لم تُصدر القاهرة إدانة صريحة لحركة "حماس"، بل قدّمت الهجمات على أنها رد فلسطيني على السياسات الإسرائيلية العدوانية تجاه الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وفي أول تعليق رسمي في اليوم ذاته، وصفت وزارة الخارجية المصرية ما جرى بأنه "رد فلسطيني" على الانتهاكات الإسرائيلية، في موقف يعكس إلى حد ما تعاطف مصر مع القضية الفلسطينية، دون أن يعني ذلك تأييدها لأساليب "حماس" أو للانزلاق نحو التصعيد، استنادا إلى تجارب الحروب السابقة بين غزة وإسرائيل.
لم تنبع معارضة مصر للتصعيد من موقف أخلاقي رافض للمقاومة الفلسطينية، بل من اعتبارات واقعية وحسابات برغماتية. وقد تجلّى ذلك في في تحذيراتها المسبقة لإسرائيل بشأن احتمال تنفيذ "حماس" عملية عسكرية، وهي تحذيرات أكّدتها مصادر مصرية وأميركية، رغم نفي مسؤولين إسرائيليين، في إشارة إلى الجهود التي بذلتها مصر مسبقا لتفادي اندلاع التصعيد.
وتكمن وراء رغبة مصر في تفادي المواجهة مخاوف عميقة من اتساع رقعة الصراع، تحرّكها اعتبارات أمنية وأيديولوجية واقتصادية واستراتيجية.
المخاوف الأمنية
عبّرت مصر مرارا عن قلقها من التصعيد وما قد يترتب عليه من زعزعة لاستقرار المنطقة وتداعيات إنسانية جسيمة.
وفي خضم هذه المخاوف، خشيت القاهرة بشكل خاص من الانزلاق إلى قلب الصراع، بما يحمله ذلك من تهديد مباشر لأمنها، لا سيما في شبه جزيرة سيناء، التي تتاخم كلا من قطاع غزة وإسرائيل. وتُبدي مصر قلقا بالغا إزاء احتمال امتداد الصراع إلى داخل أراضيها.
وقد تحققت هذه المخاوف مع اندلاع هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، التي فجّرت ردا عسكريا إسرائيليا واسع النطاق أودى بحياة نحو 70 ألفا من سكان غزة، ودمّر معظم أرجاء القطاع، وشرّد ما يقارب 2.3 مليون فلسطيني داخليا حتى الآن، فاتحا الباب أمام خطر تهجيرهم خارج غزة.
وقد رفضت القاهرة مرارا أي سيناريو للتهجير الجماعي نحو سيناء، واعتبرته تهديدا صريحا لأمنها القومي.
وحذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مرارا من أن تدفقا سكانيا بهذا الحجم قد يزعزع استقرار بلاده، التي تواجه أصلا أزمات اقتصادية وأمنية معقدة.
كما عبّر السيسي عن خشيته من أن يؤدي التهجير إلى تقويض معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1979.

