دخلت الولايات المتحدة على خط الخلاف الإقليمي المغربي-الجزائري، باستصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي، يعتمد مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية تحت سيادة الرباط، كصيغة لإنهاء أطول نزاع في شمال أفريقيا. وإطلاق جولة حوار مباشر بين "الإخوة الأعداء" قبل نهاية العام.
وتلوح في الأفق بوادر قرب تسوية سياسية بين الجزائر والمغرب، بمبادرة من إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي تضع كل ثقلها الدبلوماسي لتقريب وجهات نظر الفرقاء، حول قضايا ثنائية وإقليمية ودولية. في حال معالجتها، يمكن إحياء "اتحاد المغرب العربي" المتعثر، وإطلاق مسيرة التنمية والاندماج الإقليمي، في منطقة تماس بين الشمال والجنوب. وتعتبر الجزائر والمغرب أكبر قوتين اقتصاديتين وسياسيتين، في جنوب البحر الأبيض المتوسط، بمساحة تقدر بثلاثة ملايين كلم مربع، وناتج إجمالي محلي مشترك يقارب نصف تريليون دولار، وعدد سكان يصل إلى ثمانين مليون نسمة.
وساطة أميركية بمبادرة من ترمب
وتقود حاليا شخصيات من الصف الأول في الإدارة الأميركية مفاوضات سرية مع الجزائر والمغرب ، في مسعى لتحقيق اختراق سياسي في منطقة التلاقي بين أوروبا وأفريقيا، وبين المحيط الأطلسي والشرق الأوسط.
وكشف المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف: "إن فريقا دبلوماسيا يشتغل حاليا على وضع الأسس الأولية لاتفاق سلام شامل بين الرباط والجزائر، بمبادرة شخصية من الرئيس ترمب" الذي يعمل على وضع شمال أفريقيا ضمن دائرة إنهاء النزاعات وإسكات البنادق.

وأعلن مستشارا ترمب، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، في حوار تلفزيوني مع قناة "سي بي إس" الأميركية عن "قرب التوصل إلى اتفاق سلام تاريخي بين المغرب والجزائر خلال 60 يوما"، في خطوة هي الأكثر جرأة منذ عقود، في مسار الصراع السياسي بين البلدين. وسبق للمملكة العربية السعودية أن توصلت إلى مصالحة جزائرية مغربية في ثمانينات القرن الماضي، عندما تمكن الملك الراحل فهد بن عبد العزيز من عقد قمة، بين الراحلين الملك الحسن الثاني والرئيس الشاذلي بن جديد، أسفرت عن عودة العلاقات الدبلوماسية عام 1988، تلاها فتح الحدود البرية، وإنشاء "اتحاد المغرب العربي" عام 1989. وتوالت الزيارات بين مسؤولي البلدين، وانتعشت الحركة السياحية واستمرت حرية تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال إلى عام 1994، عندما أغلقت الحدود من جديد بعد اعتداءات إرهابية على فندق أسني في مراكش، قُتل فيها سياح أسبان.
مصالحة مغربية-جزائرية قبل نهاية العام؟
ولا تستبعد مصادر مطلعة وجود شراكة مع أطراف عربية وأوروبية على رأسها الرياض وباريس، للدفع قدما نحو مصالحة جزائرية-مغربية برعاية أميركية خلال المرحلة المقبلة. وقال ستيف يتكوف في برنامج "60 دقيقة": "نعمل حاليا على ملف الجزائر والمغرب، فريقنا يعمل على ذلك، وسيكون هناك اتفاق سلام، في رأيي، خلال الستين يوما المقبلة". وشكلت هذه التصريحات بداية انفراج إعلامي بين البلدين، حيث خفت لغة العداء قليلا، وصعدت أصوات معتدلة، تدعو إلى طي صفحة خلافات الماضي، وفتح صفحة المصالح في النظام العالمي الجديد. واستعمل جاريد كوشـنر مفردات مشابهة، عندما قال لوسائل إعلام أميركية: "إن العالم تحكمه المصالح وليس المبادئ المتجاوزة".
 
				             
                    

 
                 
                 
                 
                 
             
                 
             
                 
             
                 
             
                 
             
                 
            