يرفرف العلم الأميركي اليوم بنجومه وشرائطه في سماء دمشق، فوق مقر إقامة السفير الذي أُعيد افتتاحه مؤخرا. وفي بيروت، يحظى الرئيس اللبناني الجديد، ذو الخلفية التكنوقراطية، ورئيس حكومته بفرصة نادرة وتاريخية لاستعادة احتكار الدولة للسلاح، بعد أن أصبح "حزب الله" ضعيفا ومفتقرا إلى القيادة، ما قد يمهّد الطريق لإنهاء هيمنة الجماعات المسلحة على السلاح منذ نهاية الحرب الأهلية قبل نحو خمسة وثلاثين عاما.
وفي اليمن، أبرم الانفصاليون الحوثيون اتفاقا مع الولايات المتحدة لوقف تهديداتهم التي تقوّض استقرار الأمن البحري والتجارة في البحر الأحمر وخليج عدن. كما جرى القضاء على شبكة الوكلاء الإقليميين المدعومين من طهران، الذين وفّروا لإيران لعقود إمكانية إنكار أجندتها الطائفية المزعزعة للاستقرار. وفي الرياض، تحدّث الرئيس ترمب عن نهاية التدخل الغربي في الشرق الأوسط، وتناول مسؤولو إدارته بإسهاب نهاية التدخل الغربي في حقبة ما بعد "سايكس بيكو". وها هي المنطقة تتنفس الصعداء بعد أكثر من خمسة عشر شهرا من حرب إقليمية، تجلّت آثارها الأكثر قسوة في الأزمة الإنسانية في غزة. غير أن هذا المسار قد ينهار إذا استمرت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العمل دون اكتراث بجيرانها أو بمصالح حليفتها الأهم، الولايات المتحدة.
إن الولايات المتحدة سمحت منذ الهجمات التي شنّتها حركة "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب الإسرائيلية المدمّرة والمفتوحة في غزة، لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتقييد خيارات السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة.
ويُحسب للرئيس ترمب أن إدارته الثانية لم تتردد في تأكيد دور الولايات المتحدة بوصفها الشريك الرئيس في العلاقة مع إسرائيل، في وقت كان فيه نتنياهو قد تفوّق فعليا على الرئيس جو بايدن. فقد تمثلت سياسة بايدن المعلنة بعد السابع من أكتوبر في ضبط الأهداف العسكرية الإسرائيلية، والحيلولة دون وقوع أزمة إنسانية في غزة، ومنع توسّع رقعة الصراع في عموم المنطقة.