"إمارة الخليل" تكشف تفكك الوضع الفلسطيني

الفلسطينيون قلقون من ان يتحولوا الى "هنود حمر" في بلدهم

 أ ف ب
أ ف ب
تشييع جنازة سيف الدين المسلط ومحمد الشلبي اللذين قتلهما المستوطنون الاسرائيليون في 13 يوليو في بلدة المزرعة الشرقية

"إمارة الخليل" تكشف تفكك الوضع الفلسطيني

رام الله -بينما يمر الفلسطينيون بفترة من أعقد المراحل وأكثرها اضطرابا في تاريخ نضالهم الحديث. يطفو على السطح مشهد غير مسبوق من التآكل التنظيمي والفراغ السياسي. فالتنظيمات والفصائل الفلسطينية الثلاثة عشر التي لطالما مثّلت الركيزة الأساسية للنضال الوطني، باتت تعاني من حالة ضعف بنيوي وترهل ملموس في قدراتها، انعكس في تراجع حضورها الشعبي وفقدانها القدرة على التأثير في الشارع الفلسطيني، أو التصدي للأخطار الجمة المحدقة بالفلسطينيين وأرضهم وقضيتهم؛ حيث برز جليا هذا الانحسار مع حرب غزة الأخيرة والمستمرة منذ اثنين وعشرين شهرا، وما نتج عنها من استنزاف بشري ومؤسساتي، عمق حالة الفراغ السياسي والأمني سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

وفي ظل هذا الفراغ المتنامي، برزت ظواهر جديدة على الساحة الفلسطينية تمثلت في صعود مجموعات مسلحة محلية مثل "مجموعة ياسر أبو شباب" في رفح جنوب قطاع غزة، إلى جانب تنامي نفوذ عائلات كبرى في غزة، وظهور مبادرات فردية مثيرة للجدل كمبادرة وديع الجعبري لإنشاء "إمارة الخليل" التي تدعو للانفصال عن السلطة الفلسطينية والاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، الأمر الذي أثار قلق السلطة الفلسطينية وزاد المشهد تعقيدا وفرض تساؤلات جوهرية حول مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، ومخاطر التحولات الاجتماعية والأمنية العميقة التي قد تهدد تماسك المجتمع الفلسطيني وتعيد رسم ملامح القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة.

فقد نشطت في رفح جنوب قطاع غزة خلال الأشهر القليلة الماضية ميليشيا مسلّحة قوامها حوالي ثلاثمائة عنصر مسلحين ببنادق آلية خفيفة عرفت نفسها باسم "القوات الشعبية" أو "خدمة مكافحة الإرهاب" يقودها ياسر أبو شباب أحد أفراد قبيلة الترابين البدوية الممتدة في شبه جزيرة سيناء. وفيما اتهمت المجموعة بسرقة قوافل المساعدات الإنسانية القادمة عبر المعابر مع إسرائيل للمواطنين الغزيين، فقد اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل قامت بتسليح هذه الميليشيا كجزء من استراتيجية إسرائيلية لإضعاف "حماس"، بينما تردّدت مزاعم عن دعم لوجستي وسياسي تلقته الميليشيا لتوفير بديل محلي للتحكّم الأمني في مدينة رفح. وفيما اتهمت "حماس"-التي لا تزال تسيطر على أجزاء من قطاع غزة- مجموعة أبو شباب بالخيانة وتوعدتها بمصير مؤلم فقد أكدت السلطة الفلسطينية أنها لا تدعم تلك المجموعة، التي اعترف قائدها قبل حوالي أسبوع خلال مقابلة صحافية مع محطة "مكان" الإسرائيلية بتلقيه الدعم من إسرائيل.

إسرائيل ستسعى إلى التخلص من "أبو شباب" بمجرد أن تتيقن من عجزه عن تشكيل حل مقبول لدى الفلسطينيين، خاصة في غياب أي غطاء شرعي أو دعم له من السلطة الفلسطينية

وفي الخامس من يوليو/تموز الجاري، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تقريرا جاء فيه أن عددا من وجهاء مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية قد طرحوا مقترحا جديدا للسلام مع إسرائيل، حيث جاء في التقرير أن الشيخ وديع الجعبري من الخليل، اقترح "انفصال محافظة الخليل عن السلطة الفلسطينية، وتأسيس إمارة خاصة بالخليل، تنضم إلى الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل"، بعد أن وقع هو وأربعة شيوخ آخرين بارزين من الخليل، على "رسالة يتعهدون فيها بالسلام والاعتراف الكامل بإسرائيل كدولة يهودية".
لكن سرعان ما جاء الرد الرافض والمستنكر من عشيرته، أكبر عشائر مدينة الخليل التي أصدرت بيانا (حصلت "المجلة" على نسخة منه) تبرأت فيه من سلوك وديع الجعبري وأكدت فيه أن الخطوة التي أقدم عليها لا تمثل العائلة، وأنها ترفض الانخراط في أي مبادرات أو مشاريع إسرائيلية تهدف إلى تفتيت وحدة المجتمع الفلسطيني. من جانبها، أصدرت فصائل العمل الوطني في الخليل بيانا أدانت فيه تحركات وديع الجعبري، متهمة إياه بمحاولة تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية اقتصادية بحتة، فيما أكد عميد العشيرة ومحافظ مدينة الخليل السابق الوزير عريف الجعبري في تصريح خاص بـ"المجلة" أن مشروع "إمارة الخليل" مبادرة سياسية إسرائيلية تستهدف إثارة الانقسام وإحداث البلبلة داخل المجتمع الفلسطيني، ولا سيما في مدينة الخليل ذات البنية العشائرية التقليدية، معتبرا هذا المشروع بالغ الخطورة، إذ تسعى إسرائيل من خلاله إلى إعادة إنتاج نماذج مشابهة لما يجري في غزة عبر دعم تشكيل مجموعات مسلحة مرتبطة بالاحتلال.
وأكد الجعبري أن موقف العشيرة حازم بالتصدي لأي تحرك سياسي لا يخدم القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن جميع المحاولات الرامية لفرض حلول بديلة في الضفة الغربية أو قطاع غزة مصيرها الفشل، فيما اعتبر تصدّر شخصية من عشيرة الجعبري لهذه المبادرات محاولة لتشويه التاريخ النضالي للعشيرة والإساءة إلى اسمها الوطني.
كما شبّه اللواء المتقاعد عدنان الضميري في تصريح خاص بـ"المجلة" ظاهرة "أبو شباب" في غزة بتجربة أنطوان لحد في جنوب لبنان، والتي أنشأتها ورعتها إسرائيل بين عامي 1984 و2000 أو "روابط القرى" التي أنشأتها ورعتها إسرائيل في الضفة الغربية بين الأعوام 1979 و1983، مؤكدا أن إسرائيل ستسعى إلى التخلص من "أبو شباب" بمجرد أن تتيقن من عجزه عن تشكيل حل مقبول لدى الفلسطينيين، خاصة في غياب أي غطاء شرعي أو دعم له من السلطة الفلسطينية، كما وصف ما يحصل كمحاولة إسرائيلية لإشعال الفتنة بين الناس والعشائر ليصبح الخلاف بين الفلسطينيين أنفسهم أكبر من خلافهم مع الاحتلال الإسرائيلي.

أدى انحسار الأيديولوجيا لصالح تأثير التكنولوجيا ووفرة مصادر المعرفة إلى سحب البساط من تحت أقدام التنظيمات

وكان قيام السلطة الفلسطينية قد أدى إلى تحوّل عميق في ديناميكيات العمل المجتمعي، إذ أصبح المواطن ينتظر ما ستقدمه السلطة له من خدمات، فيما تراجع دور التنظيمات الفلسطينية عن تصدر المبادرات الذاتية والعمل التطوعي في ميادين الزراعة والتعليم الشعبي حيث كانت تنشط قبل قيام السلطة، ومع الزمن، طرأ تحوّل على مفهوم النضال الوطني، إذ بات الكثير من الفلسطينيين يكتفون بترقب تحركات السلطة القانونية ضد إسرائيل في المحافل الدولية، دون مشاركة شعبية فعلية أو تحرك ميداني.
كما أدى انحسار الأيديولوجيا لصالح تأثير التكنولوجيا ووفرة مصادر المعرفة إلى سحب البساط من تحت أقدام التنظيمات، التي لم تعد تملك أدوات التأثير الحصري على جمهورها كما في السابق، مما ساهم في تراجع مكانة الأحزاب اليسارية على وجه الخصوص، وألحق ضررا متزايدا بالفصائل الإسلامية التي فقد خطابها الكثير من بريقه ومصداقيته لدى الشارع الفلسطيني، فيما تحولت حركة "فتح" كبرى فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" والعمود الفقري للسلطة الفلسطينية من "حركة تحرر وطني" إلى "حزب سلطة".
"اليوم، لو دعت حركة (فتح) إلى مظاهرة حاشدة أمام دوار المنارة وسط رام الله، فلن يتعدى عدد المشاركين الفعليين الخمسين شخصا، بينما سيفضل البقية متابعة الحدث عبر البث المباشر في وسائل الإعلام أو شبكات التواصل" قال اللواء الضميري لـ"المجلة"، وبدلا من النقاش السياسي البنّاء، تحوّل الخطاب الفلسطيني إلى ساحة لتبادل اللوم، فالفصائل تصب جام غضبها على السلطة وتحملها مسؤولية تردي الأوضاع، بينما تلقي السلطة باللوم على حركة "حماس"، وهذه الأخيرة ترد بالمثل، في مشهد يعكس حالة انسداد وغياب الرؤية المشتركة.
وفي المقابل، تآكلت برامج التنظيمات الفلسطينية وتراجع أداؤها، حتى باتت عاجزة عن الفعل، مكتفية بالجدل والمناكفات على منصات التواصل الاجتماعي، فيما ترافق هذا التراجع مع غياب الحياة الديمقراطية، حيث لم تُنظم انتخابات رئاسية أو تشريعية منذ عامي 2005 و2006، الأمر الذي أفقد الفصائل شرعيتها الشعبية، فلو دأبت السلطة الفلسطينية على تنظيم انتخابات دورية لدفعت الأحزاب إلى التنافس على خدمة الناس لاستقطاب أصواتهم.

أ ف ب
وجهاء من عائلة الجعبري اثناء اجتماع لنفي المعلومات الصحافية عن انشاء كيان منفصل عن السلطة الفلسطينية في المدينةفي 6 يوليو

ويعزو المحلل السياسي غسان الخطيب في حديثه إلى "المجلة" تراجع ثقة الجمهور الفلسطيني بفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" إلى أن تلك الفصائل وعدت الشعب الفلسطيني بالحصول على حقوقه الوطنية عبر الحلول السلمية، غير أن هذه الوعود لم تجد طريقها إلى التنفيذ بفعل تغيّر مواقف الحكومات الإسرائيلية اليمينية التي رفضت منح الفلسطينيين حقوقهم عبر طاولة المفاوضات. ويتوقع الخطيب، في السياق ذاته، أن تتراجع شعبية حركة "حماس" التي راهنت على خيار المقاومة المسلحة لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية، بعد أن لمس الجمهور الفلسطيني عن كثب حجم المعاناة والدمار اللذين أفرزتهما سياساتها على قطاع غزة والقضية الفلسطينية عموما.

تبرز الحاجة الملحة لأن ترتقي رؤية وبرامج الفصائل الفلسطينية إلى مستوى التحديات عبر دعم الصمود الفعّال على الأرض وتشكيل لجان حماية شعبية، وتبنّي أساليب نضالية خلاقة وفعالة تواكب تحديات المرحلة الراهنة

وتتجلى مؤشرات أزمة الثقة هذه في نتائج استطلاع أجراه "مركز القدس للإعلام والاتصال" (JMCC)– ومقره رام الله– ونشرت نتائجه في 30 سبتمبر/أيلول 2024، حيث أفاد 61.8 في المئة من المشاركين بأنهم لا يثقون بأي تنظيم سياسي فلسطيني. كما أظهرت نتائج استطلاع رأي مماثل نظمه "المركز الفلسطيني للبحوث المسحية"، ونشرت نتائجه في 24 يونيو/حزيران الماضي، أن 32 في المئة فقط يؤيدون حركة "حماس"، مقابل 21 في المئة يؤيدون "فتح"، في حين عبّر 34 في المئة عن عدم تأييدهم لأي تنظيم فلسطيني.

"المجلة"
القيادي الفلسطيني جبريل الرجوب يتحدث الى "المجلة"

إن غياب ممارسة العملية الديمقراطية لنحو عقدين من الزمن بعث برسالة واضحة للمواطنين مفادها "لا جدوى من هذه الفصائل ولا لزوم لها"، ما فتح المجال أمام مؤسسات المجتمع المدني المدعومة من الخارج لتملأ هذا الفراغ عبر تقديم خدمات مباشرة للناس، من تشغيل وتمويل المشاريع الصغيرة، وهو ما ساهم في تآكل دور الفصائل التقليدية.
في المقابل؛ هنالك دعم شعبي عالمي كبير وتأييد مستمر غير مسبوق للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني كما لم يحدث من قبل في تاريخ مسيرة النضال الفلسطينية، مما يحتم على الفصائل الفلسطينية تحويل وترجمة هذا الزخم إلى تأثير على سياسة الحكومات الغربية لصالح الفلسطينيين، لذلك يتوجب على الفصائل الاستفادة من هذا التأييد والزخم وتحويله الى أدوات ضاغطة على سياسات حكومات بلادها.  
ويكتنف مستقبل الفلسطينيين حالة من المخاطر والغموض غير المسبوق؛ إذ باتوا يواجهون تهديدات وجودية تفوق في خطورتها ما عرفوه طوال تاريخهم الحديث، فلأول مرة تلوح في الأفق نذر "تطهير عرقي ممنهج" يهدد باقتلاعهم من أرضهم، في ظل انكفاء وتراجع القوى الإقليمية والدولية التي لطالما شكلت سندا أو غطاء سياسيا أو دعما للمقاومة الفلسطينية، وتتفاقم حدة هذه المخاوف مع تصاعد نفوذ اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي بات يتحكم في مفاصل القرار في إسرائيل؛ ويتبنى سياسات ترمي إلى تقويض الوجود الفلسطيني وتهديد مستقبله الوطني على أرضهم، حيث قال مواطنون في الضفة الغربية لـ"المجلة" إن مشاهد القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي والمتواصلة منذ نحو اثنين وعشرين شهرا، قد عمقت القلق لديهم من إمكانية أن يتحولوا إلى "هنود حمر" في بلدهم ووطنهم، وفي مواجهة هذا الواقع، تبرز الحاجة الملحة لأن ترتقي رؤية وبرامج الفصائل الفلسطينية إلى مستوى التحديات عبر دعم الصمود الفعّال على الأرض وتشكيل لجان حماية شعبية، وتبنّي أساليب نضالية خلاقة وفعالة تواكب تحديات المرحلة الراهنة.
الفريق المتقاعد جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، يفسر الوضع خلال حديث مع "المجلة" بقوله إن قوة الفصائل الفلسطينية تراجعت بفعل انحسار الدعم الإقليمي والدولي للقضية الفلسطينية، بعد أن كانت تلك الفصائل تشكل جزءا أصيلا من حركة التحرر العالمية. وأوضح الرجوب أن انتقال الفصائل من الشتات إلى الداخل الفلسطيني، تزامنا مع انهيار عملية السلام وصعود اليمين الإسرائيلي وتحولات إقليمية ودولية غير مواتية، انعكس سلبا على أداء الفصائل، وأضعف قدرتها على تلبية احتياجات الشعب الفلسطيني.

قيام إسرائيل بدعم أو تشكيل مجموعات عسكرية بديلة لـ"حماس" في غزة، أو تشجيع مبادرات فردية للتطبيع في الضفة الغربية، ينطوي على مخاطر جسيمة

ورغم ما واجهته وتواجهه الفصائل من تحديات وتحولات عميقة، يؤكد الرجوب أن جميع الفصائل الفلسطينية لا تزال متمسكة بحلم الدولة الفلسطينية، وترفض الاستسلام أو الخضوع، وتواصل البحث عن كل السبل الممكنة لصون القضية الفلسطينية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، كما تسعى إلى تحييد القضية عن التجاذبات الإقليمية وضمان استقلالية القرار الوطني الفلسطيني.

"المجلة"
رسالة عائلة الجعبري التي تتبرأ فيها من محاولات اقامة كيان منفصل في الخليل

ويضيف الرجوب: "طالما لم يظهر بديل حقيقي ينازع هذه الفصائل شرعية النضال في الشارع الفلسطيني، فإن وجودها يظل مقبولا، حيث لا تزال تناضل من أجل قيام دولة فلسطينية، وتؤمن بأن بناء النظام السياسي الفلسطيني لا يتحقق إلا عبر انتخابات حرة ونزيهة، وكل فصيل قادر على توفير الأمل ولقمة العيش للفلسطينيين سيتصدر بلا شك نتائج صناديق الاقتراع "العقيدة الوطنية النضالية ما زالت حية فينا كفصائل فلسطينية، لكننا غير قادرين اليوم على تلبية جميع احتياجات الناس"، كما قال الرجوب لـ"المجلة".
لقد بات واضحا أن تداعيات حرب غزة، مقرونة بتراجع دور الفصائل الفلسطينية التقليدية قد دفعت بالساحة الفلسطينية إلى مرحلة غير مسبوقة من الضبابية والفوضى. فغياب القيادة القوية الحاسمة وتراجع سلطة القانون أفسحا المجال أمام مبادرات فردية وظهور مجموعات محلية تبحث عن أدوار جديدة في ظل غياب المرجعيات الوطنية، كما لم تعد القضية الفلسطينية تواجه خطر تلاشي حل الدولتين فحسب، بل أضحت تصطدم بتحديات مصيرية تمس الوجود الفيزيائي والبقاء الديموغرافي للفلسطينيين في ظل تحوّل نهج الحكومة الإسرائيلية اليمينية من سياسات الفصل العنصري (الأبارتهايد) إلى الدفع نحو الترحيل الجماعي (الترانسفير)، مما يظهر الحاجة لدور قوي لهذه الفصائل لدعم وتعزيز صمود الفلسطينيين في وطنهم وعلى أرضهم. 
وقيام إسرائيل بدعم أو تشكيل مجموعات عسكرية بديلة لـ"حماس" في غزة، أو تشجيع مبادرات فردية للتطبيع في الضفة الغربية، ينطوي على مخاطر جسيمة، إذ يفاقم الانقسام الداخلي، ويفقد المجتمع ثقته بقياداته الوطنية، ويهدد بانزلاق الساحة الفلسطينية إلى صراعات داخلية دموية وفوضى أمنية على غرار سيناريوهات الدول الفاشلة، كما يؤدي هذا التدخل إلى منح الاحتلال الإسرائيلي غطاء لشرعنة سياساته وانتهاكاته ضد الفلسطينيين، وتحويل مناطقهم إلى ساحة تجارب أمنية، تزيد من عزلة القضية الفلسطينية إقليميا ودوليا.

font change