بعد أكثر من 75 عاما على تأليفها وحصدها شهرة عالمية واسعة، تعود مسرحية "موت بائع متجول" للكاتب المسرحي الأميركي آرثر ميلر في ترجمة عربية حديثة صادرة عن "الدار الأهلية للنشر" في عمّان بتوقيع المترجم هشام زكي وهبة، لتطرح على القارئ أسئلة لا تزال حاضرة عن الإنسان وضغوط المجتمع الحديث، متيحة المجال للأجيال الجديدة لقراءتها بعقل وقلب واعيين.
المسرحية التي نشرت وعرضت للمرة الأولى في 1949، وحصلت على جائزة "بوليتزر" و"دراما كريتيكس أوورد"، تقدّم نموذجا رائدا في المسرح الحديث يجمع بين البعد الاجتماعي والنفسي والفلسفي، فهي ليست مجرد حكاية عن بائع متجول، بل مأساة إنسان معاصر سحقه النظام الاقتصادي والضغط الاجتماعي، نجح ميلر في تحويل قصته الفردية إلى مأساة إنسانية عالمية.
ولادة "الحلم الأميركي"
تأتي أحداث المسرحية، التي حولت إلى فيلم تلفزيوني عام 1985، وسبقت ترجمتها مرات إلى العربية، في ظل التحول العميق الذي شهدته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث صعدت قيم الرأسمالية والاستهلاك والربح السريع. ورغم أن الحرب ليست موضوعا مباشرا في النص، فإن آثارها تحضر في الخلفية، خصوصا في تبدل منظومة القيم التقليدية وتنامي الفردانية.
بطل المسرحية ويلي لومان يمثّل الجيل الذي آمن بأن العمل والعلاقات البسيطة طريق للنجاح، لكنه يجد نفسه عاجزا عن التكيف مع عصر جديد لا يمنح قيمة إلا للمنافسة والمردود المادي، يعيش فيه الإنسان تحت ضغط وتنافس وعزلة وفقدان المعنى الإنساني، في المقابل، يجسد ابناه بيف وهابي جيل ما بعد الحرب الذي يعيش على وهم الازدهار لكنه يعاني فراغا روحيا وفقدانا للمعنى.




