مرّ اتفاق ترسيم المناطق الاقتصادية الخالصة بين لبنان وقبرص، الموقّع في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، مرور الكرام على الساحة السياسية، على الرغم من أهميته البالغة لكلا البلدين. ولا تقتصر أهمية هذا الاتفاق على الإطار الثنائي فحسب، بل تتجاوزه ليشكّل ركيزة أساسية لتعزيز التعاون الإقليمي في شرق البحر الأبيض المتوسط.
للتوضيح، سبق أن توصل البلدان إلى اتفاق مماثل عام 2007، إلا أنّ البرلمان اللبناني لم يصدّق عليه آنذاك. وحتى الوقت الحالي، لم ينشر النص الرسمي للاتفاق الحالي، ولا يزال من غير الواضح ما إذا أُدخلت عليه أي تعديلات، وإن كان المرجّح أن لا تكون هناك تغييرات جوهرية. وفي الوقت الراهن، يبدو أنّ رئيس الجمهورية جوزيف عون لا ينوي بالضرورة إحالة الاتفاق إلى البرلمان للتصديق، تفاديا لتحويله إلى محور سجال سياسي في ظل الظروف الداخلية المعقّدة. وقد يثير هذا التوجّه تساؤلات قانونية وسياسية، غير أنّ هذه التساؤلات، كما سبق ذكره، لن تشكّل عائقا أمام اعتماد الاتفاق رسميا، في ضوء المستجدات القائمة في لبنان والمنطقة عموما.
الآثار الرئيسة للاتفاق
يجدر تسليط الضوء على عدد من النقاط الأساسية التي انبثقت عن هذا الاتفاق، من أبرزها:
- سيتمكّن لبنان من المضي قدما، وبقدر أكبر من الجدية، في تنفيذ خططه لاستثمار إمكانات الطاقة الكامنة في منطقته الاقتصادية الخالصة. ويوفّر اتفاق من هذا النوع الإطار القانوني والاستقرار المطلوبين للشركات الدولية الراغبة في التنقيب عن الغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.
- من شأن الاتفاق أن يعزّز مكانة قبرص السياسية والإقليمية، ولا سيما في ما يتصل بالنزاع القائم حول الجزيرة. كما يُتوقّع أن تستثمر نيقوسيا رئاستها للاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من عام 2026 في الترويج لمصالح لبنان، ولشرق البحر الأبيض المتوسط عموما، بوصفه فضاء استراتيجيا متصلا بأوروبا.

