في فبراير/شباط عام 1945م، قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها، وتتكشف خريطة جديدة للمنطقة، وقد زرع فيها دولة جديدة لإسرائيل في قلب المنطقة العربية (فلسطين) كمأوى وملاذ لليهود الهاربين من الآلة النازية الألمانية التي كانت تلاحقهم في كل مكان. في ذلك الشهر، وفي حدث تاريخي، اجتمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مع الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في خليج السويس، على ظهر السفينة الحربية "كوينسي"، لمناقشة تداعيات الحرب العالمية الثانية.
كان روزفلت قلقا، يحمل بين يديه ملفا يريد أن يحشد له المناصرة والتأييد، كما يروي الكاتب الأميركي ويليام إيدي، في كتابه "القمة الأميركية- السعودية الأولى: القمة السرية بين الملك عبدالعزيز آل سعود والرئيس روزفلت 1945". قال روزفلت للملك عبدالعزيز: "إننا نحن الحلفاء نتطلع إلى إنقاذ البقية الباقية من اليهود في وسط أوروبا الذين يذوقون رعبا لا يوصف على يد النازيين من طرد وتعذيب وهدم لمنازلهم وقتلهم عمدا، واليهود لديهم رغبة عاطفية في سكنى فلسطين".
غضب الملك عبد العزيز وتغير وجهه وتجهم، والتفت إلى روزفلت، وقال: "امنحوا أرض ألمانيا لليهود، فهم الذين اضطهدوهم... أي شر ألحقه العرب بيهود أوروبا؟ إنهم المسيحيون الألمان سرقوا أموالهم وأرواحهم، إذن فليدفع الألمان الثمن، لماذا ندفعه نحن العرب؟".
يفرد خير الدين الزركلي في كتابه "الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز" فصلا خاصا عن موقف الملك عبدالعزيز من قضية فلسطين، وكيف أن تلك القضية كانت في قلب أولويات الملك المؤسس في رسم علاقاته الخارجية، حيث كانت المجابهة الأولى بين الملك عبدالعزيز والبريطانيين حول قضية فلسطين، عندما عرضوا عليه في اجتماعات وادي العقيق سنة 1926م مشروع اتفاق جدة، وطلبوا فيه وضع مادة لاعتراف الملك عبدالعزيز بمركز خاص لبريطانيا في فلسطين والعراق وشرق الأردن. وعندما عرضها نائب القنصل البريطاني في جدة المستر غوردن رفضها الملك عبدالعزيز رفضا قاطعا، فتوقفت المفاوضات حينها من أجل هذه المادة ومواد أخرى، إلى أن تنازلت بريطانيا عنها.
اقرأ أيضا: الضفة الغربية: المستوطنون يستغلون حرب غزة لـ "الحسم"