جنوب اليمن... 6 عقبات رئيسية وفسيفساء من المشكلات

ثلاثة عقود ونيّف من عمر الوحدة لا تبدو مريحة ولا مُرضية لكثير من أبناء جنوب البلاد

رويترز
رويترز
حشد من الناس في مسيرة نظمها المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، اليمن، في 21 ديسمبر 2025

جنوب اليمن... 6 عقبات رئيسية وفسيفساء من المشكلات

منذ ثلاثة أسابيع مضت، ينشغل الرأي العام في اليمن والمنطقة وحول العالم تقريبا باحتمال انفصال جنوب اليمن عن شماله بعد التحرك العسكري الأحادي الجانب، الذي قام به المجلس الانتقالي الجنوبي نحو محافظتي حضرموت والمهرة شرقي البلاد. وانهمك كثير من المحللين في وسائل الإعلام العربية والدولية في جدل واسع، وذلك لعرض تصوراتهم لمستقبل هذا البلد. واعتقد البعض عودة جنوبه إلى دولته السابقة وتغيرا جيوسياسيا كبيرا أصبحا قاب قوسين أو أدنى دون اعتبار للصعوبات الجمَّة التي تقف أمام حدوث أمر كهذا.

ثلاثة عقود ونيّف من عمر الوحدة لا تبدو مريحة ولا مُرضية لكثير من أبناء جنوب البلاد رغم ما تحقق لمناطقهم خلالها من مكاسب تنموية. هي ليست كذلك بالنسبة لكثيرين في الشمال يشكون فيها من التركيز على إعادة تأهيل الجنوب بعد الحقبتين الاستعمارية والاشتراكية، ومن إهمال مناطقهم وابتزاز إخوتهم الجنوبيين لهم تحت اسم ما أطلق عليه "القضية الجنوبية" حتى بعد أن أصبح معظم زمام أمور الحكومة الشرعية بأيدهم.

لا جدال اليوم في أن تحديات ضخمة تواجهها وحدة اليمن بفعل عوامل داخلية وخارجية متشابكة ومتداخلة تجعل من هذا المشهد فسيفساء هائلة من مشكلات سياسية وعسكرية واقتصادية وغيرها يصعب حلها أو تفكيكها دون توقف حالة اللا حرب واللا سلم التي يعيشها اليمن واستعادة دولته، وذلك قبل التفكير في مستقبله أو مصير هذا الجزء منه أو ذاك.

ودون شك فإن الصيغة القائمة للوحدة اليمنية تواجهها تحديات لتكون الحياة، أو أرضية لا يزال من الممكن البناء عليها لضمان استمرارها وديمومتها. فما هو حاصلٌ الآن من فوضى عسكرية وسياسية ومعاناة معيشية طاحنة يعد أسوأ من الانفصال الذي يعد من الناحية النظرية شبه قائم، لكنه من الناحية الواقعية يبدو غير ممكن بمجرد الإعلان عن البيان رقم 1 أو العشرين، ولا يشكل البديل الأمثل ولا الحل الوحيد لمعضلات اليمن المعقدة والمزمنة.

صورة بانورامية

عند النظر ولو بلمحة سريعة إلى التكوين الجغرافي والديموغرافي لليمن نجد أن الوحدة جرت بين شمال أقل مساحة من جنوبه لكن سكانه يمثلون كتلة بشرية يزيد قوامها على 30 مليون نسمة مقابل 5 ملايين نسمة لجنوبه، معظمها، في الشمال، قبَليٌ فقير ومسلح (60 مليون قطعة سلاح أي بمعدل قطعتين لكل فرد، وفق تقديرات في ثمانينات القرن الماضي)، وبمساحة زراعية أقل وموارد طبيعية متواضعة ويواجه احتياجات متزايدة لمجتمعه الأعلى خصوبة في عدد المواليد، وهذا فيما نجد الجنوب أوسع مساحة وأكثر موارد طبيعية لكنه أقل سكانا، خصوصا في المناطق الشرقية والوسطى منه.

غير أن المشكلة لم تكن في هذا التباين وانعدام التوازن بين الشمال والجنوب، قدر ما كانت في عدم القدرة على تحقيق التكامل بينهما جراء الحروب ودورات العنف والأزمات السياسية والاضطرابات الاقتصادية التي عصفت بالبلاد خلال سنوات الوحدة الخمس والثلاثين، التي كان منجزها الوحيد هو استقرار نظام الحكم السياسي برغم كل ما رافقه من متاعب وإحباطات بدا أن الوحدة معها لم تكن بمستوى تطلعات اليمنيين وآمالهم فيها.

بسبب كل ذلك برزت مظلوميات و"حركات مطلبية" في شمال وجنوب البلاد وشرقها وغربها كانت بمثابة الدافع وراء اندلاع احتجاجات شعبية غاضبة خلال عام 2011 انتهت بانهيار النظام وتنحي الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عن منصبه، ثم بسقوط الدولة على أيدي جماعة الحوثيين المدعومة من إيران، واحتمال تفكك وحدة اليمن على يد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم أيضا من خارج البلاد.

عند النظر ولو بلمحة سريعة إلى التكوين الجغرافي والديموغرافي لليمن نجد أن الوحدة جرت بين شمال أقل مساحة من جنوبه لكن سكانه يمثلون كتلة بشرية يزيد قوامها على 30 مليون نسمة مقابل 5 ملايين نسمة لجنوبه

في مؤتمر الحوار الوطني الذي رعته الأمم المتحدة وشمل كل المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية، واستمر لمدة 10 شهور، اعتبارا من 18 مارس/آذار 2013 وحتى 24 يناير/كانون الثاني 2014 جرى الاعتراف والاعتذار عن مظلومية كل من محافظة صعدة جراء المعاناة التي عاشتها خلال الحروب الست بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، وكذلك حيال ما عُرف بـ"القضية الجنوبية" للمطالبة بجبر الضرر عما لحق بالجنوب جراء حرب عام 1994.
وقد جرى كل ذلك من قبيل إصلاح ذات البين وانتقال البلاد إلى مرحلة جديدة، لكن ما حدث هو تحول مظلومية صعدة إلى مظالم أكثر سوءا مارستها جماعة الحوثيين بعد انقلابها على الدولة وتجاوزات المجلس الانتقالي الجنوبي التي اعتُبرت انقلابا ثانيا على ما بقي من الوحدة تحت شعار "تطهير" محافظات الجنوب من الجماعات الارهابية المتطرفة.

عوائق الانفصال

‏من المتعذر في الوقت الحاضر نجاح أي محاولة للانفصال لأسباب جوهرية عدة:

 أولها، أن البلاد لا تزال تعيش حالة حرب وانقسام لا يمكن معها لأي طرف في هذا الصراع فرض أمر واقع على بقية الأطراف الأخرى بقوة السلاح، أو الاستقواء على سواه بأي ظهير خارجي.

رويترز
انعقاد الجلسة الثانية من مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء في 20 مارس 2013

ثانيها، أن موضوع الانفصال لا يحظى بالإجماع لدى غالبية السكان في الجنوب، بل يلقى رفضا مطلقا من قبل محافظات الشرق أو الوسط مثل شبْوَة وأبيَن اللتين لا تتفقان مع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تتزعمه قيادات أغلبها ينتمي إلى قبائل ما يسمى "مثلث الضالع ويافع وردفان" ويتبادلان عداء تاريخيا على خلفية ما جرى خلال أحداث 13 يناير 1985 التي خسرها الرئيس الأسبق على ناصر محمد وحلفاؤه من قبائل شبْوَة وأبين.

ثالثا، لا يمكن لأي طرف يمني لوحده الادعاء بان لديه "تفويضا شعبيا" للقيام بعمل يقوض وحدة البلاد، وذلك لمجرد قدرته على حشد بضع مئات أو آلاف من الناس لتأييد مشروعه، فالأمر يحتاج إلى استفتاء شعبي حر وديمقراطي وهو ما لم ينص عليه دستور الوحدة المستفتى عليه بالإجماع عام 1991 بشكل نهائي.

رابعا، صحيحٌ أن الوحدة لا يمكن فرض استمرارها بالقوة، لكن الصحيح أكثر أن القوة لا يمكنها فرض الانفصال أيضا، وأن هذا يحتاج إلى موافقة الشريك الآخر، وهذا الشريك- الحكومة الشرعية- التي يدعي المجلس الانتقالي أنه جزء منها تعتبر نفسها في حالة "حرب وجودية" تستهدف الكيان اليمني كله شمالا وجنوبا، وأولوية الشرعية اليمنية هي إنهاء هذه الحرب وإرجاء البحث في أي "خلاف سياسي" إلى ما بعد الانتهاء منها.

البلاد لا تزال تعيش حالة حرب وانقسام لا يمكن معها لأي طرف في هذا الصراع فرض أمر واقع على بقية الأطراف الأخرى بقوة السلاح، أو الاستقواء على سواه بأي ظهير خارجي

خامسا، أن اليمن من وجهة نظر القانون الدولي لا يزال دولة عضوا في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية وتحظى حكومتها الشرعية باعتراف العالم بها، كما أن لديها معاهدات واتفاقات حدودية مع جيرانها لا يمكن التفريط بها. وبالإضافة إلى هذا، فإن المزاج العالمي العام ليس في وارد القبول بظهور دولة جديدة في العالم الثالث خصوصا في منطقة بالغة الأهمية والحساسية أمنيا وجيوسياسيا كاليمن.

سادسا، من شأن أي مغامرة لإعادة رسم الخريطة السياسية لليمن بالقوة ودون اتفاق بين أبنائه كافة أن تمثل خطرا على مستقبل الأمن القومي لدول المنطقة وخصوصا لدول الخليج العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي تربطها باليمن عامة وبمحافظاته الشرقية علاقات عميقة الجذور، اجتماعية وقبلية وسياسية واقتصادية عامة.

يهدد أي مسعى لإعادة تجزئه اليمن بإعادته إلى المربع الأول الذي كان عليه في الماضي القريب قبل الوحدة، ‏فعندما نشأ في شطري البلاد قبل الوحدة نظامان سياسيان مختلفان، ليبرالي في الشمال أقرب إلى اليمين واشتراكي ماركسي في الجنوب، جرَّب اليمنيون صعوبة أن تكون هناك دولتان لشعب واحد، إذ كانت أي مشكلة سياسية في أحد الشطرين تتحول إلى استثمار سياسي للشطر الآخر، وكان المعارضون الذين يواجهون القمع في هذا الجزء يلجأون إلى نظيرهِ الآخر لحمايتهم، وسرعان ما يعمد أيٌ من النظامين في صنعاء أو عدن إلى الاستفادة من وجود هؤلاء المعارضين لديه للاعتماد على خبراتهم في محاربة بعضهما البعض، بل وفي تحويلهم إلى قادة جبهات ورؤوس حرب في كل المواجهات التي دارت بينهما، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولا يتسع المجال لحصرها وذكر صقورها بالاسم والصفة والدور الذي لعبه كلٌ من معارضي النظامين الحاكمين جنوبا وشمالا في تأجيج الصراع بينهما قبل الوحدة وبعدها.

أ.ف.ب
مسيرة في ساحة خورمكسر بمدينة عدن الساحلية، دعما للمجلس الانتقالي الجنوبي رفع فيها صورة لزعيم المجلس، عيدروس الزبيدي، اليمن في 14 ديسمبر 2025

عن هذه المرحلة يصف الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد ما حدث عقب انفجار "الحزب الاشتراكي" الذي كان على رأسه في ما عرف بمذبحة 13 يناير 1986 وفراره مع كبار قادة ومسؤولي وكوادر الجناح الذي كان يمثله: "استقبلت صنعاء 100 ألف من أشقائنا من أبناء المحافظات الجنوبية بكل ترحاب، ولم تشعرهم صنعاء أبدا بالغربة، بل أخذوا امتيازات نظرائهم في الدولة آنذاك وكانوا أفضل حالا من الجنوب".  ولا أنسى أنني كنت احد رواد مقيله في صنعاء، وقد كان يدهش الجميع بأحاديثه عن "ثقافة الكراهية" وما سماها "التعبئة الخاطئة" التي كان يمارسها النظام الاشتراكي ضد منافسه في الشمال. والشيء نفسه في الشمال أقرَّ به الرئيس الراحل علي عبدالله صالح في حديثه للجالية اليمنية في نيويورك 1990.

صحيحُ أن علي ناصر غادر صنعاء إلى سوريا قبل الوحدة بأيام كشرط أصر عليه قادة الجناح الاشتراكي الآخر بزعامة علي سالم البِيْض، لكن الحقيقة أن من بقي في صنعاء من "رفاق علي ناصر"، هم من تصدر الحرب إلى جانب قوات علي صالح خلال حرب صيف عام 1994، مستفيدا ليس فقط من خبراتهم السابقة بالأرض ولكن أيضا من رغبتهم في الثأر من خصومهم السابقين تحت شعار الدفاع عن الوحدة وتعميدها بالدماء.

اليوم يراد لليمن العودة إلى ما كان عليه قبل الوحدة. لكن المشهد أصبح مختلفا تماما في كل البلاد

لم يكن اليمنيون بعد ذلك سعداء أيضا بدولة واحدة لشعب واحد، خصوصا في الجنوب، نتيجة ما تركته حرب عام 1994 من جراح لديهم، رغم ما تحقق لهم من مكاسب تنموية، إلا أن السبب لم يكن مخلفات الحرب وحدها بل في ما اعتبره كثيرٌ من القادة الجنوبيين الذين التقيتهم سوءا في إدارة الوحدة وليس في الوحدة نفسها.

اليوم يراد لليمن العودة إلى ما كان عليه قبل الوحدة. لكن المشهد أصبح مختلفا تماما في كل البلاد، فالشمال لم يعد، سياسيا، شمالا واحدا بعد انقلاب الحوثيين على الإجماع الوطني واستيلائهم على عاصمة الدولة صنعاء والتسبب في حرب لا تزال تسربل بأذيالها منذ عشرة أعوام.

كذلك لم يعد الجنوب، سياسيا واجتماعيا، جنوبا واحدا بعد محاولة المجلس الانتقالي الجنوبي بسط سيطرته على محافظة حضرموت وجارتها الشرقية محافظة المَهَرة وفرض أمر واقع و"استعادة الدولة الجنوبية"، فيما تؤكد حضرموت والمهرة أنهما لم تكونا في أي يوم جزءا من نظام الجنوب العربي الذي أنشأته بريطانيا خلال الحقبة الاستعمارية لمدينة عدن لإدارة شؤون بعض السلطنات والمحميات حولها، وهو الأمر الذي أكده الزعيم الجنوبي الأسبق ذو الأصول الحضرمية، علي سالم البيض، معتبرا أن إدماج حضرموت والمهرة ببقية أجزاء الجنوب كان واحدا من نجاحات "الجبهة القومية للتحرير" في توحيد جميع مناطق الجنوب تحت راية الدولة الجنوبية السابقة.

انضمام مشروط

اليوم، يصر بعض "الحضارم" ومن بينهم مؤيدون للمجلس الانتقالي، على أن انضمامهم إلى دولة جنوبية في حال تم الذهاب إليها "لن يكون شيكا مفتوحا أو على بياض". ويلحُّون على أنه "يجب أن يسبق هذا اتفاقٌ يضمن لحضرموت الاستفتاء على حقها في تقرير مصيرها في حال لم تكن تجربتها مع الدولة الجنوبية المأمولة جاذبة للاستمرار فيها". لكن غالبية سكان حضرموت ترفض ذلك كلية، وتؤكد أنها لن تكون إلا جزءا من دولة يمنية واحدة "تتمتع فيها حضرموت بصلاحيات واسعة لإدارة شؤونها واستثمار ثرواتها الواعدة". أمَّا ما دون ذلك فلا خيار أمام الحضارم، سوى أن تكون لهم دولتهم المستقلة الغنية بمواردها الطبيعية الهائلة.

لكن ما يواجه الخيار الأخير المحتمل لحضرموت هو أنها بقدر اتساع مساحتها وتنوع ثرواتها لا تملك الكثير من البشر لبناء جيش قادر على حمايتها، فمن يعيشون في حضرموت لا يزيدون على مليون شخص فقط من مجموع أكثر من عشرة ملايين شخص من أبنائها المغتربين في دول الخليج العربية أو المهاجرين في جنوب شرق آسيا، بل كذلك في مختلف أصقاع الأرض.

ماذا لو حدث الانفصال؟

في حديث لموقع "حضرموت اليوم" في سبتمبر/أيلول 2012 قال القيادي والوزير الحضرمي الراحل الدكتور صالح باصرة: "إن هناك تضخيما إعلاميا للقضية الجنوبية مع أن هذه القضية على الأرض مشكلة موجودة، لكن المعاناة التي يعيشها الناس في الجنوب ليست مبررا للانفصال".

أ.ف.ب
يمنيون يؤدون رقصة تقليدية بالخناجر احتفالا بيوم الوحدة في صنعاء، 21 مايو 2000

وحذر باصرة في حديث لقناة تلفزيونية محلية من "اقتتال بين الجنوبيين" في حال جرى انفصال الجنوب دون اتفاق مع الشمال، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه الزعيم الحضرمي، الرئيس الأسبق لجنوب اليمن، حيدر أبو بكر العطاس، في حديث أجريته معه لتلفزيون "بي بي سي-عربي"، حيث قال: "مثلما دخلنا الوحدة باتفاق فيجب أن نخرج منها باتفاق"، محذرا من مغبة الذهاب في اتجاه غير هذا.

نائب رئيس الائتلاف الوطني الجنوبي المستقل، علي المسلمان، قال لقناة "الحدث" قبل أيام: "بعد استعادة الدولة لا مانع أن ندخل في خيارات أخرى من بينها الاستفتاء، وبالتالي من الطبيعي جدا إذا حصل أن السواد الأعظم يريد مثل هذا الأمر فهذا هو الحل السليم، تقسيم اليمن في الوقت الحاضر والقبول بهذا لا يجعل الوضع سيستقر في الجنوب". ويضيف الرجل أن لديه "عدة مخاوف وليس خوفا واحدا وهو أن يتم تقسيم اليمن، هذا بصفتي كيمني، وكجنوبي أخاف أن استقلالنا في هذا الوضع وبهذه الطريقة وفرض الاستقلال بقوة السلاح، فهذا معناه اقتتالا جنوبيا–جنوبيا" كما قال.

الوحدة ببساطة ليست زواجا كاثوليكيا مؤبدا يمكن فرضه بالقوة، كما أن الانفصال ليس طلاقا بالخلع يمكن فرضه بالقوة أيضا على غالبية اليمنيين، و"الحضارم" على وجه الخصوص، يتفقون اليوم على أن قرار اللواء عيدروس الزبيدي والمجلس الانتقالي باجتياح حضرموت والمهرة خطأ استراتيجي في توقيته ومكانه يضع الزبيدي تحديدا في مأزق لا يختلف عن وضع الحوثي في اليمن ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) في السودان.

 وبهذا يبدو بقاء قوات "الانتقالي" في حضرموت والمهرة مشكلة وانسحابها من هاتين المحافظتين مشكلة تحبط أنصار الزبيدي الذين من سقف تطلعاتهم نحو انفصال لا يمكن للقوة أن تصنعه دون توافق سياسي لم يحن أوانه بعد وبلا طمأنة للجارة السعودية صاحبة الثقل الأكثر تأثيرا في شؤون اليمن قبل الوحدة وبعدها، بل وعلى صعيد التوازن الجيوسياسي في المنطقة عامة.

font change