ليست المرة الأولى التي تحدث فيها هذه الفجوة، بين أجهزة الاستخبارات الأميركية والرئيس، كما أنها ليست الأولى بين الرئيس الحالي دونالد ترمب وأجهزته.
فثمة جفاء مبيت، وتوجس دفين بين الجانبين، منذ أن انتهت تقارير هذه الأجهزة إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات، التي فاز فيها ترمب أمام هيلاري كلينتون عام 2016 بغية إضعاف فرص غريمته، مما ألقى بظلال من الشك، على شرعية انتخابه، وبث في نفسه شعورا بأن هذه الأجهزة، اختلقت ذلك التقرير إمعانا في تشويه انتصاره.
وخلال ولايته تلك لم يخف ترمب امتعاضه من هذه الأجهزة، التي اعتبرها جزءا من الدولة العميقة المسيسة للتخلص منه. ولم يتمكن من القيام بعملية التطهير الانتقامي، لهذه الأجهزة في ولايته الأولى، في ظل سيطرة الديمقراطيين على أغلبية مجلس النواب، إلى أن غادر منصبه.
وقد تحول انعدام ثقته فيها إلى نوع من العداء، الذي ظل يضمره حتى عاد إلى عرين السلطة في يناير/كانون الثاني 2025 لينفذ عملية طرد واسعة، شملت المئات من عناصر هذه الأجهزة الحساسة وقياداتها.
ثم عاد هذا العداء ليطفو مجددا، بعد تكذيب ترمب لتقارير الاستخبارات، بشأن البرنامج النووي الإيراني، فرغم شهادة تولسي غابارد، التي تحدى ترمب الكثير من الجمهوريين والديمقراطيين من أجل تعيينها مديرا لأجهزة الاستخبارات الثمانية عشر، بأن إيران ليست بصدد بناء سلاح نووي، وبأن المرشد الإيراني علي خامنئي لم يعط أمرا بذلك، رغم ارتفاع معدلات ودرجات التخصيب لليورانيوم، كذب ترمب هذا التقييم وقال: "إنه لا يكترث بما تقول" مؤكدا أن إيران باتت قريبة للغاية من الحصول على قنبلة نووية.
وتماهى ترمب في ذلك مع ادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي ظل يردد منذ عام 2002 بأن طهران أصبحت قاب قوسين أو أدنى من تصنيع سلاح نووي. وحاول مسؤولو الإدارة الأميركية التخفيف من حدة التضارب، بين تقييم الاستخبارات وتصريحات ترمب بقولهم: "إن تخصيب اليورانيوم يقرب إيران من حيازة سلاح نووي".
وصبيحة الهجوم على المنشآت النووية الرئيسة في فوردو ونطنز وأصفهان، ألقت غابارد باللوم على وسائل الإعلام، التي قالت: "إنها أساءت فهم شهادتها أمام الكونغرس في مارس/آذار الماضي، مؤكدة أنها وترمب على الموجة نفسها. وأوضحت أن الولايات المتحدة تراقب البرنامج الإيراني، وأن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب عند أعلى مستوياته، وهذا غير مسبوق بالنسبة لبلد لا يمتلك أسلحة نووية".