فاطمة حمد المزروعي: اكتبوا للأطفال في داخلكم

تبحث عن طرق مبتكرة لمخاطبة الصغار

الدكتورة فاطمة حمد المزروعي

فاطمة حمد المزروعي: اكتبوا للأطفال في داخلكم

أبوظبي: اعتادت الدكتورة فاطمة حمد المزروعي إطلاق أعمالها الجديدة خلال أيام معرض أبوظبي الدولي للكتاب: "هناك كتابان جديدان أطلقا أخيرا، أولهما قصة "دفتر أحمر لمغامرات منصور" عن "دار 2071"، وهي دار نشر جديدة متخصصة في أدب الأطفال، والثاني كتاب الأغاني الشعبية للأطفال في الإمارات في طبعة جديدة".

اختارات المزروعي أن توجه جلّ اهتمامها للأطفال، وهذا نابع من أن "الكتابة للأطفال ممتعة جدا، أجد فيها سعادتي وحيويتي، لأنني أكون أقرب من ذاتي. هذه السعادة تكتمل حين أقرأ للأطفال وأحاورهم، من خلال زياراتي للمدارس خاصة خلال شهر القراءة في مارس/آذار من كل عام". وتضيف: "تحدياتي الحقيقية في أن أجد رسامين مبدعين يتقبلون ملاحظاتي برحابة صدر ويعملون على تنفيذها، يقبلون الحوار، ولا يكررون رسوماتهم في كل القصص! وهؤلاء قلة، أما الأمر الآخر فضعف توزيع الكتب، لكن الوضع الآن أفضل من السنوات السابقة مع ازدياد التجارة الإلكترونية في مجال الكتب".

الكتابة للأطفال ممتعة على الرغم من تحديات ضعف التوزيع وصعوبات إيجاد رسامين مبدعين يقبلون الحوار ولا يكررون رسوماتهم في كل القصص 

ثلاثية القائد

أصدرت فاطمة حمد المزروعي التي كانت عضوا في  المجلس الوطني الاتحادي من 2007 إلى 2011 وعضو المجلس الاستشاري للغة العربية من 2012 إلى 2014 "ثلاثية الشيخ زايد" التي تتألف من "نجم السعد، والغزالة الأولى، وجنة الأحلام" وأهدتها إلى "أم الإمارات" الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة العليا لمؤسسة التنمية الأسرية. تستعيد خصوصية هذا الإصدار، لتبيّن أن "ثلاثية الشيخ زايد للأطفال من أقرب الكتب إلى قلبي، لأنها تتناول سيرة المؤسس وباني الاتحاد، وسيرة نهضة الدولة، وقد صدرت عام 2015، وطبقنا في هذا الكتاب للمرة الأولى في الشرق الأوسط تقنية الكتاب المجسم pop up ولاقى نجاحا لا يزال مستمرا، فصدرت منه طبعات عدة، وقد سعيت من خلال هذه السلسلة إلى تقديم شخصية الشيخ زايد الملهمة وإرثه الحضاري الكبير للأطفال والناشئة، فالتاريخ أثبت حكمته وحفظ مآثره ومواقفه العديدة التي أصبح من خلالها قدوة تسترشد بها الأجيال كواحد من أعظم الشخصيات القيادية في العالم".

الكتب التي تصدرها الدكتورة المزروعي للأطفال، مدروسة بعمق من كاتبة تدرك احتياجات الطفل وأهمية الرسائل التي تتشبع بها أحداث قصصها: "الكتابة للطفل موهبة ذات أجنحة من خيال، علم، تجديد، وحس طفولي غامر. هي كتابة للمستقبل الحلو المشرق، أن تكتب ببساطة، بعمق، وبذكاء، لأن طفل اليوم واسع الإطلاع، بعدما أتيحت له كل مصادر المعلومات بكبسة زر، فعلى الكاتب حتى يصل إلى الطفل أن يكتب للطفل الذي في داخله قبل أن يكتب للأطفال الآخرين. أدب الطفل يتضمن جوانب تربوية ونفسية وفنية، لكنه يهدف قبل أي شيء إلى ملامسة الطفل واهتماماته وتجاربه وظروفه، وإلى أن يزيد إحساسه بالجمال، ويساعده على إطلاق العنان لطاقاته وخياله. وأن يتعرف مواهبه، ما يحب، وما يكره، ضعفه وقوته، مجتمعه والتجارب الإنسانية السابقة، أن يدرك واقعه فيسرّ بما لديه حتى لو كان أقل مما يطمح إليه، عليه أن يتقبل ضرورة التطوّر حتى يحقق أحلامه، وأن يصقل مواهبه، ويتعلم قبول الاختلاف، واحترام الآخر، والتعايش السلمي".

على الكاتب أن يكتب للطفل الذي في داخله، فأدب الطفل يتضمن جوانب تربوية ونفسية وفنية، لكنه يهدف قبل كلّ شيء إلى ملامسة الطفل واهتماماته


كتب من قماش

لا يقتصر اهتمام المزروعي الحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة اليرموك في الأردن في اللغة العربية وآدابها عام 2005 على الكتابة للأطفال فقط، بل سعت إلى ابتكار أفكار لمجموعة من الكتب المصنوعة من القماش للأطفال الحديثي الولادة. تقول: "الكتب القماشية هي للأطفال الصغار جدا، يمكن حملها، وتعليقها في عرباتهم، من خلال اللمس يسمعون صوت خشخشة، أو  يتعرفون في هذه المرحلة الى الأشياء من خلال الفم. وهي كتب آمنة للاستخدام، لأن القماش يراعي المواصفات الأوروبية والخليجية، وتطبق عليه أعلى معايير السلامة والصحة، وتحتوي هذه الكتب على أجزاء من أغان شعبية تناسب أعمارهم، وتذكّر الأمهات بشكل غير مباشر بطفولتهن، وبضرورة الغناء لأطفالهن. وقد نفذت الفكرة منذ سنوات، وهي ضمن أكثر أعمالي انتشارا".

أما المشروع الأخر فهو الألعاب الخشبية، تذكر المزروعي: "اهتممت بجوانب عدة في مجال النشر، أولها الكتاب الورقي من خلال سلسلة الطفل الخليجي، سلسلة الطفل العربي، والقصص المترجمة، وثانيا الألعاب إجمالا ومنها الخشبية، الألعاب الالكترونية التي بدأنا العمل عليها أخيرا. وأنا لست مع فكرة إبعاد الأطفال عن الشاشات، لكن مع فكرة ألا تكون تسليته الوحيدة، وأن تحدد عدد الساعات اليومية، لأن أسبوعه لا بد أن يكون مفعما بالحيوية والإبداع والنشاط، حتى يشبع نفسه من الغذاء الجمالي من خلال القراءة والكتابة والرسم والموسيقى والسينما والمسرح وغيرها، والمراد من ذلك تعليمه حب النفس وتقدير الذات، والذكاء الاجتماعي، والمعايشة السلمية. كذلك تحفيزه على النشاط الرياضي، دون ان نغفل الجانب الروحي والإيماني، مع ضرورة أن يتعلم الطفل كيف يسعد نفسه بشكل صحيح، ويوازن بين دراسته وحياته".   

عناوين إصدارات الدكتورة فاطمة المزروعي للأطفال كثيرة منها "مغامرات القرد الصغير" و"القرد وآخر وحش في العالم" وغيرها من قصص تثير خيال الأطفال وتقودهم إلى أفق لامحدود. عنها تقول: "بدأت بقصة 'مغامرة القرد الصغير' لأنني أحب القرد، فهو يلفت انتباهي، أحب شقاوته وذكاءه، وما يتعلق بحياته، لهذا أقرأ كل ما أجده عنه. الخيال جعلني أدخل عالمه من خلال الطفل الذي يغفو على كتابه، ليدخل الغابة، تناولت جانبا جديدا ألا وهو التربية عند القردة، وكيف تعدل سلوك أطفالها! أما قصتي الجديدة "دفتر أحمر لمغامرات منصور" فالخيال يحلق فيها إلى عوالم أخرى، أرجو أن يعجب أصدقائي الصغار. وقد ركزت فيها على الإبداع والخيال والتأمل وقبول الآخر والتعايش السلمي".

وتضيف: "حاولت تقديم تجربة فنية مختلفة بين كتاب وآخر من خلال التعاون مع الرسامة المبدعة فاطمة البستاني، فأصدرنا معا ثلاثية الشيخ زايد القائم على فكرة الكتاب المجسم pop up، وقصة "رديم" التي ركزت على التعريف بمناطق في إمارة أبوظبي، وكيفية قضاء الإجازات الشتوية وجهود الشيخ زايد البيئية، حيث يلمس الطفل الرسومات ويحاكي لمسيا ما تهدف اليه القصة، ألا وهو التأمل كبعد يضاف، أما قصة 'كيف تصطاد فكرة' فتتناول الإبداع من خلال جانب تفاعلي في آخر القصة. أما 'الدمية الأولى' التي صدرت في 2022، فأعتمد فيها على بناء العالم القصصي كدمى وبيت ومدرسة وصور. وهناك تقنيات كثيرة من الصعب تناولها كلها.

وأخيرا تحدثت الدكتورة المزروعي عن كتابها "الأغاني الشعبية" الذي يوثق جانبا من تراث الإمارات. تشير إلى أن الكتاب جاء بتكليف من مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي. تقول: "معظم ما أكتبه حاليا هو مقالات عن تراث الإمارات، وجل إصداراتي في قصص الأطفال يركز على تعزيز الهوية الوطنية والجانب التراثي واضح فيها، إضافة إلى الألعاب الخشبية التي أذكر منها على سبيل المثل خزانة شمسة وبيت الدمى".

 

font change

مقالات ذات صلة