مايك جونسون... الإبحار في عواصف أميركا

Dave Murray
Dave Murray

مايك جونسون... الإبحار في عواصف أميركا

واشنطن- تولى رئيس جديد لمجلس النواب الأميركي مهام منصبه بعد لأيٍ، ولكنه يواجه وضعا صعبا وسط هيئة تشريعية منقسمة بشدة وشبح إغلاق حكومي يلوح في الأفق، فقد انتخب مجلس النواب مايك جونسون، الذي كان من قبل نائبا صغيرا نسبيا عن الحزب الجمهوري من لويزيانا، فهو لم يرأس لجنة قط، ولكنه بات الآن الرئيس السادس والخمسين للمجلس.

انتُخب جونسون بأغلبية 220 صوتا مقابل 209 أصوات للمعارضة، بعد فترة اتسمت بالفوضى والاضطراب، حيث بقي مجلس النواب دون زعيم منتخب لأسابيع، ما تسبب في إضاعة وقت حرج قبل الإغلاق الحكومي المحتمل. وتصاعدت التوترات الحزبية، قبل أن يصبح جونسون المرشح الرابع لمنصب رئيس مجلس النواب بعد حملات فاشلة قام بها النواب: ستيف سكاليز، وجيم جوردن، وتوم إيمير. ولم يستمر ترشيح الأخير، على وجه الخصوص، سوى ساعات أربع، قبل أن ينسحب بعد أن فشل في إرضاء المشرعين الجمهوريين من اليمين المتطرف.

مرشح توافقي

وفيما بات جونسون الآن هو "المرشح التوافقي" لحزب جمهوري أكثر انقساما، تنمو مخاوف حول سجله المحافظ بشدة؛ حيث يذكر أن جونسون لعب دورا نشطا في تشجيع زملائه أعضاء الحزب على الطعن في النتائج في أربع ولايات متأرجحة، خلال النزاع الانتخابي لعام 2020، من خلال تقديم الحجج القانونية والدعم لموقفهم في تلك الولايات الأربع المتأرجحة. وشارك أيضا بنشاط في "الحرب الثقافية" المستمرة بين التيارات المحافظة والليبرالية في السياسة الأميركية، حيث دافع عن المواقف الإنجيلية بشأن قضايا مثل الإجهاض ومعارضة زيادة تمثيل "مجتمع الميم" في مجالات الترفيه والأدب. وفي نهاية المطاف، يعكس نجاحه في الحصول على مطرقة رئيس مجلس النواب النفوذَ المتنامي لعناصر اليمين المتطرف داخل الحزب الجمهوري والكونغرس الأميركي عموما.

وفي ما يتعلق بالقضية المثيرة للخلاف التي غذت الكثير من الاضطرابات السياسية في مجلس النواب الأميركي– أي المساعدة الأميركية لأوكرانيا– ادعى جونسون أنه كان يدعم على الدوام تمويل تلك المساعدة وأنه دعم "قانون الإعارة والتأجير للدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا لعام 2022". ومع ذلك، فقد واجه انتقادات بسبب تصويته ضد الكثير من التعديلات على قانون تفويض الدفاع الوطني وقوانين الاعتمادات التكميلية التي كان من شأنها أن تقدم دعما أكبر لأوكرانيا.

كانت المبادرة التشريعية الأولى التي صوّت عليها مجلس النواب تحت قيادة جونسون قرارا يؤكد رمزيا تضامن الولايات المتحدة مع إسرائيل

يتمتع الحزب الجمهوري بأغلبية المقاعد في مجلس النواب، وإن تكن أغلبية ضئيلة جدا. ومع تولي جونسون منصب رئيس مجلس النواب الجديد، من المرجح أن تكون هناك احتمالات في الدفع ببنود جدول أعمال الحزب الجمهوري الرئيسة، مثل تعزيز مناهضة الإجهاض، من خلال إلغاء إجراءات "رو ضد وايد" (حماية حرية المرأة الأميركية في اختيار الإجهاض دون قيود حكومية) في جميع أنحاء البلاد.

وكانت المبادرة التشريعية الأولى التي صوّت عليها مجلس النواب تحت قيادة جونسون قرارا يؤكد رمزيا تضامن الولايات المتحدة مع إسرائيل، ودعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، وإعادة التزود بالأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخبارية، وإدانة دعم إيران لـ"حماس"، وتشجيع الجهات الفاعلة الدولية على التحرك، وإدانة هجمات "حماس". وجرت الموافقة عليه بأغلبية 412 صوتا مقابل 10 أصوات فقط.

وفيما يتعلق بموضوع أوكرانيا، أشار جونسون إلى أنه يؤيد استمرار المساعدة الأميركية، ولكن بشروط مرتبطة بها لضمان المساءلة وزيادة الضغط على كييف لتحقيق المزيد من النتائج الفورية ضد الاعتداء الروسي.

وتعهد جونسون بتنفيذ "جدول زمني طموح"، وإنشاء لجنة من الحزبين لمعالجة الدين الوطني، ووضع إجراء مؤقت لتمويل الحكومة حتى يناير/كانون الثاني 2024. كل ذلك ردا على التهديد الوشيك بالإغلاق الحكومي.

مخاطر الفشل

لكن على الرغم من ذلك كله، فإن خطر الفشل لا يزال كبيرا. كانت المحاولة السابقة للتوصل إلى اتفاق قصير المدى قد أسفرت عن إقالة رئيس مجلس النواب السابق كيفن مكارثي، التي كانت سابقة في التاريخ الأميركي، حيث لم يحدث مطلقا من قبل أن تحرك النواب المنتخبون لإخلاء منصب رئيس مجلس النواب، بل جرت العادة أن يتنحى الرؤساء طواعية. وأشارت حملة إقالة مكارثي، التي قادها النائب عن فلوريدا، مات غيتز، إلى أن أعضاء التيار اليميني المتطرف داخل الحزب الجمهوري كانوا أكثر استعدادا لتحمل المخاطر– حتى لو كان ذلك يعني تحدي أعضاء حزبهم– بشأن قضايا يعتبرونها غير قابلة للتفاوض. مثل عدم الولاء للحزب، وزيادة المساعدات لأوكرانيا، والاتفاقات بين الحزبين، التي قد لا تلبي أهداف الجمهوريين.

إذا فشل جونسون في منع إغلاق الحكومة قبل الموعد النهائي، فستتعرض رواتب الموظفين الحكوميين للخطر.

ولا يزال هناك نقص في الإجماع داخل الكونغرس، سواء داخل الحزب الجمهوري أو عبر الخطوط الحزبية، فيما يتعلق بطلبات إدارة بايدن للحصول على 50 مليار دولار من الإنفاق المحلي والطلب الأخير بمبلغ 106 مليارات دولار لأولويات أمن الحدود والسياسة الخارجية. وهناك قضية أخرى مستمرة وهي مقاومة التيارات اليمينية المتطرفة داخل الحزب الجمهوري لقبول تسوية بين الحزبين.

أما في حال فشل جونسون في منع إغلاق الحكومة قبل الموعد النهائي، فستتعرض رواتب الموظفين الحكوميين للخطر، وستتوقف عمليات الوكالات الفيدرالية المهمة. وقد أعرب جونسون نفسه عن أن هذه النتيجة ستكون أمرا "لا يطاق". فإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 17 نوفمبر/تشرين الثاني، فقد يواجه جونسون انتقادات كبيرة على المستوى الوطني ومن داخل حزبه، لفشله في التوصل إلى اتفاق مرضٍ بشأن حدود الإنفاق الحكومي. ما قد يضعه بالتالي أمام مصير مماثل لمصير سلفه، مكارثي.

font change

مقالات ذات صلة