* كما نعرف حصلت اجتماعات علنية وسرية وكانت هناك اجتماعات سرية كبيرة بين رؤساء أجهزة الأمن وأعتقد أنها حتى الآن تحصل في بغداد وموسكو وعلى الحدود، وهناك أيضا اتصالات سياسية، معروف أن الأسد يقول إنه لن يلتقي بأردوغان قبل أن يعلن على الأقل مبدأ انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية. ما رأيكم في مطلب الأسد إعلان مبدأ الانسحاب من الأراضي السورية؟
- يجب أن نعلم قبل كل شيء أن تركيا حريصة على وحدة التراب السوري وقد ذكر هذا الموضوع أكثر من مرة، ولا يوجد هناك أي تردد في هذا الموضوع. لا مجال للحديث عن بعض الأقاويل التي نشأت حول "العثمانية الجديدة" وما إلى ذلك. تركيا تريد أن تكون سوريا حرة بسيادتها وبوحدتها الترابية والاجتماعية.
لا مجال للشك في هذا الموضوع. من هذا المنطلق يجب أن نبدأ بالنظر في هذا الموضوع لأن هذا الموضوع قد يسهل عملية اللقاء في وقت من الأوقات.
لماذا توجد وحدات من الجيش التركي؟ بطبيعة الحال حدث فراغ أمني وإرهابي، وتركيا لا تريد وليس في أجنداتها إطلاقا أن تضر بأمن سوريا أو أن تغير الخريطة الموجودة حاليا. هذا يجب أن يكون معلوما لدى الإخوة السوريين ولكل العالم.
لقد ذكر هذا الموضوع على لسان رئيس الجمهورية ووزير الخارجية وكذلك جميع المسؤولين المعنيين. أما متى تنسحب وحدات من الجيش التركي الموجودة في سوريا وبأية طريقة؟ فهذه مسألة يجب التباحث فيها. أنا لست في موقع المسؤولية لأعلم كيف سيتم هذا الموضوع، ولكن أتمنى أن يتم هذا الموضوع بسلاسة وبوضوح بالشكل الذي يرضي الأطراف.
الرئيس التركي السابق عبد الله غُل يتحدث الى رئيس تحرير "المجلة" إبراهيم حميديهذا ينطبق على العراق أيضا، ربما هناك بعض العراقيين ينظرون إلى وجود أو غارات معينة مثلا، ولكن هذا الوجود سببه الفراغ الأمني الموجود لأنه لو استطاعات الحكومة العراقية أن تنهي هذا الموضوع لما دخلت وحدات من الجيش التركي، وهذا الأمر لسوريا أيضا.
الأكراد
* المقارنات بين العراق وسوريا جيدة، هناك قاعدة تركية في بعشيقة وهناك تفاوض مع حكومة محمد شياع السوداني ضد "حزب العمال الكردستاني". على الأقل في الموضوع السوري، هل تعتقدون أن هناك إمكانية للتعاون بين دمشق وأنقرة للقتال ضد الإرهابيين أو ضد الأكراد وتحديدا "حزب العمال الكردستاني" و"وحدات حماية الشعب" الكردية؟
- قبل كل شيء يجب أن نعترف بأن الأكراد مجموعة عرقية كبيرة في هذه المنطقة، في سوريا، العراق، إيران، تركيا. ولا بد– في رأيي– من أن يكونوا مواطنين متساوين في دولهم، يتمتعون بالحرية وجميع الحقوق التي يكفلها القانون. رغم التحديات في بعض البلدان، من المهم أن نتذكر أن بعض المجتمعات الكردية في سوريا كانت مهمشة تاريخيا، حيث إن الكثير منهم لم يكن لديهم حتى بطاقات هوية. ومع ذلك، يجب أن نميز بوضوح بين الشعب الكردي ككل و"حزب العمال الكردستاني" ككيان إرهابي.
وفي السبعينات والثمانينات، كان لـ"حزب العمال الكردستاني" وجود في سوريا، وكان عبدالله أوجلان ينشط من الأراضي السورية. واستمر الحزب في التمتع بالأمان والاستقرار حتى عام 1998، حين تم توقيع اتفاقية أضنة بين أنقرة ودمشق. فيما يتعلق بمسألة العمل المشترك أو التعاون بين تركيا وسوريا ضد الجماعات الإرهابية، فإن هذا ممكن وضروري في الوقت ذاته. ويمكن أن تشكل بنود اتفاقية أضنة أساسا لهذا التعاون. ولكن من الضروري التمييز بين الإرهابيين والمواطنين الأكراد الذين يعيشون في البلاد.
* سؤال آخر في الموضوع الكردي: في أواخر التسعينات، كانت تركيا منخرطة في التنسيق بين سوريا وتركيا والعراق لمنع إقامة كيان كردي شمال غربي العراق، وهو ما عُرف بـ"التنسيق الثلاثي". وعلى الرغم من التوتر الحالي بين تركيا وسوريا، هناك جهود مشتركة جارية لمنع تشكيل كيان كردي شمال شرقي سوريا. لقد ذكرتم وجود الأكراد في أربع دول: تركيا، سوريا، إيران، والعراق. هل تعتقدون أنه ينبغي أن يكون هناك تنسيق بين هذه الدول الأربع لمنع إقامة دولة كردية؟
- بطبيعة الحال يمكن التنسيق بين جميع هذه الدول لمكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية، مع ضرورة التمييز الواضح بين الإرهابيين والمواطنين الذين يعيشون في هذه الدول والذين يجب أن يتمتعوا بحقوقهم كاملةً وبالتساوي. ومع ذلك، إذا كانت هناك حركات انفصالية أو منظمات إرهابية تهدد الأمن الوطني لهذه الدول، فإن التنسيق بينها يصبح ضروريا، بالطبع.
* بما في ذلك التنسيق لمنع قيام كيان كردي؟
- يجب أن نعترف بأن جميع المواطنين في أي بلد يجب أن يتمتعوا بالأمن والحرية وجميع حقوقهم السيادية والقانونية. وينبغي أن تُمنح الحقوق الأساسية لجميع المواطنين، سواء كانوا من الأكراد أو سواهم، ولكن لا يمكن اعتبار الحركات الإرهابية أو الانفصالية مدافعين شرعيين عن حقوق الإنسان. فهذه الحركات تُستخدم أحيانا كأدوات من قبل قوى خارجية، مثل الروس والأميركيين. إضافة إلى ذلك، ستنظر إسرائيل إلى أي كيان كردي يُقام على أنه حليف محتمل لها. وبالتالي، لا بد من التعامل بحزم مع جميع الحركات الانفصالية والإرهابية التي تهدد الأمن الوطني للدول المعنية.
بقاء الأسد
* سأعود إلى موضوع إسرائيل لكنّ لدي سؤالين عن "الربيع العربي". السؤال الأول: هل فوجئتم بأن الأسد- وأعتقد أنه الرئيس الوحيد الذي بقي في الحكم بين الدول التي قام فيها "الربيع العربي"– هل فوجئتم بأن الأسد بقي في الحكم؟
- لن أقول إن ذلك كان مفاجئا؛ ولكنني أرى أن الدول في المنطقة التي شهدت "الربيع العربي" قد تغيّرت بطريقة أو بأخرى، سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
* متى كان آخر اتصال بينكم وبين الأسد؟
- كان ذلك في عام 2011، مع بداية "الربيع العربي". آخر ما كنت أرغب في رؤيته في سوريا هو مواجهة بين الجيش السوري وفصيل مسلح من شعبه.
مع تطور الأحداث بحلول عام 2012، ومع انخراط روسيا وإيران لتحقيق مصالحهما الخاصة، بدأت أشك في إمكانية حدوث تغيير سريع للنظام في سوريا. فمن المعروف أن لروسيا سياسة تقليدية في البحر المتوسط، ولإيران أجندتها الخاصة لتحقيق مصالحها الوطنية. وكان واضحا أن روسيا وإيران ستواصلان دعم النظام، في حين أن الحركات المسلحة في سوريا لم تحظَ بالمستوى نفسه من الدعم القوي، مما أدى إلى حسابات غير متوازنة. كنت أشارك هذا الرأي مع حكومتي وأعبر عنه في المحافل الدولية، مؤكدا أن هذا الصراع لن يُحسم إلا بالاتجاه نحو حل دبلوماسي أو سياسي. توقعت أن الوضع سينتهي إلى ما نراه اليوم، حيث بقيت الأمور على حالها.