بعدما توقفت الحرب في غزة، أفاق الناس على حروب صغيرة تتعلق بحاضرهم ومستقبلهم، من ضمنها تبعات توقف عملية تعليم طلاب المدارس والجامعات لأكثر من عامين، وهو ما يقلق سكان القطاع، ويضعهم أمام صورة قاتمة لمستقبل أبنائهم. هناك محاولات خجولة من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، لاسترجاع ما تبقى من صوت الحياة عبر استئناف التعليم، لكن ذلك الجهد لم يؤت ثماره بعد، ويبقى الأهالي في حالة حيرة، عاجزين عن تقديم بديل لأطفالهم، يعوضهم عما يفقدونه في مرحلة شديدة الحساسية من أعمارهم، مدركين أن عودة المدارس ليست خيارا فحسب، بل طوق نجاة لأبناء حرِموا من مقاعد الدراسة وأخرجوا من سياق حياتهم الطبيعي.
تقدم الإحصاءات حول التعليم في غزة صورة قاتمة، فأكثر من 95٪ من مرافق التعليم في غزة تضررت أو دُمرت بشكل كبير، بحسب تقرير لمنظمة "يونيسيف". ووفقا لتقييم Global Education Cluster نقله "مركز الميزان لحقوق الإنسان"، فإن 241 مدرسة حكومية تعرضت لأضرار شديدة، و111 مدرسة دمرت كلية، بالإضافة إلى عشرات المدارس المدارة من وكالة الأونروا، مما ينعكس على نحو 700 ألف في القطاع.
ويعوق الدمار الواسع والنزوح عودة العملية التعليمية للتعلم، خاصة أن عددا كبيرا من المدارس المتبقية يستخدم ملاجئ للنازحين، مما يحد من قدرتها على استقبال الطلاب.
بين الخيمة والفصل
ومع دخول فصل الشتاء في غزة، تبدو الخيام خيارات مؤلمة ومحدودة. فهناك عائلات كثيرة نازحة تفضل الإيواء داخل الفصول المدرسية، لأن الخيام لا تقيهم الرياح والعواصف المطرية، أو لأنها مهترئة أو غالية الثمن. هذا الواقع يطرح سؤالا بسيطا: أين سيتعلم طلاب غزة الذين يدخلون عامهم الثالث دون أي تعليم منتظم. وهو ما ينذر بمشكلة يجمع الخبراء على أنها ليست مؤقتة، بل هي أزمة جيل كامل مهدد بالتخلف الأكاديمي.




