مع بروز قضية الهجرة غير الشرعية كإحدى أبرز القضايا التي تواجه حكومة رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، أثار تعيين شبانة محمود في منصب وزيرة الداخلية آمالا في أن تتمكن إدارتها أخيرا من معالجة هذه القضية الشائكة وإحكام السيطرة عليها.
وقد وصل عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون إلى المملكة المتحدة من فرنسا هذا العام إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، إذ تُقدّر أعداد من قاموا بتلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر حتى الوقت الحالي بأكثر من 30 ألف شخص. وبالنظر إلى أن عدد المقيمين غير الشرعيين في بريطانيا يُقدّر بأكثر من 100 ألف شخص، باتت هذه القضية مثار جدل بين مختلف الأحزاب السياسية.
وكانت هذه القضية عاملا مهماً في صعود حزب "الإصلاح" اليميني المتشدد بزعامة السياسي المعارض نايجل فاراج، الذي برز مؤخرا كأقوى منافس لحزب "العمال" الحاكم بزعامة ستارمر.
ولهذا السبب، عندما اضطر ستارمر إلى إجراء تعديل وزاري عقب استقالة نائبة رئيس الوزراء أنغيلا راينر بسبب قضية ضريبية مثيرة للجدل، انتهز الفرصة لتعيين شبانة محمود وزيرة للداخلية، على أمل أن تتمكن من السيطرة على واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في السياسة البريطانية اليوم.
يُعرف عن شبانة محمود أسلوبها الحازم وساعات عملها الطويلة التي تمتد إلى 16 ساعة يوميا، وهي واحدة من أكثر وزراء الحكومة فعالية. شغلت منصب وزيرة العدل لأكثر من عام، اتخذت خلاله قرارا مثيرا بإطلاق سراح بعض السجناء مبكرا لتخفيف الضغط على السجون، وها هي اليوم المسؤولة الأولى عن الشرطة والهجرة وأجهزة الأمن.
في مهمة أخلاقية
وقد تجلى صعودها كلاعبة رئيسة في حكومة ستارمر من خلال النهج الصارم الذي تبنته لإعادة صياغة سياسة بريطانيا تجاه الهجرة، حيث طرحت سلسلة من الإجراءات القوية الرامية إلى ضبط هذا الملف المثير للانقسام. ومن بين التدابير التي أعلنتها، سيتعين على من يُمنحون حق اللجوء في بريطانيا الانتظار 20 عاما قبل التقدم بطلب للإقامة الدائمة. كما ستخضع أوضاع اللاجئين لمراجعات دورية، بحيث يُطلب من الذين تُعتبر بلدانهم آمنة العودة إليها.
الهدف من هذه التغييرات هو جعل بريطانيا أقل جاذبية للمهاجرين غير الشرعيين، بما يؤدي إلى تقليص عمليات العبور عبر القوارب الصغيرة وخفض طلبات اللجوء.
وفي مقابلة مع "هيئة الإذاعة البريطانية" حول أجندتها الإصلاحية الجريئة في ملف الهجرة، لم تُبد محمود أي اعتذار عن هذه الإجراءات، محذرة من أن القضية "تمزق البلاد"، مؤكدة أنها تعتبر مواجهة الهجرة غير الشرعية "مهمة أخلاقية".
إن استعداد محمود لوضع سمعتها السياسية على المحك في قضية شديدة الحساسية يعكس نهج هذه المحامية السابقة البالغة من العمر 44 عاما، التي لا تتردد في مواجهة الملفات الشائكة، حتى إن بعض المراقبين يرون أن مواقفها الصلبة تقرّبها من فاراج أكثر مما تقرّبها من زملائها في حزب "العمال".


