مبادرة مستقبل الاستثمار "مفتاح الازدهار: فتح آفاق نمو جديدة"

في حضور 20 رئيسا، 600 متحدث وقادة مال وأعمال من أكثر من 90 دولة

المجلة
المجلة

مبادرة مستقبل الاستثمار "مفتاح الازدهار: فتح آفاق نمو جديدة"

تستضيف الرياض النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار "FII9" خلال الفترة من 27 إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول 2025 في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات، بمشاركة غير مسبوقة تضم أكثر من 600 متحدث و20 رئيسا، إلى جانب قادة المال والأعمال من أكثر من 90 دولة.

يحمل المؤتمر هذه السنة شعار "مفتاح الازدهار: فتح آفاق نمو جديدة"، وسط توقعات بتوقيع اتفاقات تتجاوز 60 مليار دولار، مما يجعله الحدث الاقتصادي الأبرز في المنطقة منذ بداية العام.

منذ انطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار عام 2017 بمبادرة من صندوق الاستثمارات العامة PIF، تحوّلت الرياض إلى مركز عالمي لمناقشة وتشكيل مستقبل الاقتصاد الدولي. المؤتمر الذي بدأ كمنتدى لاستكشاف الفرص، أصبح اليوم مؤسسة غير ربحية عالمية تعرف باسم "FII Institute"، يرأس مجلس أمنائها ياسر الرميان، وتعمل كجسر يربط المستثمرين وصناع القرار في إطار رؤية المملكة 2030.

خلال السنوات الماضية، وصفت وسائل إعلام غربية "المنتدى" بـ"دافوس الصحراء"، في إشارة إلى مكانته الموازية لمنتدى دافوس الاقتصادي، لكن بخصوصية سعودية تدمج بين التمويل والطاقة والتقنية. النسخة الحالية تأتي بعد نحو عقد على إطلاق رؤية السعودية 2030، مما يجعلها محطة لتقييم التحولات الاقتصادية الكبرى التي شهدتها المملكة، من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع يقوم على الاستثمار في الإنسان والتكنولوجيا والمشاريع العملاقة مثل "نيوم" و"ذا لاين" و"القدية".

تجرى التحضيرات لاستقبال آلاف المشاركين من رجال الأعمال والخبراء الاقتصاديين والتنفيذيين العالميين. وبحسب المعهد المنظم، سيضم برنامج "FII9" أكثر من 250 جلسة حوارية وورشة عمل، تركز على التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والتقنية، وعلى إيجاد حلول قابلة للتنفيذ لقضايا النمو المستدام. كما أكد الرئيس التنفيذي للمعهد ريتشارد أتياس أن النسخة التاسعة ستكون "الأكبر والأكثر تأثيرا"، موضحا أن قيم الصفقات المرتقبة تتراوح بين 60 و70 مليار دولار تشمل استثمارات في الذكاء الاصطناعي، الطاقة، البنية التحتية، الصحة، والتعليم.

النسخة التاسعة ستكون "الأكبر والأكثر تأثيرا"، وتقديرات بصفقات تتراوح بين 60 و70 مليار دولار تشمل استثمارات في الذكاء الاصطناعي، الطاقة، البنية التحتية، الصحة، والتعليم.

ريتشارد أتياس، الرئيس التنفيذي لـ"FII Institute"

قبل انطلاق الحدث بأيام، أعلن معهد "FII" عن شراكات إستراتيجية مع مؤسسات مالية وتقنية كبرى، أبرزها: اتفاقية مع بنك "باركليز" البريطاني لتعزيز التعاون في مجالات التمويل والاستدامة والذكاء الاصطناعي، وتحويل "FII" إلى شريك فاعل في صياغة مستقبل النظام المالي العالمي.

كذلك أعلن عن الشراكة مع شركة "مارا هولدينغز" المدرجة في بورصة "ناسداك"، لتطوير تقنيات الطاقة الرقمية التي تخفف استهلاك الطاقة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة عالية الأداء، وأعلن عن اتفاقات أخرى مع مؤسسات استثمارية مثل "إي. أف. جي. هرمز" و"ميزوهو فايننشال غروب" و"غاغنهايم إنفستمنتس"، بهدف دعم مشاريع الاستدامة والتحول الطاقي. هذه الشراكات تؤكد انتقال "FII" من منتدى نقاشي إلى مؤسسة تنفيذية لها أثر مباشر في تمويل المشاريع وتشكيل الشراكات الدولية.

من هم أبرز المتحدثين؟

تضم قائمة المتحدثين هذا العام نخبة من قادة الدول وكبار التنفيذيين العالميين، من أبرزهم: الرئيس السوري أحمد الشرع، وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس مجلس إدارة "أرامكو" ومعهد "FII" ياسر الرميان، نائب الرئيس الصيني هان تشنغ.

رويترز
محافظ صندوق الاستثمارات ياسر الرميان في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض، 29 أكتوبر 2024.

يتحدث أيضا البروفسور محمد يونس، الحائز  جائزة نوبل للسلام (2006)، كيريل ديميترييف، المدير التنفيذي لصندوق الاستثمار الروسي المباشر، نغوزي أوكونجو-إيويلا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، ريتشل ريفز، وزيرة المالية البريطانية، يوريكو كويكي، حاكمة طوكيو، بول كاغامي، رئيس رواندا. كما يشارك عدد من كبار قادة المال والتكنولوجيا، منهم روث بورات من "ألفابيت/غوغل"، إيريك شميدت، جين فريزر من "سيتي"، راي داليو من "بريدج ووتر أسوشيتس"، وإيفان شبيغل من "سناب إنك".

الصفقات الكبرى السابقة

في النسخة الثامنة العام المنصرم، أُعلنت اتفاقات تجاوزت 70 مليار دولار، شملت مشاريع بين صندوق الاستثمارات العامة وشركات عالمية، منها اتفاقية مع مع "غوغل كلاود" لإنشاء مركز عالمي للذكاء الاصطناعي في المملكة، ومذكرات تفاهم بقيمة 51 مليار دولار مع مؤسسات مالية يابانية، وإطلاق صندوق استثماري جديد لدعم الشركات الناشئة بقيمة 300 مليون دولار. كما شهدت النسخة السادسة 2022 توقيع أكثر من 28 صفقة بقيمة 9 مليارات دولار، في مجالات التكنولوجيا الحيوية والطيران والمعادن المتقدمة.

يطرح المؤتمر نقاشا واسعا حول التغيرات في منظومة التجارة الدولية، وتحديات سلاسل الإمداد، وصعود التكتلات الإقليمية. وستعرض السعودية رؤيتها لتكون مركزاً يربط آسيا وأوروبا وأفريقيا 

هذا الزخم المتراكم يجعل النسخة الحالية "FII9" استمرارا لمسار تصاعدي، يعزز ثقة المستثمرين العالميين بالسوق السعودية كمركز رئيس لرأس المال في المنطقة.

محاور الدورة التاسعة: خريطة القضايا العالمية

يتقاطع مؤتمر هذا العام مع مرور نحو عشر سنوات على إطلاق رؤية المملكة 2030 التي أعلنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2016، وتهدف إلى تنويع الاقتصاد، ورفع مساهمة القطاع الخاص، وتعزيز التكنولوجيا والاستدامة. نجحت الرياض خلال هذه الفترة في خفض اعتمادها على عائدات النفط، وزيادة الإيرادات غير النفطية، ورفع تصنيفها الائتماني، وجذب الاستثمارات الأجنبية في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والسياحة والثقافة. ويُنتظر أن يكون المؤتمر هذه السنة منصة لتقييم هذا التحول وتقديم صورة السعودية الجديدة: دولة حديثة، منفتحة، تقود الحوار الدولي

رويترز
حضور مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض 25 أكتوبر 2022

حول مستقبل الاقتصاد والطاقة.

- إعادة تعريف مفهوم الازدهار وتقليص فجوة الدخل

يركز هذا المحور على مفهوم "النمو الشامل" الذي يضمن استفادة جميع فئات المجتمع من التنمية الاقتصادية، لا سيما الشباب والنساء. وستناقش الجلسات سبل تعزيز الشمول المالي، وتمويل المشاريع الصغيرة، واستثمار التكنولوجيا في الحد من الفوارق الاقتصادية.

- مستقبل التجارة الحرة وتداعياتها الجيوسياسية

يطرح المؤتمر نقاشا واسعا حول التغيرات في منظومة التجارة الدولية، وتحديات سلاسل الإمداد، وصعود التكتلات الإقليمية. وستعرض السعودية رؤيتها لتكون مركزا يربط آسيا وأوروبا وأفريقيا من خلال مشاريع النقل واللوجستيات ومبادرات الممرات الاقتصادية الجديدة.

-الشراكات بين القطاعين العام والخاص

تركز الجلسات على الدور الحيوي لهذه الشراكات في تحقيق النمو المستدام، وتمويل المشاريع الكبرى في الطاقة والبنية التحتية والسكن. وتبرز السعودية نموذجها في تحفيز القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي بما يتماشى مع "رؤية 2030".

-السباق نحو الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية

يحظى الذكاء الاصطناعي بمكانة مركزية في المؤتمر، مع بحث الفرص والتحديات الأخلاقية والتنظيمية المرتبطة به، إضافة إلى الحوسبة الكمية التي تمثل الجيل المقبل من التقنية الفائقة السرعة. ويُتوقع إعلان مبادرات سعودية لتعزيز مراكز البحث والتطوير واستقطاب الاستثمارات التقنية.

-التحول في قطاع الطاقة والتحديات المستقبلية

بقيادة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، تناقش الجلسات التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، وتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، وتقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، مع تأكيد التوازن بين أمن الإمدادات والنمو الاقتصادي.

يأتي المؤتمر في لحظة يتسارع فيها التنافس الدولي على الاستثمارات والتقنيات المتقدمة. وفي هذا السياق، تقدم الرياض نفسها كجسر بين الشرق والغرب، تجمع المستثمرين من الصين وأوروبا وأميركا، وتوفر بيئة استثمارية مستقرة وشفافة. ويُعد الحضور الآسيوي هذا العام الأقوى منذ تأسيس المبادرة، في ظل مشاركة نائب رئيس الصين وعدد من المؤسسات اليابانية والكورية الكبرى، إضافة إلى حضور روسي رفيع المستوى.

ما وراء الأرقام

على الرغم من تركيز الأنظار على قيمة الصفقات الضخمة، إلا أن أهمية المؤتمر تتجاوز الأرقام إلى بناء الثقة والتفاهم بين الحكومات والقطاع الخاص العالمي. لا تسعى الرياض فقط الى جذب التمويل، بل إلى توجيه الاستثمارات نحو مجالات مستدامة تضمن الأمن الغذائي والمائي، وتقلل البصمة الكربونية، وتعزز الاقتصاد القائم على المعرفة. كما أن إدراج موضوعات مثل "تقليص فجوة الدخل" و"مستقبل التجارة الحرة" يعكس اتساع أجندة FII9 من الاقتصاد الصلب إلى البعد الإنساني والاجتماعي للنمو.

من المتوقع أن تصدر عن "FII9" صفقات واتفاقيات، خصوصا تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، إذ تشير التسريبات إلى تحالفات جديدة بين الصناديق السيادية وشركات التقنية الكبرى. كما يُنتظر أن يعلن معهد "FII" إطلاق مبادرات اجتماعية وإنسانية تحت محور "التأثير على الإنسانية" (Impact on Humanity)، تشمل برامج تعليمية وصحية ممولة من عوائد بعض الاستثمارات.

الرياض تثبت موقعها العالمي

على الرغم  من توسع أنشطة المعهد إلى مدن مثل ميامي، هونغ كونغ، تيرانا وباريس، عبر فاعليات "FII Priority"، تبقى الرياض المقر الرئيس والعاصمة الدائمة للمؤتمر، لتنجح السعودية في تحويل حدث محلي إلى مؤسسة عالمية تصنع الحوار الاقتصادي، تماما كما يفعل منتدى دافوس في سويسرا، مع اختلاف أن الرياض تطرح حلولا عملية ومشاريع فعلية.

بعد 9 نسخ من مبادرة مستقبل الاستثمار، أصبحت الرياض العاصمة الجديدة للاقتصاد العالمي الناشئ، حيث تلتقي رؤوس الأموال بالتقنية والسياسات العامة. وبينما تتجه الأنظار إلى حجم الصفقات، تبقى الرسالة الأهم أن الاستثمار لم يعد هدفا بحد ذاته، بل وسيلة لإعادة تعريف الازدهار وبناء مستقبل أكثر شمولا واستدامة.

font change