واشنطن- أعقب إعلانَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا لقاء جمع الرئيسين دونالد ترمب وأحمد الشرع في الرياض، ثم استعادة العلاقات بين دمشق وواشنطن. وستفتح هذه التطورات الباب أمام استقرار البلاد وإعادة إعمارها كدولة تعيش في سلام مع جيرانها، وبشراكة مع واشنطن. ولكن السؤال المطروح هو: هل سيعبر أحد هذا الباب؟
بناء على نصيحة السعودية، قرر ترمب أن يغامر بحذر ويدعم القوى السورية التي أطاحت ببشار الأسد، وشَكّلت لاحقا حكومة مؤقتة وأصدرت إعلانا دستوريا. بيد أن هذه الخطوة تنطوي على مخاطر رئيسة ثلاث.
أولا، يتكوّن النظام الذي يترأسه الشرع، إلى حد كبير، من شخصيات كانت على ارتباط سابق بتنظيم "القاعدة". بل إن الشرع نفسه كان مدرجا على لائحة الإرهاب الأميركية. وعلى الرغم من إعلان الحكومة الجديدة التزامها بسيادة القانون ومناهضة الإرهاب، فإن سوريين تعرّضوا لانتهاكات على أيدي مجموعات مسلحة تابعة للقيادة الجديدة. فإذا ما استمرّت هذه القيادة في التواطؤ مع العنف الطائفي، أو تجاهلته، أو عجزت عن كبح جماحه، فإن ترمب سيكون عرضة لانتقادات واسعة بسبب مجازفته غير المحسوبة.
ثانيا، حتى لو كانت حكومة الشرع، كما يُصرّح، جادة في تبنّي مشروع وطني قائم على المواطنة، وملتزمة بحماية جميع السوريين من الثأر والفوضى، فإنها لا تزال بعيدة عن فرض احتكار فعلي للسلاح في البلاد. ولئن كان معظم السوريين، الذين أُنهكت غالبيتهم من حكم الأسد القمعي والناهب، يتمنون نجاح القيادة الجديدة، فإنهم يرون أنها لا تملك القدرة على ضبط المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون. فهل هناك، سوى ترمب، من هو مستعد لأن يراهن بثقة على من سيكون الحاكم الفعلي لسوريا بعد شهر أو عام؟
ثالثا، تشنّ إسرائيل حربا مفتوحة من طرف واحد ضد سوريا ما بعد الأسد. وكما يُقال، رأس المال جبان. لقد أدّت العقوبات الأميركية، التي قد يستغرق الكونغرس أشهرا لإلغائها بالكامل بعدما خففت، إلى ردع المنح والقروض والاستثمارات المرتبطة بإعادة الإعمار. ويريد ترمب الآن إزالة هذا العائق. ولكن، هل يمكن للمستثمرين أن يضخوا أموالا ضخمة في سوريا بينما تواصل إسرائيل قصف أراضيها دون رادع، واحتلالها مناطق سورية في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974؟
من الواضح أن ترمب يأمل في أن يوافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسرعة على وقف دائم لإطلاق النار في غزة. لكن هل هو مستعد أيضا لمواجهته بشأن سوريا؟ وهل يستطيع تحمّل التبعات السياسية لذلك داخليا؟