انعقد منتدى الاستثمار السعودي–الأميركي في مركز كينيدي للفنون في واشنطن بوصفه الحدث الاقتصادي الأبرز في زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعاصمة الأميركية، في مشهد يعيد رسم خريطة الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن في عصر تتقاطع فيه الثورة الصناعية الرابعة مع الذكاء الاصطناعي والطاقة المتقدمة والصناعات عالية التقنية.
وقد اكتسب المنتدى زخما استثنائيا بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى جانب نخبة من أكبر قادة الشركات الأميركية، من بينهم إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لـ"تسلا" وxAI، وجنسن هوانغ الرئيس التنفيذي لـ"إنفيديا" بالإضافة إلى قيادات رفيعة من شركات "شيفرون"، "بوينغ"، "غوغل"، "آي بي إم"، "كوالكوم"، "أدوبي"، "سيلزفورس"، "لوكهيد مارتن"، "بلاكستون" و"فايزر" وغيرها من عمالقة "وول ستريت" ووادي السيليكون.
من الجانب السعودي شارك وزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبدالله السواحة، وعدد من قيادات صندوق الاستثمارات العامة، إلى جانب رؤساء شركات مثل "أرامكو"و"هيومين" و"داتافولت"، في رسالة سياسية واقتصادية واضحة مفادها أن الرياض لم تحضر إلى واشنطن لتبادل التصريحات، بل لتقديم مشروع استثماري وتقني متكامل يترجم نفوذ المملكة المتصاعد في الاقتصاد العالمي.
ويعد هذا المنتدى ثاني لقاء استثماري ضخم بين البلدين خلال أقل من ستة أشهر بعد منتدى الرياض في مايو/أيار الماضي، الذي شهد إطلاق شركة الذكاء الاصطناعي السعودية "هيومين" وإعلان صفقتها التاريخية مع "إنفيديا" لتوريد 18 ألف شريحة من معالجات Blackwell GB300 وبناء مراكز بيانات بقدرة حوسبية تصل إلى 500 ميغاواط، في خطوة دفعت المملكة إلى مقدمة السباق العالمي في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة.
مسار متسارع
وجاء منتدى واشنطن ليشكل امتدادا لهذا المسار المتسارع، إذ أعلنت الرياض وواشنطن حزمة جديدة من الصفقات والاستثمارات تقدر بنحو 267 – 270 مليار دولار، ضمن ارتباطات استثمارية إجمالية بين الجانبين تقترب من 575 مليار دولار، مع تعهد سعودي برفع حجم الاستثمارات داخل الاقتصاد الأميركي إلى تريليون دولار خلال السنوات المقبلة — في مؤشر الى تحول التحالف الاقتصادي بين البلدين من مستوى التعاون التقليدي إلى شراكة صناعية – تكنولوجية عميقة تعيد تعريف النفوذ الجيوسياسي للطرفين على مستوى العالم.
وفي قلب المشهد، كانت الجلسة الحوارية التي جمعت إيلون ماسك وجنسن هوانغ بقيادة الوزير عبد الله السواحة هي اللحظة الأكثر جذبا للأضواء، إذ بدت كأنها تعلن العنوان الحقيقي للمؤتمر بعيدا من البروتوكولات الرسمية. وتحول النقاش بين اثنين من أبرز عقول التكنولوجيا في العالم إلى استعراض عميق لمستقبل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة ومصانع البيانات، وكشف عن ملامح الاقتصاد القادم أكثر مما فعلت بيانات الاستثمار نفسها.


