يبدو أن الحرب المفتوحة في الشرق الأوسط مستمرة، وحرب إسرائيل على إيران في تصاعد مستمر.
في دوائر القرار العراقي كان هنالك فهم كبير لمسار التصعيد في المنطقة ولذلك فإن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني كان لديه تحوط كبير حول عدم الانجرار في الحرب المفتوحة وممارسة العراق الدور الدبلوماسي عبر الوساطة الحميدة والدبلوماسية الإنسانية التي مارسها باتجاه الأزمة في غزة ولبنان.
لكن أزمة الشرق الأوسط الصعبة تكمن في صراع الإرادات الإيرانية–الإسرائيلية. فهنالك مشاريع استراتيجية مختلفة وأدوات ومحاور وحرب مفتوحة انتقلت من أسلوب الاستراتيجية غير المباشرة لتصل إلى الصدام المباشر والعنيف.
صراع بالضربات الجوية وحرب استخبارات على المستوى الاستراتيجي والتشغيلي وحجم كبير من رمي الصواريخ الباليستية بأنواع مختلفة وصولا إلى حرب الطائرات الاستراتيجية وتحويل الحرب من حرب الأهداف العسكرية إلى حرب البنى التحتية الحيوية وكذلك الحرب السياسية للمباني السيادية. وهذا ما جعل المسار غامضا لهذه الحرب بغض النظر عن التصريحات والخطابات السياسية وهذا ينبع من أس المشاكل المتجذرة في الصراع الإيراني-الإسرائيلي وانعكاسه على أمن منطقة الشرق الأوسط.
الموقف العراقي بزوايا متعددة
الموقف العراقي ذهب ولأول مرة بالانتظام نحو التوحد في المصالح الاستراتيجية وتحقيق الإجماع الوطني منذ عملية التحول والتغيير في سوريا بعد أن كان هذا تحديا من جهة وتعجبا واندهاشا من جهة أخرى حول ماذا سيفعل العراق أثناء التحول السياسي في ضبط الحدود وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار ومنها في سوريا مما جعل العراق يتخذ قرارات مصيرية حول دعم الاستقرار الإقليمي ودعم إرادة الشعب السوري وطموحاته، ولذلك نجح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في عبور مرحلة الاختبار وهذا ما كون رصيدا للحكومة العراقية في التعامل مع الأزمات السياسية ذات الامتداد الأمني المرتبط بالمنطقة وأزماتها. وهذا ما تكرر بتصاعد الأزمة الإيرانية-الإسرائيلية قبل الصدام المسلح المباشر.
وبعد ذلك، نجحت الحكومة العراقية في بناء موقف موحد تجاه الحرب من حيث إدانة استخدام المجال الجوي من قبل إسرائيل والحرب على إيران في مجلس الأمن والدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري وهذا ما تجلي في اجتماعات الإطار التنسيقي أو ائتلاف إدارة الدولة الجامع لكل القوى السياسية العراقية المؤتلفة في تشكيل الحكومة العراقية، وعلى ذات الاتجاه تذهب القوى الأخرى بنفس المسار كونها أدركت أنه بعد 21 عاما من عمر النظام السياسي الجديد في العراق نحتاج أن نعمل في الأزمات ذات المستوى الاستراتيجي عبر بوابة الدولة والحكومة الاتحادية للتعامل مع التهديدات ذات المستوى الاستراتيجي للأمن القومي العراقي.