في أعقاب الأجواء الودّية التي رافقت زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني، توقّع بعض الإعلاميين أن يبادر الرئيس ترمب إلى زيارة دمشق قريبا. غير أن ذلك لم يحدث. وبطلب من السعودية وتركيا، وافق الرئيس دونالد ترمب أولا على لقاء الرئيس أحمد الشرع في الرياض خلال زيارته للمنطقة في مايو/أيار الماضي. وترددت روايات عن أنه أقال بعض المستشارين من الصفوف الدنيا لأنهم دعوه إلى الحذر، في حين يميل هو إلى الجرأة.
والأكثر دلالة أنه دعا الشرع إلى المكتب البيضاوي لجلسات مطوّلة امتدّت لساعات، بحضور كبار أعضاء حكومته. الصور الإعلامية والاهتمام المكثّف، فضلاً عن التحضيرات الأميركية الدقيقة لمثل هذه اللقاءات، لا تُتاح إلا لزعماء أجانب يحظون بمكانة خاصة. ومع ذلك، لم يحظَ الشرع بكامل بروتوكول الدخول إلى البيت الأبيض. وكان التباين واضحا بين زيارته والاحتفالات الكبرى والعشاء الرسمي الذي أقيم بعد أسبوع لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ومع ذلك، وبعد لقاء المكتب البيضاوي في العاشر من نوفمبر، صرّح ترمب للصحافة: "إنه قائد قوي للغاية. يأتي من مكان صعب... أنا أحبّه. أجد انسجاما معه... لقد مرّ بماضٍ عسير، ولكننا جميعا مررنا بماضٍ عسير". ترمب يميل إلى تقدير القادة الذين يتخذون قرارات حاسمة. ولم يسبق لرئيس أميركي أن تحدّث بهذه الودّية عن شخص كان منتميا إلى "القاعدة". وفي ذلك اليوم كرّر ترمب أمام الإعلام ثقته بأنّ الشرع قادر على جعل سوريا عنصرا ناجحا في استقرار المنطقة وإحلال السلام فيها.
وعلى خلاف ترمب، لا يصف الشرع علاقته بالرئيس الأميركي بعبارات شخصية، بل يتحدث بلسان الواقعية السياسية، مؤكدا على المصالح الثنائية المشتركة والأهداف الكبرى مثل الاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب. وبعد أن استمع ترمب إلى قادة تركيا والسعودية وقطر، وإلى الشرع نفسه، بشأن الدور المحوري لسوريا في الشرق الأوسط، أخذ يردّد ذلك باستمرار في أحاديثه الإعلامية.




