"القرض الحسن" مصرف "حزب الله" الأسود يتوسع

وقف تدفق الأموال للحزب أولوية أميركية... والجمعية ناشطة مع استمرار احتجاز المصارف لأموال المودعين

أ.ف.ب.
أ.ف.ب.
انصار "حزب الله" في مسيرة احتجاجية على قرارات الحكومة نزع سلاح الحزب، في الضاحية الجنوبية لبيروت 7 أغسطس 2025

"القرض الحسن" مصرف "حزب الله" الأسود يتوسع

في موازاة قرار مجلس الوزراء اللبناني نزع سلاح "حزب الله" بعد ضغوط دولية كبيرة، عاد الحديث عن شرعية عمل "جمعية القرض الحسن" ومصيرها إلى الواجهة من جديد كونها جزءا من نظام متكامل بناه "حزب الله" يمتد من السلاح إلى المال والخدمات.

ففي السنوات الست المنصرمة، وفي وقت كان لبنان بمؤسساته الرسمية ومصارفه يعاني من انهيار اقتصادي غير مسبوق، كانت هذه "الجمعية" تواصل توسعها وتعزيز خدماتها "المصرفية" لتبرز كاقتصاد مواز لا يخضع لرقابة الدولة أو مصرف لبنان، كما تنص الأنظمة المرعية الإجراء في البلاد، بل يتغذى على غيابهما.

فـ"مؤسسة القرض الحسن" التي تأسست في لبنان عام 1982 في منطقة حارة حريك، في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي ذروة الاجتياح الإسرائيلي للبلاد، كجمعية خيرية ارتبطت بشكل وثيق بـ"حزب الله"، تحولت بمرور السنوات إلى أداة استراتيجية في منظومة تمويل الحزب، لا سيما في ظل الضغوط المتزايدة الهادفة إلى تجفيف منابع تمويل الحزب المرتبط بسلاحه ونشاطاته العسكرية والأمنية في لبنان وخارجه، وباتت تُعتبر لاحقا من أذرعه الاقتصادية والاجتماعية الأساسية.

وعلى الرغم من أن المطالب الدولية بإغلاق "القرض الحسن" لم تتوقف يوما، فإن هذا المطلب بات جزءا من الورقة الأميركية التي يحملها الموفد الأميركي إلى لبنان توماس برّاك.

وفي هذا السياق أصدر مصرف لبنان في يوليو/ تموز الماضي قرارا بحظر التعامل مع عدد من المؤسسات المالية غير المرخص لها، منها جمعية "القرض الحسن".

"جمعية القرض الحسن" موجودة بموجب تصريح علم وخبر من وزارة الداخلية، ونشاط الجمعية يجب أن يكون محدودا بالترخيص الحاصلة عليه، وإذا تخطت حدود الترخيص فعلى السلطة صاحبة الاختصاص وهي وزارة الداخلية

وقال مصرف لبنان في بيان: "يحظر على المصارف والمؤسسات المالية أن تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر، كليا أو جزئيا، مع مؤسسات الصرافة غير المرخص لها أو الجمعيات والهيئات غير المرخص لها"، ولفت إلى أن من "بين المؤسسات والجمعيات غير المرخص لها جمعية 'القرض الحسن'".

وبعد صدور القرار مباشرة، وصف المبعوث الأميركي توم براك، حظر التعامل مع مؤسسة "القرض الحسن"، بأنه "إنجاز قيم" وخطوة في الاتجاه الصحيح من قبل الحكومة اللبنانية في ضبط تدفق أموال الحزب التي كانت تمر عبر تلك المؤسسة. وقال في تغريدة على موقع "إكس": "تعزيز الشفافية وإخضاع جميع الوسطاء الماليين في لبنان لإشراف مصرف لبنان يُعدّ إنجازا مهما وضروريا".

هل من تأثير لتعميم مصرف لبنان؟

ليس لتعميم مصرف لبنان الذي يحمل الرقم 170 أي تأثير على نشاطات "الجمعية" بحسب ما لفت الباحث في الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت محمد فحيلي لـ"المجلة"، مضيفا أن "تعميم مصرف لبنان ليس قرارا جديدا، بل إن قرار عدم التعامل مع 'القرض الحسن' صدر عن الخزينة الأميركية سنة 2007 حين أعلنت عقوبات في حق الجمعية. لذلك كان الأجدى للمصرف المركزي تسمية المؤسسات المالية التي تخضع لرقابة مصرف لبنان ولا تزال تتعامل مع 'القرض الحسن'، وإعلان تحويلها على التحقيق، لاتخاذ الاجراءات اللازمة بحقها كونها تتعامل مع مؤسسة خاضعة للعقوبات الأميركية، منذ 18عاما".

أ.ف.ب.
حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، يتحدث في مؤتمر صحافي في مقر البنك، بيروت 4 أبريل 2025

وتابع فحيلي "مؤسسة القرض الحسن" موجودة بموجب تصريح علم وخبر من وزارة الداخلية، ونشاط الجمعية يجب أن يكون محدودا بالترخيص الحاصلة عليه، وإذا تخطت حدود الترخيص على السلطة صاحبة الاختصاص وهي وزارة الداخلية، اتخاذ إجراءات في حق الجمعية. أما مصرف لبنان فلا يملك أي سلطة على 'القرض الحسن'، بل تقع سلطته على المصارف التجارية ومؤسسات الوساطة المالية التي تتعاطى مع أي مكون، شخص أو مؤسسة خاضعة للعقوبات الأميركية، سواء كانت جامعة المعارف التابعة للحزب أو 'القرض الحسن' أو غيرها".

من جهته يرى النائب في البرلمان اللبناني مارك ضو أن "القرار الصادر عن حاكم مصرف لبنان، من حيث المبدأ، يأتي في إطار التزام القوانين المالية الدولية وتعهدات لبنان في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. لكن فعليا، هو قرار أقرب إلى تثبيت سياسة ونيات الالتزام بالنظام العالمي والشفافية. جمعية القرض الحسن تعمل خارج الإطار الرسمي للنظام المصرفي اللبناني، ولا تخضع لرقابة حقيقية من مصرف لبنان بل من وزارة الداخلية كجمعية.

أما عن دوافع القرار، فهي متعددة: أولا، محاولة إرضاء المجتمع الدولي، وخصوصا الولايات المتحدة، التي ترى في 'القرض الحسن' أداة مالية مرتبطة بـ'حزب الله' خارج المنظومة الشرعية. وثانيا، لفتة سياسية أكثر منها اقتصادية، لكنها لا تحمل أدوات التنفيذ ولا نية تطبيق حازمة، مما يجعلها جزءا من نهج 'إدارة الأزمة' وليس حلها".

كنا 36 فرعا، صرنا 40 فرعا بعد الحرب، ووظفنا عشرات الموظفين، كما أن القوة المالية للمؤسسة باتت أكبر بكثير بعد الحرب، ولا نزال نصرف القروض بعشرات الملايين شهريا

المدير العام لجمعية القرض الحسن، عادل منصور

ولفت ضو في حديث إلى "المجلة" إلى أن "المعطيات تشير إلى أن الأمور ستُدار بروية، ولكن في الاتجاه السليم، أي عبر ضغوط سياسية ومحاولة تطويق من دون مواجهات حاسمة. ولدى الحكومة الحالية الإرادة السياسية والجرأة في اتخاذ قرارات سيادية تتعلق بجهات نافذة كـ'حزب الله' لكنها لم تفعلها كاملة، لذلك نتمنى أن تحسم أمرها".

وأضاف"القرض الحسن ليس مجرد جمعية خيرية، بل هو جزء من منظومة مالية واقتصادية رديفة تعكس واقع الدولة داخل الدولة. المطلوب ليس فقط قرارا تقنيا أو قانونيا ضد الجمعية، بل قرار وطني جامع بوضع حد للمنظومات الموازية، وهذا يتطلب توافقا سياسيا وشعبيا واسعا، وهو غير متوفر حاليا".

القرض الحسن يردّ بافتتاح 4 فروع جديدة

في تحدّ واضع لتعميم مصرف لبنان، أعلنت جمعية "مؤسسة القرض الحسن" بعد ثلاثة أيام فقط من إصدار التعميم، افتتاح أربعة فروع جديدة لها بعد الحرب الأخيرة على لبنان، وفي تقرير بثته قناة "المنار" التلفزيونية المحسوبة على "حزب الله"، قال المدير العام للجمعية عادل منصور: "كنا 36 فرعا، صرنا 40 فرعا بعد الحرب، ووظفنا عشرات الموظفين "، مضيفا أن "القوة المالية للمؤسسة باتت أكبر بكثير بعد الحرب". وأوضح: "نصرف القروض بعشرات الملايين شهريا"، مشيرا الى أن ماكينات الصراف الآلي ستبقى عاملة بعد تعميم مصرف لبنان، بالنظر الى أنها "غير متصلة بالنظام المصرفي اللبناني".

أ.ف.ب.

 واعتبرت الجمعية أن التعميم الصادر عن مصرف لبنان، والمتعلق بطريقة تعاطي المصارف والمؤسسات المالية معها، "يندرج في إطار حملة سياسية ممنهجة، تقودها جهات داخلية وخارجية مرتبطة بأجندات أميركية، هدفها محاصرة البيئة الحاضنة لخيار المقاومة ومحاولة خنق المؤسسات التي تدور في فلكها الاقتصادي".

في هذا السياق قال فحيلي إن تعميم مصرف لبنان "صدر بدافع سياسي وجواب القرض الحسن أتى بدافع سياسي، بمعنى أنه على الرغم من تعميمكم نحن مرتاحون لوضعنا وافتتحنا فروعا جديدة، لذلك الدولة اليوم تواجه تحديا واضحا في ملف 'القرض الحسن'، فتصريحات رئيس الجمهورية بالنسبة لتسليم سلاح 'حزب الله' في جهة وتصريحات الحزب في جهة أخرى، لذلك علاج هذين الملفين، أمنيا ونقديا، هما تحديان مهمان للدولة اللبنانية".

المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك صرّح بأن وقف تدفق أموال 'حزب الله'، بما في ذلك عبر مؤسسة القرض الحسن، هو أولوية للولايات المتحدة

تامي بروس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية

وتعليقا على رد "القرض الحسن" قال النائب ضو إن "هذا الأمر له تبعات مباشرة على:

أولا، في الاقتصاد: لن يكون هناك دعم جدي أو استثمار خارجي أو خطة إنقاذ فعلية طالما يُنظر إلى لبنان كرهينة لمنظمة مسلحة تتصرف خارج منطق الدولة.

ثانيا، في السياسة: استمرار هذا الواقع يكرس حالة عدم الاستقرار، ويبقي الدولة في موقع المتلقي للأزمات، بدلا من أن تكون صانعة قرار.

ثالثا، في الاستقلالية السيادية: مع كل أزمة إقليمية، سيدفع لبنان الثمن ما دام سلاح 'حزب الله' يُستخدم كورقة تفاوض خارجية.

أ.ف.ب.
أنصار "حزب الله" يقطعون الطريق احتجاجا على قرارات الحكومة سحب سلاح الحزب، الضاحية الجنوبية لبيروت، 8 أغسطس 2025

لذا، المطلوب اليوم أكثر من 'إدارة تعايش هش'، بل مشروع وطني لبناء دولة فعلية، تُطبّق فيها القوانين على الجميع، ويُحصر فيها القرار السيادي بيد الدولة فقط".

مصرف حزب الله "الأسود"

بعد أيام من فرض وزارة الخزانة الأميركية في 3 يوليو/تموز حزمة جديدة من العقوبات على 7 مسؤولين كبار وكيان واحد مرتبطين بجمعية "القرض الحسن"، بدعوى "تورطهم في تمكين 'حزب الله' من تمرير أموال عبر النظام المالي اللبناني على الرغم من العقوبات المفروضة عليه منذ سنوات"، أصدر مصرف لبنان المركزي تعميمه الذي يحظر التعامل مع جمعية "القرض الحسن".

وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، أن "المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك صرح بأن وقف تدفق أموال 'حزب الله'، بما في ذلك عبر مؤسسة القرض الحسن، هو أولوية للولايات المتحدة". وأضافت بروس في تصريحات صحافية في 17 يوليو/تموز: "نحن نرحب بالجهود الأخيرة التي بذلها لبنان في هذا الصدد ونعدها خطوة في الاتجاه الصحيح".

من هنا، أي حل لن يكون تقنيا أو منفصلا، بل سيكون ضمن 'باكيج' كامل يتناول السلاح، والنفوذ السياسي، والمؤسسات الرديفة، وذلك ضمن حسم سيادة الدولة على كامل الأراضي وبكل الأبعاد

النائب مارك ضو

واستدركت: "لكن هناك حاجة للمزيد من العمل. على الحكومة اللبنانية أن تتخلى عن الادعاء بأن 'القرض الحسن' هو منظمة غير حكومية بموجب القانون اللبناني، بينما هي في الواقع مؤسسة مالية يستخدمها 'حزب الله' لتقويض أنظمة العقوبات الدولية والإضرار بالاقتصاد اللبناني الرسمي".

الضغوط الأميركية لتقويض نشاط "القرض الحسن" ليست جديدة، على الرغم من أن هذا الملف عاد إلى الواجهة من جديد منذ تلقي "حزب الله" ضربة قوية في حرب "إسناد غزة" أدت إلى إضعافه، كون هذه الجمعية المرتبطة بـ'حزب الله' كانت هدفا لإسرائيل في حرب الـ66 يوما، حيث تم قصف العديد من فروعه المنتشرة في عدد من المناطق اللبنانية.

أما الولايات المتحدة، فقد بدأت منذ 2007 بفرض عقوبات على الجمعية، ففي عامي 2007 و2016 فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على "مؤسسة القرض الحسن"، واتهمتها "بنقل أموال بشكل غير مشروع" إلى "حزب الله"، وقالت في بيان لها إن هذه المؤسسة "تقوض استقرار الدولة اللبنانية".

رويترز
مودع لبناني يستلم رزم من الأموال بسبب استمرار انهيار العملة اللبنانية، بيروت 10 مارس 2023

كما فرضت في السياق ذاته عقوبات على أشخاص قالت إنهم على صلة بـ"حزب الله" وبمؤسساته المالية. ووصفتها وزارة الخزانة الأميركية بـأنها "مصرف 'حزب الله' الأسود".

وفقا لما سبق أكد ضو أن "الإصرار الأميركي على معالجة ملف 'القرض الحسن' هو جزء من استراتيجيا أوسع لتجفيف مصادر تمويل 'حزب الله'، خصوصا تلك الخارجة عن الرقابة الرسمية. هذا الملف مرتبط بشكل مباشر بالبنية الاقتصادية لـ'حزب الله'، وبالتالي هو لا يفصل عن ملف سلاح الحزب ودوره الإقليمي".

وأضاف "من هنا، أي حل لن يكون تقنيا أو منفصلا، بل سيكون ضمن 'باكيج' كامل يتناول السلاح، والنفوذ السياسي، والمؤسسات الرديفة، وذلك ضمن حسم سيادة الدولة على كامل الأراضي وبكل الأبعاد".

ما هي الخدمات التي يقدمها "القرض الحسن"؟

اعتمادا على ما تقدمه جمعية "القرض الحسن" من خدمات مالية، بناء على ترخيص رسمي حصلت عليه من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987 ، يصفها كثيرون بأنها مصرف لكنه غير خاضع لقانون النقد والتسليف اللبناني، على الرغم من أن الجمعية ترفض هذا الوصف، وتقول عبر موقعها الالكتروني أن "هدفها هو مساعدة الناس عبر منح قروض محددة المدة، مما يساهم في حل بعض مشكلاتهم الاجتماعية، وتعزيز روح التعاون والتضامن والوحدة بين أفراد المجتمع"، ومهمتها الأساسية هي "إحياء القرض الحسن بشكل أكبر في المجتمع".

وفي بيان صادر عن الجمعية في 16 يناير/كانون الثاني 2023، تقول إن عملها هو "ذو طابع خيري واجتماعي بالأساس"، وتضيف أنها "ليست مصرفا وإنما هي جمعية تستقطب المساهمات من أهل الخير، وتقدمها قروضا بدون فوائد لكل الناس المحتاجين لها ولآجال ميسرة".

جعلت الجمعية بحسب مراقبين وجهة لعشرات الآلاف من اللبنانيين الذين فقدوا الثقة بالمصارف التجارية، ولا سيما بعد الانهيار الاقتصادي عام 2019 

وتقدم الجمعية قروضا بدون فوائد، في مقابل رهن مصوغات ذهبية، وخدمات الادخار والتبادل المالي، مع تبسيط الاجراءات لطالبي القروض، وتقليل التعقيدات الإدارية بخلاف المصارف التجارية، والعمل على اعتماد ضمانات مالية وعينية في مقابل القروض الممنوحة لضمان استمرارية عملها، وهذه التسهيلات جعلت الجمعية بحسب مراقبين وجهة لعشرات الآلاف من اللبنانيين الذين فقدوا الثقة بالمصارف التجارية، ولا سيما بعد الانهيار الاقتصادي عام 2019 واحتجاز المصارف لأموال المودعين، وقد اتسعت قاعدة عملاء الجمعية بعد عام 2019، لتشمل كل شرائح المجتمع ومختلف الطوائف، لا سيما في المناطق التي تعمل فيها فروع المؤسسة.

وعلى الرغم من أن الجمعية تعرضت في ديسمبر/كانون الأول 2020، لعملية قرصنة لحساباتها في كل فروعها، من مجموعة أطلقت على نفسها اسم "سبايدرز"، فإنها لم تفقد ثقة المقترضين. وقد تمكن القراصنة من الحصول على تسجيلات الكاميرات المثبتة في الفروع، ونشرت لوائح أسماء المقترضين خلال العامين 2019 و2020 مرفقة بكل التفاصيل المتعلقة بقيمة القرض ونسبة السداد ومعلومات شخصية عن المقترضين.

ماذا يقول متعاملون مع "القرض الحسن"

ساندرا ر. شابة لبنانية تعرّف عن نفسها بأنها "مسيحية – قواتية" أي تنتمي إلى "حزب القوات اللبنانية" المعادي لـ"حزب الله"، بدأت منذ عام 2020 برهن ذهبها في القرض الحسن في مقابل أخذ قروض بعدما خذلتها المصارف التجارية. وتروي لـ"المجلة" أن القصة بدأت عندما كانت صديقتها التي تنتمي إلى الطائفة الشيعية بحاجة لمبلغ مالي كبير ولا يمكن توفيره حينها، وكان جميع المقربين من صديقتها لم ينتهوا من تسديد قروضهم إلى "القرض الحسن"، فاقترحت أن ترهن ذهبها لمساعدة صديقتها، "كنت قلقة في البداية لأن غالبية الذهب الذي أملكه يحمل شعارات دينية مسيحية، وعلى الرغم من كل ما كنا نسمعه عن القرض الحسن، فإن الأمور تمت بسلاسة لم أكن أتوقعها"، وتضيف "سددت صديقتي المبلغ المالي لي في ثلاثة أشهر وعندما سددت القرض قبل موعد تسديده، ربحت مبلغ الفائدة، فأحببت الفكرة، وبدأت كل فترة أرهن الذهب وأسحب قرضا جديدا أسدده قبل موعد التسديد وأربح مبلغا ماليا جديدا، وهكذا استطعت مضاعفة مصوغاتي الذهبية"، "بالنسبة لي كان الأمر أشبه بـ'بزنس' ربحت الأموال من الفريش دولار في وقت كان الحصول على الدولار في لبنان أشبه بمعجزة، ولم أضطر إلى التعامل مع المصارف التي سرقتنا"، تختم ساندرار.

رويترز
الرئيس اللبناني جوزيف عون، بجانب رئيس الحكومة الحكومة نواف سلام خلال جلسة الوزراء لمناقشة قرار حصر السلاح تحت أجهزة الدولة، 5 أغسطس 2025

ومثل ساندرا هناك آلاف اللبنانيين الذين اعتمدوا على "القرض الحسن"، لتحسين ظروفهم المعيشية، والادخار وتوسعة استثماراتهم. وعلى الرغم من تعرض مقرات "القرض الحسن" للقصف الإسرائيلي والضغوط الدولية، فإنه لم يفقد ثقة المتعاملين معه، بسبب عدم تأخره بإرجاع الذهب للمودعين، وحفاظه على حسابات المدخرين، وهذا ما تؤكده ريما ك. من سكان الضاحية الجنوبية: "بعد أسبوع واحد من وقف الحرب انتهيت من تسديد القرض الخاص بي، وبعد أربعة أيام فقط تلقيت اتصالا من 'القرض الحسن' للحصول على مصوغاتي الذهبية"، وتابعت "لم أصادف أحدا من محيطي تأخر في الحصول على ذهبه أو أمواله بعد الحرب أو قبلها، على الرغم من أن الجميع يعتمد على الجمعية للحصول على الأموال".

ثقة المتعاملين مع الجمعية مقارنة بالمصارف

إذن وعلى الرغم من الضغوط الدولية المستمرة منذ سنوات، فإن الناس تلجأ الى الجمعية مع استمرار "الجريمة المتمادية" والمتمثلة في احتجاز كل مصارف لبنان لأموال المودعين منذ أكثر من خمس سنوات، وعجز الدولة ومصرف لبنان عن إيجاد حل لهذه المعضلة الكبرى. من هنا يتعزز حضور جمعية "القرض الحسن" وتتوسع في نشاطاتها المحلية، ويمنحها المتعاملون ثقتهم، هذه الثقة التي فقدتها المصارف التجارية منذ عام 2019، ولم تعمل على ترميمها حتى الآن.

ولكن خطورة "القرض الحسن" لا تنبع من كونه "مؤسسة خيرية" تساهم في مساعدة المجتمع، أو بيئة "حزب الله"، بل من كونه بات "مصرفا لحزب الله" لا يخضع لرقابة مصرف لبنان، ويساهم في تمويل الحزب المصنف "إرهابيا" في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى.

font change

مقالات ذات صلة