الإغلاق الحكومي الأميركي... صراع السياسة يخنق الاقتصاد

فرصة لترمب لتنفيذ أجندته وطرد موظفين والاقفال يكلّف الاقتصاد 15 مليار دولار أسبوعيا

المجلة
المجلة

الإغلاق الحكومي الأميركي... صراع السياسة يخنق الاقتصاد

تصدر الموازنة الفيديرالية في الولايات المتحدة سنويا، لتحدد الإطار العام للجباية والإنفاق للسنة المالية التي تبدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول وتنتهي في 30 سبتمبر/أيلول من العام التالي. يعقب ذلك إقرار 12 مشروع "قانون مخصصات" تفصل مبالغ الإنفاق التقديري لكل وكالة وبرنامج حكومي.

جاء دعم التأمين الصحي الفيديرالي هذه السنة بموجب قانون الرعاية الصحية الميسرة، المعروف بـ"أوباما كير"، في صلب الخلافات. تنتهي صلاحية هذه المساعدة، التي يعتمد عليها أكثر من 24 مليون أميركي، في 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ويعتبر الديمقراطيون تجديدها أولوية أساسية، خشية أن يؤدي الإخفاق إلى مضاعفة أقساط التأمين الصحي. من جانبهم، يسعى الجمهوريون إلى فصل هذه القضية عن مفاوضات الموازنة، بحجة إمكان مناقشتها لاحقا، مع السعي لخفض تمويل الرعاية الطبية المجانية للمهاجرين.

مواجهات الموازنة شائعة في الساحة السياسية الأميركية، إلا أن المعركة الأخيرة حول الإنفاق اتسمت بخصوصية هذه السنة، بعد أن قضى الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأشهر التسعة الماضية في تقليص حجم الحكومة الوطنية بشكل كبير.

أطول إغلاق مسجل كان 35 يوما خلال ولاية ترمب الأولى، بسبب الخلاف على التمويل الفيديرالي للجدار الحدودي مع المكسيك

وعلى الرغم من أن الحزب الجمهوري يتمتع بغالبية في المجلسين (53 من أصل 100 مقعد في مجلس الشيوخ، و219 من أصل 435 في مجلس النواب)، إلا أن هذه الغالبية لا تكفي لإقرار الموازنة، إذ يحتاج الجمهوريون إلى إقناع سبعة ديمقراطيين في مجلس الشيوخ للحصول على الأصوات الستين اللازمة لتمرير مشروع القانون، مما يمنح الديمقراطيين فرصة للمناورة والتفاوض.

أسفر عدم التوافق هذه السنة عن إغلاق حكومي موقت، جمد بموجبه صرف الأموال اللازمة لتنفيذ السياسات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة التنفيذية، عملا بقانون مكافحة العجز لعام 1884، الصادر بموجب المادة الأولى من الدستور، التي تنص في القسم 9 على أن: "لا يجوز صرف أي أموال من الخزانة إلا من خلال الاعتمادات التي ينص عليها القانون". ومن المرجح أن يكون التوصل إلى حل قريب صعبا هذه المرة، إذ يرفض كل طرف مقترحات الطرف الآخر، مما قد يجر البلاد إلى أزمة أعمق مقارنة بالأزمات السابقة.

الإغلاق الحكومي الناجم عن عدم التوصل إلى اتفاق على الموازنة الفيديرالية ليس جديدا، فقد حصل 20 مرة منذ السبعينيات، وكان الأول عام 1976. واستمر الإغلاق في عهود الرؤساء الجمهوريين لمدة 62 يوما، مقارنة بـ 98 يوما في عهود الرؤساء الديمقراطيين، وغالبا ما استخدم استراتيجيا كورقة مساومة خلال التصويت على الموازنة. عادة، لا تتجاوز فترة الإغلاق اليوم إلى ثلاثة أيام، ويبلغ متوسط تعطل الخدمات ثمانية أيام.

أطول إغلاق مسجل كان 35 يوما خلال ولاية ترمب الأولى، بسبب الخلاف على التمويل الفيديرالي للجدار الحدودي مع المكسيك. وارتبطت معظم عمليات الإغلاق الحكومي بقضايا مالية، مثل الإنفاق والعجز والحاجة إلى موازنة متوازنة، لكن منذ بداية ولاية ترمب الأولى، ارتبط الإغلاق أيضا بقضايا اجتماعية، بما في ذلك الهجرة والرعاية الصحية.

يختلف الإغلاق الناتج من عدم الاتفاق على الموازنة عن الإغلاق الذي يحدث عند بلوغ سقف الدين الفيديرالي وعدم التوصل إلى اتفاق على رفعه، إذ يكون الوضع في هذه الحالة أكثر تعقيدا، مع خطر حدوث "تخلف فني" عن السداد للحكومة الأميركية

ويختلف الإغلاق الناتج من عدم الاتفاق على الموازنة عن الإغلاق الذي يحدث عند بلوغ سقف الدين الفيديرالي وعدم التوصل إلى اتفاق على رفعه، إذ يكون الوضع في هذه الحالة أكثر تعقيدا، مع خطر حدوث "تخلف فني" عن السداد للحكومة الأميركية.

سلاح سياسي لترمب

تحول إغلاق الحكومة الفيديرالية إلى أداة يستخدمها السياسيون لتحقيق أهدافهم، حيث وصف الاقتصادي جوزيف ستيغليتز الإغلاق الحالي بأنه نتيجة "لحكومة أوليغارشية لا تهتم بالفقراء". من جهته، يرى ترمب في الإغلاق فرصة لمواصلة مشروعه منذ بداية ولايته، المتمثل في تفكيك البيروقراطية والحكومة الفيديرالية، من خلال تسريح موظفين من الخدمة المدنية وتطبيق خفوضات على الوكالات والبرامج الفيديرالية التي يسيطر عليها خصومه الديمقراطيين، والتي يعتبر بعضها "احتيالا سياسيا"، مما يبرر وفقا له تجميد تمويلها في الولايات التي تديرها أحزاب معارضة.

رويترز
زوار منتزه " يوسميتي" الوطني خلال الإغلاق الحكومي في كالفورنيا، 18 أكتوبر 2025

وقد صرح ترمب: "الإغلاق حصل بسبب الديمقراطيين الذين يرفضون التصويت على مشروع القانون الهادف إلى تجنب إغلاق الحكومة"، وأضاف: "يمكننا خلال الإغلاق تنفيذ إجراءات ضدهم لا رجعة فيها، مثل تسريح العديد من الموظفين وتقليص البرامج التي يفضلونها". ونجح ترمب في تحويل النقاش من التغطية الصحية إلى موضوعات أخرى، في مقدمها الهجرة، معبرا عن سعادته إزاء هذه الفرصة الاستثنائية في منشور على منصة "تروث سوشيال" قائلا: "لا أصدق أن اليساريين الديمقراطيين منحوني هذه الفرصة غير المسبوقة".

بدورها، كتبت كامالا هاريس، المرشحة الرئاسية السابقة عن الحزب الديمقراطي، على منصة "إكس" أن الجمهوريين هم المسيطرون على البيت الأبيض. ومجلسي الكونغرس، وبالتالي فهم المسؤولون عن الإغلاق.

يعد الموظفون الفيديراليون البالغ عددهم نحو 2,2 مليون موظف من أول المتأثرين بالإغلاق، إذ سيضطرون إلى تقليص إنفاقهم الشخصي، ويأمل البيت الأبيض تسريح نحو 10 آلاف موظف فيديرالي

وأشارت إلى أن الديمقراطيين يستفيدون من الوضع، حيث يسعون لإثبات قدرتهم أمام ناخبيهم ليس فقط على مواجهة خطط التسريح خلال الإغلاق، بل أيضا على التصدي للسياسات الاقتصادية والاجتماعية لإدارة ترمب.

الموظفون الفيديراليون ضحية الصراع

يعد الموظفون الفيديراليون البالغ عددهم نحو 2,2 مليون موظف من أول المتأثرين بالإغلاق الحكومي، إذ سيضطرون إلى تقليص إنفاقهم الشخصي. ووفقا لتقديرات مركز السياسات الحزبية، سيتوقف نحو 750 ألف موظف حكومي عن العمل مؤقتا مع تجميد رواتبهم استنادا إلى قانون صدر عام 2019، في حين سيستمر آخرون بعدد أقل بدون أجر، ويشمل ذلك مراقبي الحركة الجوية وعملاء مكتب التحقيقات الفيديرالي وموظفي صيانة شبكات الكهرباء والمستشفيات، على أن يتقاضوا مستحقاتهم بأثر رجعي عند انتهاء الإغلاق.

رويترز
موظفون في ادارات عامة يحتجون على طردهم أمام مبنى الكابيتول، في واشنطن 30 سبتمبر 2025

أما العسكريون العاملون في الخدمة الفعلية، وعددهم أكثر من 1,3 مليون فرد، فقد تم دفع رواتبهم في الموعد المحدد في 15 أكتوبر/تشرين الأول، استنادا إلى أمر تنفيذي أصدره ترمب، بهدف التخفيف مؤقتا من أي أزمة محتملة في قطاع الدفاع. وكتب ترمب على منصة "تروث سوشيال" أنه "لن يسمح للديمقراطيين باحتجاز القوات المسلحة وأمن البلاد رهينة للإغلاق الحكومي الخطير".

يأمل البيت الأبيض في تسريح نحو 10 آلاف موظف فيديرالي خلال فترة الإغلاق، خصوصا من المصنفين على أنهم "غير أساسيين"، تحت شعار القضاء على البيروقراطية. ويشمل ذلك موظفين من وزارة الخزانة ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية ودائرة الإيرادات الداخلية ووزارتي التعليم والتجارة، إضافة إلى قسم الأمن السيبراني التابع لوزارة الأمن الداخلي وغيرهم.

بالنسبة للمواطنين الأميركيين، يعني الإغلاق الحكومي تقليص الوصول إلى خدمات عامة متعددة، مثل المساعدات الغذائية والتعليم الممول اتحاديا، إضافة إلى تباطؤ في الإجراءات الإدارية

وكان مقررا تسريح 300 ألف موظف مدني فيديرالي هذا العام في إطار حملة تقليص الوظائف التي أطلقها الرئيس ترمب بعد توليه الحكم.

في المقابل، رفع عدد من نقابات موظفي الحكومة دعاوى قضائية لوقف عمليات التسريح، معتبرة إياها قرارات تعسفية. ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن القاضية سوزان إيلستون قولها إن كل شيء يشير إلى أن البيت الأبيض بات يستغل الشلل المالي، معتقدا أن "كل شيء مباح وأن القوانين لم تعد تنطبق على إدارته".

خسائر بالجملة للأميركيين

بالنسبة للمواطنين الأميركيين، يعني الإغلاق الحكومي تقليص الوصول إلى خدمات عامة متعددة، مثل المساعدات الغذائية والتعليم الممول اتحاديا، إضافة إلى تباطؤ في الإجراءات الإدارية، مما يجعل الإغلاق غير مرغوب فيه على نطاق واسع. وقد دفع ذلك المواطنين إلى تحركات وضغوط على السلطة التنفيذية والمسؤولين المنتخبين لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء الإغلاق.

رويترز
زوار منتزه " يوسميتي" الوطني خلال الإغلاق الحكومي في كالفورنيا، 18 أكتوبر 2025

وأظهر استطلاع رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن 47 في المئة من الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع يحملون الرئيس ترمب والجمهوريين مسؤولية الإغلاق، بينما يرى 30 في المئة منهم أن الديمقراطيين هم المسؤولون عن الوضع. ويخسر اقتصاد السفر الأميركي، وفقا لجمعية السفر الأميركية (USTA)، أكثر من 1,4 مليار دولار أسبوعيا منذ بدء الإغلاق، علما أن عدد المسافرين قد انخفض منذ استلام ترمب الرئاسة. ويواصل أكثر من 13 ألف مراقب للحركة الجوية في جميع أنحاء البلاد العمل دون أجر حتى نهاية الإغلاق.

أدى الإغلاق الحكومي إلى تعليق صدور تقرير سوق العمل لشهر سبتمبر/أيلول عن مكتب إحصاءات العمل، ومن المتوقع أن يستمر هذا التعليق طوال فترة الإغلاق

وذكر الرئيس والمدير التنفيذي لاتحاد السفر الأميركي جيف فريمان، أن الإغلاق "يسبب أضرارا حقيقية لا رجعة فيها"، مضيفا: "يواجه المسافرون طوابير تفتيش أطول، وتأخيرات أو إلغاءات في الرحلات الجوية في اللحظات الأخيرة. تقلص المطارات عملياتها، وتم إغلاق بعض أبراج المراقبة، وكلما طال أمد هذا الوضع، زادت وطأة التداعيات على المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة والاقتصاد الوطني. لذا يجب على الكونغرس التحرك فورا لإنهاء الإغلاق".

في المقابل، لا توجد مخاوف مماثلة في شأن الرحلات بالقطار داخل البلاد، إذ تدار قطارات "أمتراك" (Amtrak) كوكالة مستقلة.

ما هي أبرز الجهات الحكومية المتضررة؟

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة دولة لامركزية، فإن آثار الإغلاق الحكومي ظهرت بسرعة في العديد من الوكالات والإدارات، أبرزها وكالة حماية البيئة (15,166 موظفا)، مديرية التعليم (2,447)، مديرية التجارة (42,984)، مديرية العمل (12,916)، مديرية الإسكان (6,105)، مديرية الدولة (27,300)، مديرية الطاقة (13,812)، مديرية الداخلية (59,000)، مديرية الزراعة (85,907)، ومديرية الدفاع (741,477)، وفقا للمواقع الإلكترونية الرسمية لهذه الجهات.

رويترز
مبنى الإحتياطي الفيديرالي في واشنطن، 14 يونيو 2022

وشمل الإغلاق بشكل تدريجي المتاحف الوطنية، معظمها مملوك لمؤسسة "سميثسونيان"، أحد أكبر مجمعات المتاحف في العالم، إلى جانب المواقع السياحية والمعالم الأثرية وحدائق الحيوان والمتنزهات الوطنية، التي تعد من أكثر الأماكن زيارة في الولايات المتحدة، وتستقبل أكثر من 300 مليون زائر سنويا، وفقا لدائرة المتنزهات الوطنية (NPS). ويشير موقع الدائرة إلى أن "المتنزهات الوطنية ستظل متاحة قدر الإمكان خلال فترة الإغلاق الحكومي، ومع ذلك قد تكون بعض الخدمات محدودة أو غير متوفرة".

ودعت مجموعة تضم أكثر من 40 مديرا سابقا للحدائق الحكومة إلى إغلاق كامل للمتنزهات لحماية المواقع من أعمال التخريب، كما حدث خلال الإغلاق السابق بسبب غياب المراقبين، وحراس الأمن، وموظفي جمع القمامة وتنظيف دورات المياه.

غياب البيانات يربك "السياسة النقدية"

أدى الإغلاق الحكومي إلى تعليق صدور تقرير سوق العمل لشهر سبتمبر/أيلول عن مكتب إحصاءات العمل، ومن المتوقع أن يستمر هذا التعليق طوال فترة الإغلاق. كما أعاق الإغلاق نشر الإحصاءات الاقتصادية التي تصدرها بعض الهيئات العامة الأخرى، مما أثار حالة من الضبابية لدى المستثمرين ومخاوف في شأن تقلبات أسواق الأسهم والسندات، ودفعهم مؤقتا للبحث عن بدائل لتنويع استثماراتهم، مثل اللجوء إلى الملاذات الآمنة وتوظيف تدفقات رأس المال في عملات أخرى مثل اليورو والين والفرنك السويسري، وأصول آمنة مثل الفضة والذهب، التي قفزت أسعارها سريعا منذ بدء الإغلاق. 

ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن الأسواق المالية لن تتأثر بشكل كبير بالإغلاق الحكومي المؤقت، نظرا لكون المستثمرين يميلون إلى التركيز على الاتجاهات الاقتصادية الطويلة الأجل على حساب الأزمات العابرة، في اقتصاد أميركي يبلغ حجمه 30 تريليون دولار، أي أكثر من ربع الناتج المحلي العالمي.

يقدر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن الإغلاق الحكومي يكلف الاقتصاد الوطني نحو 15 مليار دولار أسبوعيا. ويرى مصرف "جي. بي. مورغان" أن الإغلاق يقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي نحو 0,1 في المئة أسبوعيا

من جهة أخرى، تعد أرقام التوظيف والبطالة، إلى جانب مؤشرات التضخم، مؤشرات أساسية توجه السياسة النقدية. ويؤثر غياب هذه البيانات سلبا على قدرة السلطات النقدية على تحديد أسعار الفائدة، لا سيما في ظل الضغوط السياسية المستمرة لخفضها منذ تولي الرئيس ترمب السلطة، ما يرفع خطر إعادة إشعال التضخم ويؤثر بدوره على التدفقات المالية العالمية وتوجهات أسواق رأس المال الدولية.

إهدار 400 مليون دولار يوميا

يقدر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن الإغلاق الحكومي يكلف الاقتصاد الوطني نحو 15 مليار دولار أسبوعيا. من جانبه، يرى مصرف "جي. بي. مورغان" أن الإغلاق يقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي نحو 0,1 في المئة أسبوعيا.

ويشير مدير مكتب الموازنة في الكونغرس إلى أن تكلفة إيقاف نحو 750 ألف موظف فيديرالي عن العمل تصل إلى نحو 400 مليون دولار يوميا، ويؤكد أن تعليق الموازنة سيكون له أثر سلبي واضح على النمو الأميركي، إذ يقلص أسبوع واحد من الإغلاق بين 0,1 و0,2 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي السنوي، وتزداد هذه الخسارة في حال استمرار الإغلاق لشهر أو أكثر.

.أ.ف.ب
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتفقد مبنى الاحتياطي الفيدرالي خلال أعمال تجديده، واشنطن في 24 يوليو 2025

كما أن استمرار الإغلاق وغياب التقارير والمؤشرات الاقتصادية لفترة أطول سيزيد الضبابية في شأن اتجاهات الاقتصاد الأميركي، مما ينعكس سلبا على الاستثمار الأجنبي المباشر . ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض إنفاق المستهلكين داخل الولايات المتحدة إلى تراجع الطلب على الصادرات الأجنبية، ما ينعكس سلبا على سلاسل التوريد العالمية والتجارة الدولية.

وقد تحول الإغلاق إلى اختبار لقدرة الشركات، خصوصا تلك المتعاملة مع الحكومة، على الصمود أمام الضغوط المالية والتشغيلية المتصاعدة، أبرزها توقف العقود والتمويلات الفيديرالية. ويشير الخبراء إلى أن استمرار الوضع لفترة طويلة قد يؤدي إلى عجز مالي حاد أو إفلاس بعض الشركات التي تعتمد بشكل كبير على العقود الحكومية ولا تمتلك احتياطيات مالية كافية.

وكان ينظر تاريخيا إلى الإغلاقات الحكومية في الولايات المتحدة على أنها "أزمات صغيرة" ومؤقتة، لكن المناخ السياسي الحالي المشدود بسبب الانقسامات الحزبية العميقة حول قضايا أساسية، يشير إلى أن هذا الإغلاق مختلف تماما، وأن تأثيراته ستكون أعمق وأكثر استدامة من الإغلاقات السابقة.

font change