في عالم تكاد فيه "غوغل كروم" تكون مرادفا لفعل التصفح نفسه، يبدو دخول أي لاعب جديد إلى الساحة الرقمية نوعا من المغامرة غير المحسوبة. فمنذ أكثر من عقد، أحكمت غوغل قبضتها على تجربة الويب، ليس فقط عبر متصفحها الذي يسيطر على أكثر من 60٪ من السوق، بل عبر منظومة مترابطة من الخدمات التي تجعل المستخدم يمر من خلالها شاء أم أبى. أصبح الإنترنت بالنسبة للملايين نافذة تفتحها "غوغل" وتغلقها "غوغل"، بينما المتصفحات الأخرى — من "فايرفوكس" إلى "إيدج" — تكتفي بمحاولات متقطعة لاستعادة بعض من روح المنافسة.
لكن فجأة، وفي منتصف سباق الذكاء الاصطناعي المشتعل، يظهر اسم جديد، "أطلس"، المتصفح الذي صممته شركة "أوبن أيه آي"، وقلبت موازين التقنية خلال عامين فقط. لم يأت "أطلس" بوصفه أداة جديدة للتصفح فحسب، بل كمفهوم مغاير تماما لما يعنيه أن "تتصفح الإنترنت". فالمتصفح الجديد لا يريد منك أن تكتب عنوان موقع أو تبحث عن رابط، بل أن تتحدث معه، تخبره بما تريد، وهو بدوره ينفذ، ويبحث، ويلخص، ويعرض النتيجة كما لو كان مساعدا شخصيا يعيش داخل الويب نفسه.
هذه ليست خطوة بسيطة في عالم التقنية، بل إعلان صريح أن "عصر المتصفحات التقليدية" يقترب من نهايته. إذا كانت "كروم" قد جعلت الإنترنت أسرع، فإن "أطلس" يريد أن يجعله أذكى. وإذا كانت "غوغل" قد بنت إمبراطوريتها على البيانات، فإن "أطلس" يبني تجربته على فهم المستخدم، وسياق مهماته، وحدود الوقت الذي يملك.
تاريخ المتصفحات
قبل أن تصبح كلمة "تصفح" فعلا يوميا نمارسه عشرات المرات، كانت فكرة الوصول إلى المعلومات عبر شاشة فكرة خيالية. في جوهرها، المتصفحات ليست سوى أدوات برمجية، لكنها غيرت علاقة الإنسان بالمعرفة، كما غير الكتاب المطبوع العالم ذات يوم. فالمتصفح، ببساطة، هو البرنامج الذي يمكن المستخدم من الوصول إلى صفحات الويب، عرضها، والتفاعل معها — من نصوص وصور وفيديوهات وروابط، وحتى تطبيقات متكاملة تدار داخل المتصفح نفسه.
من الناحية التقنية، يعتمد المتصفح على إدخال عنوان باسم "معرف الموارد الموحد"، وهو أشبه بعنوان المنزل في عالم الإنترنت، يستخدم لاستدعاء المحتوى أينما وجد. ومع تطور الإنترنت، أصبح المتصفح ليس فقط أداة للعرض، بل منصة متكاملة لإدخال البيانات، وتشغيل التطبيقات، وحتى معالجة المعلومات محليا أو عبر الخوادم.
				        
                    

