لم تشهد معظم اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إثارة تضاهي تلك التي شهدها عام 2025. وكعادته، تصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عناوين الصحف بخطابه المطول والمشاكس الذي امتد لما يقارب الساعة. ومن بين أكثر تصريحاته صدمة، ضمن قائمة طويلة من العبارات التي أذهلت جمهوره، انتقاده لحلفائه، خاصة في أوروبا الغربية وبريطانيا، قائلا إنهم "في ورطة حقيقية" و"سوف يفشلون" بسبب الهجرة وتبنيهم للطاقة الخضراء. وبينما شهدت الأشهر الثمانية الأولى من ولاية ترمب الثانية توترات حادة في العلاقات عبر الأطلسي، غادر المندوبون القاعة متسائلين عما إذا كان التحالف الغربي نفسه يمر بورطة فعلية.
بدت الخلافات المتزايدة داخل التحالف أوضح في غزة منها في أي مكان آخر، إذ شكّلت محور النقاش الرئيس للجمعية العامة للأمم المتحدة. وتفادى عشرات المندوبين الاستماع إلى خطاب بنيامين نتنياهو، حيث غادروا القاعة قبل صعوده إلى المنصة، بعدما اتهم القادة الأجانب الذين انتقدوه بالخضوع لضغوط "وسائل إعلام متحيزة، ودوائر انتخابية إسلامية متطرفة، وجماهير معادية للسامية". جاء ذلك في أعقاب اعتراف عدد من الحكومات الغربية، وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، بدولة فلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة، وهو ما أثار غضب إسرائيل، وأدى إلى أوضح تباين في الموقف الأميركي منذ بداية حرب غزة. تُرى، ما مدى أهمية هذه الخلافات الجديدة داخل التحالف الغربي بشأن فلسطين؟ وهل تظل خلافات شكلية، أم أنها تمثل بداية لتحول في علاقات تشهد بالفعل توترا متزايدا؟
أين يكمن الخط الفاصل؟
الخلافات بين الحلفاء الغربيين بشأن غزة ليست جديدة. فطوال فترة الصراع، واصلت الولايات المتحدة دعمها الثابت لإسرائيل وحمايتها من الانتقادات، في وقت ارتفعت فيه حدة الإدانات الصادرة عن حلفاء واشنطن تدريجيا. فرضت كل من إيطاليا وإسبانيا واليابان وكندا حظرا على تصدير الأسلحة، فيما علقت المملكة المتحدة 30 من أصل 350 ترخيصا لتصدير الأسلحة، وفرضت عقوبات على وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف. ورغم رمزيته الكبيرة، خاصة للفلسطينيين، يمكن النظر إلى اعتراف بعض الحكومات الغربية بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول باعتباره نصرا إضافيا.