كان له دور رئيس في وضع الخطة، كما سيكون الشخصية الأبرز في "مجلس السلام". كذلك اعتبرت الصحافة الإيرانية أن "خطة ترمب تلبي طموحات إسرائيل، التي عجزت عن تحقيقها من خلال الحرب"، مع تلويح بأنها "مرحلة أولى من مراحل تحقيق استراتيجية إسرائيل الكبرى"، وكل ذلك يتضمن دعوة ضمنية لـ"حماس" برفض الخطة.

هذه الخطة تعطي حرية العمل لإسرائيل، كما أنها استراتيجية الحد الأقصى من الاحتواء بشأن الفصائل الفلسطينية

صحيفة "همشهري" التابعة لبلدية طهران

ونشرت صحيفة "همشهري" التابعة لبلدية طهران، تقريرا بعنوان "تحديات خطة ترمب حول غزة" في عددها الصادر في30 سبتمبر/أيلول بقلم خبير الشؤون الدولية محمد علي صنوبري. ويقول التقرير إن "جوهر هذه الخطة نزع السلاح في غزة، ومنع أي فصيل فلسطيني من المشاركة في إدارة غزة، مما يعني أن ملف الفصائل الفلسطينية التي تمكنت من الصمود، بعد طوفان الأقصى وحتى الآن يصبح ملفا أمنيا، وأن إسرائيل ستتمكن من خلال اتفاق سياسي، من تدمير ما لم تتمكن من تدميره خلال الحرب"، معتبرا أنّ "أي خطة تضع ضمان أمن إسرائيل كهدف أساسي هي أداة لاستمرار الاحتلال وليس لإنهائه".

أ ف ب
رجل ينظر إلى صحيفة يومية إيرانية تعرض صورة لمبانٍ متضررة في إسرائيل، في أحد أكشاك بيع الصحف في طهران في 15 يونيو 2025

ورأى أن "حضور توني بلير بسجله الإجرامي في العراق، ومسؤوليته عن دماء ملايين المواطنين العراقيين الأبرياء في مجلس السلام، خير دليل على طابعه المناهض لإرادة الشعب الفلسطيني"، لافتا إلى أن "الانسحاب التدريجي للجيش الإسرائيلي، دون أن يكون هناك التزام حقيقي بإقامة الدولة الفلسطينية، شكل من أشكال إدارة الاحتلال، وهذا ما حصل بالضبط في اتفاق أوسلو: الأمن للكيان الصهيوني والوعود المبهمة للفلسطينيين".

وأضاف: "تعني مشاركة قوة دولية في توفير الأمن في غزة، استبدال الاحتلال المباشر بالاحتلال غير المباشر، لأن القوة الدولية ستقوم بمهمة الجيش الإسرائيلي، وهي قمع أية حركة احتجاجية، وأي محاولة من قبل الفصائل للدفاع عن الشعب والأرض".

وكتب حنيف غفاري مقالا بعنوان "كيف يمكن تفسير خطة الـ21 بندا (علما أنها نشرت في نسختها النهائية في ٢٠ بندا) لترمب حول غزة"؟ في صحيفة "رسالة" في عددها الصادر أول أكتوبر/تشرين الأول. ويرى كاتب المقال أن "خطة ترامب المكونة من 21 بندا، ترجمت أهداف نتنياهو المعلنة في بدايات حرب غزة، وبالتالي قام الرئيس الأميركي بوضع أهداف رئيس وزراء إسرائيل وحكومته حول غزة في إطار نظري"، مشيرا إلى أن "هذه الخطة تعطي حرية العمل لإسرائيل، كما أنها استراتيجية الحد الأقصى من الاحتواء بشأن الفصائل الفلسطينية".

ملخص خطة ترمب: امتلاك غزة، وتدمير "حماس" من خلال استخدام كلمة مرور وقف إطلاق النار

صحيفة "كيهان"

وأضافت "رسالة" أن "خطة ترمب تتطابق مع أهداف نتنياهو الذي فشل خلال حربه على غزة في تحقيق أي شيء ملموس، بسبب القدرات اللوجستية والمهارات الميدانية للفلسطينيين"، لافتة إلى أن "نتنياهو قد وصل إلى طريق مسدود، وهو عاجز تماما، فلذا جاءت خطة ترمب بمثابة تنفس اصطناعي للجلاد الإسرائيلي في قطاع غزة".

وتابعت: "لقد وضع ترمب في خطته شرطا مسبقا، وهو الإفراج عن الأسرى الصهاينة، وإذا حصل ذلك ستفقد المقاومة ورقتها في الحرب مع إسرائيل. يريد ترمب أن يسوّق خطته، وكأنها خطة سلام عظيمة وهذا قد يكون مغريا، ولكنه في جوهره يكرس احتلال غزة، ويعتبر امتدادا لأهداف رئيس وزراء إسرائيل، وبالتالي فإن خطة ترمب غير مجدية، كما أن دعم نتنياهو لخطته يشير إلى أنه عاجز عن الوصول للأهداف الميدانية في حرب غزة".

رويترز
مناورات مركبة عسكرية على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع غزة، في إسرائيل، 23 سبتمبر 2025

وقالت صحيفة "كيهان" التي يعين مرشد الثورة رئيس تحريرها، في عددها الصادر 30 سبتمبر/أيلول في تقرير بعنوان "خطة امتلاك غزة وكلمة المرور وقف إطلاق النار"، بأن "ملخص خطة ترمب: امتلاك غزة، وتدمير (حماس) من خلال استخدام كلمة مرور وقف إطلاق النار. وهي أهداف لم يحصل ترمب ونتنياهو عليها خلال الحرب، وسفك الدمار والمجازر بحق سكان غزة".

وأضافت الصحيفة أن "الخطة تحتوي على بنود مبهمة وغير معلومة، حول كيفية إدارة غزة وإقامة الدولة الفلسطينية، وانسحاب الاحتلال من غزة، كما تفتقر إلى آليات تنفيذية لتشكيل لجنة فلسطينية من التكنوقراط، وشخصيات غير حزبية لإدارة غزة". وسألت: "كيف يتم اختيار أعضاء هذه اللجنة؟ وما طبيعة العلاقة بين هذه اللجنة، ومجلس السلام برئاسة ترمب وبعضوية توني بلير؟ وهل من دور للسلطة الفلسطينية في كل هذا؟".

الخطة تتجاهل كليا أصحاب الحق، أي الشعب الفلسطيني، الذي يجب أن يختار هو من يحكمه

موقع "خبر أونلاين"

ورأى الأستاذ الجامعي والخبير في الشؤون الإسرائيلية هادي برهاني خلال حوار مع موقع "خبر أونلاين" بأن "ترمب يسعى من خلال خطته حول غزة، إلى احتواء الموجة العالمية المناهضة لإسرائيل والتي يمكن تسميتها انتفاضة عالمية ضد الإجرام الإسرائيلي". وأضاف برهاني أن "الدول العربية كانت مضطرة لقبول خطة ترمب لإنهاء العنف والجرائم الإسرائيلية في غزة، ولكنها لا توافق على كل مفاد الخطة بالضرورة"، وتابع: "لا جدول زمنيا للانسحاب الإسرائيلي من غزة، وهذا الانسحاب مرهون بنزع سلاح (حماس). هذه مشكلة لأنه لا أحد يستطيع أن يجبر (حماس) على نزع سلاحها ما دام الاحتلال موجودا".

واعتبر أن "الخطة تتجاهل كليا أصحاب الحق، أي الشعب الفلسطيني، الذي يجب أن يختار هو من يحكمه". من جهته رأى السفير الإيراني الأسبق في الأردن مصطفى مصلح زاده في مقال له في صحيفة "جام جم" في أول أكتوبر/تشرين الأول بأن خطة ترمب حول غزة هي "خطة خداع استراتيجي". ويعتبر الكاتب أن "الهدف الرئيس لإسرائيل هو ضم غزة والضفة الغربية، وأجزاء من الأردن وسوريا ولبنان وحتى العراق"، معتبرا أن "إسرائيل تحتاج إلى تنفيذ هذه الخطة الكبيرة على مراحل: المرحلة الأولى هي غزة والضفة الغربية لأن إسرائيل تحتاج إلى ضم هاتين المنطقتين، قبل أن تبدأ المراحل التالية، ولهذا التركيز الآن على غزة كما أن إسرائيل تنفذ خطة مشابهة في الضفة الغربية من خلال بناء مستوطنات، وفصلها إلى جزءين والهدف واضح وهو ضم الضفة الغربية بشكل تدريجي".

خطة ترمب تمهد لتحقيق استراتيجية إسرائيل الكبرى

موقع "خبر أونلاين"

وأضاف: "يعتقد البعض أن إسرائيل تخلت عن فكرة ضم غزة، وهناك أمل في إقامة الدولة الفلسطينية وهذا مكمن الخداع، لأن خطة ترمب لا تمهد لإقامة الدولة الفلسطينية، بل إنها تقصى الفصائل بشكل كامل عن غزة، التي يجب أن تكون منزوعة السلاح بهدف دمجها في الخطة الكبرى".

وتابع: "لا شيء يردع إسرائيل عن احتلال غزة بشكل كامل، إذا تم نزع سلاح (حماس) وخروجها من غزة. ويأتي الدور بعدها على الضفة الغربية، والتي يتم القضاء على الفصائل هناك وتهجير أهلها أو ضمها إلى إسرائيل دون مقاومة تذكر"، مشيرا إلى أن "هناك تطورين رئيسين في خطة ترمب: القضاء على المقاومة في غزة والضفة الغربية، وإقامة الدولة التي ليست فلسطينية، لأن هذه الدولة ستكون دون صلاحيات، ويتم نزع الهوية الفلسطينية منها".

وختم: "بناء عليه فإن خطة ترمب تمهد لتحقيق استراتيجية إسرائيل الكبرى".

font change

مقالات ذات صلة