هل يشكل توسع "بريكس" تهديدا للغرب؟

من منظور غربي، ينبغي أن يكون أكثر ما يثير القلق هو حرص الصين على توسع مجموعة بريكس

AP
AP
قادة دول البريكس يلتقطون صورة جماعية في جوهانسبرغ في 23 أغسطس 2023

هل يشكل توسع "بريكس" تهديدا للغرب؟

جعلت فكرة توسع مجموعة بريكس كثرة من المعلّقين يتساءلون عما إذا كان ذلك سيشكل تحديا للغرب في نهاية المطاف. وكان الأعضاء الخمسة الحاليون للمجموعة، وهم: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، قاموا بدعوة ست دول جديدة للانضمام، بينها بعض الحلفاء التقليديين للغرب، مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر. بالإضافة إلى إيران، والأرجنتين، وإثيوبيا.

وكانت بكين لسنوات تضغط على عواصم مجموعة بريكس من أجل الموافقة على التوسع، ولم يحاول الرئيس شي جين بينغ إخفاء سعادته عندما جرى الإعلان عن ذلك خلال قمة الكتلة في جوهانسبرغ في أغسطس/آب الماضي. وقال إن "توسيع العضوية أمر تاريخي"، مضيفا أنه يظهر "تصميم دول بريكس على الوحدة والتعاون مع الدول النامية الأوسع".

وبدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدوره راضيا، واستغل خطابه في القمة، عبر تقنية الفيديو، لمهاجمة العقوبات المفروضة على بلاده. وأضاف أن نمو عضوية بريكس سيكون علامة على فشل الجهود الغربية لعزل موسكو.

بيد أن حماس الروس والصينيين، المنافسين الكبيرين للولايات المتحدة، لم يخرج واشنطن عن صمتها النسبي بشأن التوسع. واكتفى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بتعليق بسيط، قائلا إنه لا يرى أن التكتل "يتطور إلى نوع من التنافس الجيوسياسي للولايات المتحدة أو أي شخص آخر"، مضيفا أن كثيرا من أعضاء المجموعة لديهم أساسا "اختلافات في وجهات النظر بشأن القضايا الحاسمة"، ما يجعل تماسكها الفعال أمرا صعب المنال.

ولكن هل ينبغي للغرب أن يشعر بالقلق؟ وهل تظهر مجموعة بريكس كمنافس جديد للتحالف الغربي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة؟

حماس صيني

من منظور غربي، ينبغي أن يكون أكثر ما يثير القلق هو حرص الصين على توسعة مجموعة بريكس؛ إذ دعا شي جين بينغ باستمرار إلى توسيع هذه الكتلة ونجح في تجاوز التردد المستمر من البرازيل والهند لتحقيق هذا الهدف. وبالفعل، تنظر القيادة الصينية إلى مجموعة بريكس الموسعة كوسيلة لتحويل التحالف الاقتصادي الحالي غير المنظم إلى قوة جيوسياسية أكثر قوة لتحقيق التوازن ضد النفوذ الغربي. وثمة من يرى أن طموح الصين النهائي هو أن تتولى مجموعة بريكس دورا مشابها لدور مجموعة السبع بالنسبة للدول غير الغربية.

وشدد البيان الختامي الذي أدلى به قادة بريكس في القمة على الحاجة إلى "تعزيز تمثيل الأسواق الناشئة والدول النامية" داخل المؤسسات الدولية، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي. وتتوافق هذه المشاعر مع انتقادات شي جين بينغ المستمرة لما يعتبره هيمنة الولايات المتحدة.

وقد اقترح بعض المراقبين، بما في ذلك نكتار غان من "سي إن إن"، أن شي جين بينغ يهدف إلى جعل مجموعة بريكس نقطة محورية للتعبير عن إحباطات الجنوب العالمي حيال الهيمنة الغربية على المؤسسات العالمية. وما لا شكّ فيه أن القمة التي انعقدت في جوهانسبرغ والتي حضرها ستون بلدا وتلقت ما يقرب من عشرين طلبا لعضوية الكتلة هي تأكيد على أن جهود شي جين بينغ ربما تسفر عن نتائج.

ومن الإنجازات المهمة للصين، والتي يمكن أن تثير المخاوف لدى بعض الدول الغربية، ضمّ حلفاء تقليديين مقربين من الغرب كأعضاء جدد. من بين هذه الدول: المملكة العربية السعودية التي تتمتع بعلاقة وثيقة مع الولايات المتحدة، يعود تاريخها إلى ثلاثينات القرن الماضي.

كانت بكين لسنوات تضغط على عواصم مجموعة بريكس من أجل الموافقة على التوسع، ولم يحاول الرئيس شي جين بينغ إخفاء سعادته عندما جرى الإعلان عن ذلك خلال قمة جوهانسبرغ في أغسطس/آب الماضي

أما دولة الإمارات فتستضيف كثيرا من القواعد العسكرية الأميركية. وبالمثل، تعد مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية بعد إسرائيل، في حين أن إثيوبيا كانت لها أيضا علاقات وثيقة مع واشنطن في السنوات الأخيرة. لكن علاقة الصين بهذه الدول الأربع تطورت مؤخرا، حيث استثمرت بكثافة في إثيوبيا ومصر، في حين تمتعت بتجارة قوية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وظهر نفوذ الصين المتزايد في الشرق الأوسط بشكل خاص في مارس/آذار 2023 عندما ساعدت في التوصل إلى انفراج بين الخصمين القديمين، المملكة العربية السعودية وإيران، وكلاهما عضو جديد آخر في مجموعة بريكس.

ولا ريب في أن إدراج الرياض وأبوظبي والقاهرة وأديس أبابا ضمن مجموعة بريكس، إلى جانب نشاط الصين المتزايد ونفوذها في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، سيدق أجراس الإنذار بأن هذه المناطق التي كانت في السابق موالية للغرب أصبحت أكثر توافقا مع منافس واشنطن الأبرز.

محاولة روسيا كسر عزلتها

يثير توسع مجموعة بريكس المخاوف بشأن ما يعنيه ذلك التوسع لروسيا، والتي حاولت الدول الغربية عزلها دوليا منذ غزوها لأوكرانيا في عام 2022. وعلى غرار الرئيس الصيني شي جين بينغ، أعرب بوتين عن رغبته في بروز مجموعة بريكس الموسعة كقوة معارضة للهيمنة الغربية، زاعما أنها ينبغي أن تصبح كتلة تجارية تمثل "الأغلبية العالمية".

وكانت روسيا من بين الدول الأكثر حرصا على إدراج اسم إيران في قائمة الدول الست الجديدة، إذ إن إيران تشاطر موسكو وجهة نظرها المناهضة للغرب، وتعاني مثلها من العقوبات الاقتصادية الغربية. وربما يعتقد بوتين أن ضم طهران إلى المجموعة يعزز فرص تحويل مجموعة بريكس إلى منظمة مناهضة للغرب على نحو أكثر جلاء. ولكن على الأرجح هو أمل روسيا المتمثل في أن يؤدي إضافة المزيد من الأعضاء إلى خلق مجموعة أكبر من الأصدقاء المحتملين لموسكو، وهو أمر قد يتيح لها النجاة بجلدها من المحاولات الغربية الرامية لعزلها على نحو أفضل.

ولكن الصورة تتصف بالتعقيد بالنسبة لموسكو؛ إذ يرفض بعض أعضاء مجموعة بريكس بشدة رؤية بوتين المتمثلة في تحول الكتلة الموسعة إلى كيان مناهض للغرب؛ حيث أصر الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا داسيلفا في القمة على "أننا لا نريد أن نكون مركزا مضادا لمجموعة الدول السبع، ومجموعة العشرين، أو الولايات المتحدة". وعلى نحو مماثل، صوتت إدارة لولا لصالح قرار في الأمم المتحدة يدين العدوان الروسي على أوكرانيا، على الرغم من أنه رفض منذ ذلك الحين الانضمام إلى نظام العقوبات الغربية والتزم جانب الحياد رسميا.

وبالمثل انتقدت جنوب أفريقيا روسيا بشدة؛ إذ حث الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا على إحياء مبادرة الحبوب في البحر الأسود التي أنهتها روسيا مؤخرا، الأمر الذي حدّ من صادرات القمح الأوكرانية. وعلاوة على ذلك، بدا أن رامافوزا سيلبي مطالب معارضته الداخلية بالسماح للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال بوتين إذا حضر قمة جوهانسبرغ، الأمر الذي دفع الزعيم الروسي إلى البقاء في موسكو.             

مشكلة التماسك

تؤكد ردود الفعل المتباينة التي أبداها أعضاء مجموعة بريكس الخمس الحاليون تجاه تصرفات روسيا في أوكرانيا وجهة نظر سوليفان بأن تباين المصالح قد يجعل من الصعب على التكتل الذي توسع مؤخرا التماسك في إطار تكتل واقعي مناهض للغرب حتى لو أرادت ذلك. ومن الغرابة أن تنظر الصين إلى مجموعة بريكس باعتبارها منافسا محتملا لمجموعة السبع في حين أن ذلك التكتل يكافح من أجل التماسك ولكي يحظى بالأهمية.

من الناحية النظرية، يوجد الكثير من القواسم المشتركة بين دول مجموعة السبع. فجميعها دول ديمقراطية، وتشكل سبعا من أكبر تسع اقتصادات في العالم. ومن الناحية الثقافية، تتألف من ست دول غربية بالإضافة إلى اليابان. ولكن حتى داخل هذه المجموعة التي تبدو متشابهة في التفكير، تسود الانقسامات المتكررة بشأن السياسة والتوجه. ونتيجة لذلك، فإن قممها السنوية التي تعقدها عادة ما تُصدِرُ بيانات ذات طابع خطابي موحد، ولكنها تتمتع بالقليل من الأهمية من ناحية الجوهر؛ ففي الاجتماع الأخير الذي عُقد في هيروشيما، على سبيل المثال، ساد الخلاف حول المدى الذي ينبغي المضي فيه في معارضة الصين، الأمر الذي أفضى إلى اتفاقية مُدجنة نسبيا كانت تهدف لنزع مخاطر الاستثمار في بكين. لكن كان هذا أقل بكثير مما كانت تأمله واشنطن، التي قادت هذه الحملة السياسية.

Reuters
رسالة مسجلة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال الكلمة الافتتاحية في قمة البريكس في جوهانسبرغ، في 22 أغسطس 2023

وسوف تواجه مجموعة بريكس الموسعة عقبات أكبر في العثور على مواقف موحدة؛ فإذا انضمت الدول الست جميعها، فمن بين الدول الأعضاء التي يبلغ عددها إحدى عشرة دولة، ستكون هناك أربع دول ديمقراطية، في حين أن الدول السبع المتبقية هي عبارة عن مزيج من الأنظمة الملكية، ودول الحزب الواحد، ودكتاتوريات الرجل القوي، والدول التي يحكمها رجال الدين.

وبالإضافة إلى أنظمة الحكم المختلفة، يختلف الأعضاء في التوجهات الجيوسياسية الحالية؛ فالسعودية، والإمارات، ومصر هي دول حليفة للغرب تاريخيا، في حين تخطب البرازيل، وجنوب أفريقيا، والهند، والأرجنتين وإثيوبيا ودّ الغرب أيضا. وعلى العكس من ذلك، تتعامل الصين، وروسيا، وإيران بعداوة جلية مع الغرب. وفي حين تتمتع مجموعة السبع بتركيز جغرافي، إذ تقع جميع الدول باستثناء اليابان حول شمال المحيط الأطلسي، سيكون هناك في مجموعة بريكس ثلاث دول في أفريقيا، وثلاث دول في الشرق الأوسط، ودولتان في أميركا الجنوبية، وثلاث دول في أوراسيا، الأمر الذي سيحمل معه طيفا واسعا من الأولويات الجيوسياسية المختلفة.

وعلاوة على هذه العقبات العامة، فقد تؤدي المنافسات والنزاعات المحددة إلى تقويض التماسك؛ إذ اتسمت العلاقة بين الهند والصين بتاريخ طويل من العداء. وفي حين تربطهما علاقات ودية حاليا، فإن الهند تشعر بالقلق من جهود الصين لاستخدام بريكس كوسيلة لتحقيق مصالح بكين، وتنظر إلى نفسها كزعيم منافس للصين في الكتلة.

لا ريب في أن إدراج الرياض وأبوظبي والقاهرة وأديس أبابا ضمن مجموعة بريكس، إلى جانب نشاط الصين المتزايد ونفوذها في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا، سيدق أجراس الإنذار بأن هذه المناطق التي كانت في السابق موالية للغرب أصبحت أكثر توافقا مع منافس واشنطن الأبرز

وبالمثل، وعلى الرغم من الانفراج الأخير في العلاقات عام 2023، تشترك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر في تنافس تاريخي مع إيران الزميلة الجديدة في عضوية بريكس؛ إذ قامت برعاية مصالحات بين أطراف متنافسة في كثير من الصراعات الإقليمية في السنوات الأخيرة. ولا تزال مصر أيضا تخوض نزاعا مع عضو جديد آخر، وهو إثيوبيا، وذلك حول خطط أديس أبابا بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، والذي قد يتسبب في انخفاض كبير في تدفق مياه النيل الذي يعتمد عليه اقتصاد القاهرة.

ونظرا لأن مجموعة بريكس تتطلب الإجماع بين أعضائها لاتخاذ أي إجراءات، فقد يستغرق حل هذه الانقسامات العامة والخاصة، إن حلّت أصلا، سنوات عديدة، نظرا لإمكانية ظهور قضايا جديدة.

مستقلة وليست معادية للغرب

وبالتالي فإن حكومة الولايات المتحدة ربما لا تجافي الحقيقة في اعتقادها بأنه من غير المرجح أن تُقدِم كتلة بريكس الموسعة الجديدة على تحدي الغرب بشكل مباشر على النحو الذي ترغب به روسيا وربما الصين. ومع ذلك، فهذا لا يعني أن الزعماء الغربيين لا يجب عليهم أن ينتابهم القلق؛ إذ يجب أن يُنظر إلى توسع مجموعة بريكس لا باعتباره عملا مخربا للنظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب وحسب، بل كعلامة على حقيقة أن هذا النظام قد انتهى بالفعل.

إنّ دخول دول تحالفت تاريخيا مع الغرب إلى مجموعة بريكس هو خير دليل على ذلك. ولم يسعَ الحلفاء الموالون للغرب كالسعودية والإمارات ومصر في الماضي، وربما حتى عهد قريب يعود لتأسيس مجموعة بريكس عام 2009، إلى الانضمام إلى هذه المجموعة؛ إذ كانوا لا يزالون ينظرون إلى الغرب في ذلك الوقت، ولا سيما الولايات المتحدة، على أنها قوة مهيمنة في العالم، ولم يكن هناك سبب يحمل حلفاء واشنطن على البحث عن بدائل.

ولكن الزمن قد تغير. ويدرك حلفاء وأعداء الدول الغربية الآن أن الولايات المتحدة والكتلة الغربية لم تعودا بالقوة التي كانتا عليها في السابق. فعلى سبيل المثال، تراجع نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في ظل الإدارات المتعاقبة لكل من باراك أوباما ودونالد ترامب وانتهاء بجو بايدن، بعد أن كان يُنظَر إليها في التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين على أنها القوة الإقليمية المهيمنة الواضحة.

AFP
رئيس الصين شي جين بينغ ورئيس البرازيل لولا دا سيلفا ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي خلال قمة البريكس 2023

ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال حاضرة، ومن المرجح أن تظل كذلك، فإنها لم تعد تحاول استعراض قوتها في كل مكان. وعلى هذا النحو، يسعى الزعماء الإقليميون في الرياض، وأبوظبي، والقاهرة، وغيرها إلى تحقيق مصالحهم الخاصة بشكل مستقل عن إرادة واشنطن.

ولكن هذا لا يعني أنهم يتنكرون لصداقتهم مع واشنطن والغرب، بل إنهم يسعون بدلا من ذلك إلى تقديم سياساتهم الخاصة، والتي تختلف في بعض الأحيان عن خط الغرب. وهذا أدى إلى توشيج العلاقات مع الصين وروسيا، فالسعي إلى توسيع هذه الدول لنفوذها من خلال الانضمام إلى بريكس هو اتجاه طبيعي. ومع ذلك، فحتى لو كانت بكين وموسكو ترغبان في النظر إلى ذلك على أنه بداية لتحالف مناهض للغرب، فمن غير المرجح أن تنظر حكومات الشرق الأوسط النظرة ذاتها، ويستثنى من ذلك الاستثناء الواضح للعيان المتمثل في إيران. وهذا ينطبق أيضا على إثيوبيا والأرجنتين، بالإضافة إلى جنوب أفريقيا والهند والبرازيل. إذ لا يُنظر إلى عضوية البريكس على أنها تتعارض مع الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع الغرب، ولكن يُنظر إليها أيضا على أنها وسيلة لتأكيد الاستقلالية عنه.

عالم متعدد الأقطاب

يمكن القول إن المعطل الحقيقي للنظام العالمي قد حدث بالفعل، وتمثل في الغزو الروسي لأوكرانيا. ليس بالضرورة أن المعطل هو الغزو نفسه، بل ردود الفعل العالمية التي تأتت عنه. وفي حين تحالفت الدول الغربية معا وفرضت عقوبات على موسكو، فإن طلباتها من الجنوب العالمي للانضمام إليها لم تلق آذانا صاغية.

وبينما اجتمعت الدول الغربية معا وفرضت عقوبات على موسكو، فإن الدول غير الغربية التزمت جانب الحياد وتحدت طلبات واشنطن. وفي كثير من النواحي، يُعد توسع مجموعة البريكس امتدادا لهذا الاتجاه؛ إذ إن الدول التي كان الغرب يعتبرها أمرا مفروغا منه قد أدارت له ظهرها الآن، وقالت إنها لن تنحاز إلى جانب الولايات المتحدة وحلفائها إلا عندما يكون ذلك في مصلحتها على نحو جلي.

وهذا يعد عرَضا من أعراض العالم متعدد الأقطاب الذي تطور خلال العقد الماضي وأصبح جليا الآن للجميع. ومن المرجح أن مجموعة بريكس لن تصبح ممثلا قويا، ومن المؤكد أنها لن تصبح الثقل المضاد للغرب الذي يأمل فيه كل من الصين وروسيا. لكن توسع المجموعة يشير إلى مدى استفادة القوى المتوسطة الإقليمية القوية من النظام العالمي متعدد الأقطاب. ولم يعد كثيرون يشعرون بأنهم مجبرون على الانصياع للخط الغربي كما كانوا يفعلون من قبل، بل بأنهم أصبحوا يعتمدون على أنفسهم.

font change

مقالات ذات صلة