الدعاوى القانونية تثقل رحلة "أوبن إيه آي" المضطربة

تُعتبَر الوثيقة القانونية الشاملة أيضاً منصة يشارك فيها ماسك روايته حول تأسيس "أوبن إيه. آي." وآراءه التي ما فتئ يكررها عن خطورة الذكاء الاصطناعي على المجتمع. مع ذلك، يكمن جوهر المسألة بحسب زعم ماسك في أن "أوبن إيه. آي." خرقت اتفاقها الأولي الذي ينص على مشاركة تكنولوجياتها مع الجمهور، بدلاً من تحقيق نجاح تجاري خاص.

"أوبن إيه. آي." ترد بمطالعة

ردّت "أوبن إيه. آي." بسرعة على اتهامات ماسك من خلال مطالعة شاملة على موقعها الإلكتروني، تناولت كل نقطة طرحها في الدعوى القانونية. تبرز المؤسسة، في نص طويل، دعم ماسك السابق لتحويل "أوبن إيه. آي." إلى جهة تستهدف الربح، مؤكدة أنه كان يؤيد هذه الفكرة قبل مغادرته مجلس الإدارة عام 2018. وتتهم "أوبن إيه. آي." ماسك بمحاولة دمج المؤسسة مع "تيسلا"، شركته، مشيرة إلى تغير موقفه من رسالتها.

إقرأ أيضا: ترف الحوكمة في الذكاء الاصطناعي

تكشف المطالعة أيضاً سلسلة من الرسائل الإلكترونية المتبادلة بين ماسك ومديري "أوبن إيه. آي."، تقدم نظرة إلى تطور أهداف الشركة وتغير آراء ماسك. تتضمن المراسلات رسالة إلكترونية من ماسك يدعم فيها فكرة مفادها أن "من الطبيعي تماماً" عدم مشاركة المعرفة التي يستند اليها الذكاء الاصطناعي مع الجمهور، مشيراً فقط إلى مخاوفه من أن يتسرب إلى أيدٍ غير نزيهة.

علنياً، انتقل ماسك إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ليسخر من "أوبن إيه. آي." وألتمان. على منصته، "إكس" ("تويتر" سابقاً)، أعاد تسمية "أوبن إيه. آي." (الذكاء الاصطناعي المفتوح) "كلوزد إيه. آي." (الذكاء الاصطناعي المغلق)، وشارك صورة محرفة لألتمان وهو يحمل شارة مكتوبا عليها "كلوزد إيه. آي."، مؤكداً التحوّل نحو إبقاء التكنولوجيا سرية.

ويثير خبراء قانونيون شبهات حول الجدوى من دعوى ماسك، مشككين في موقفه القانوني وإمكان مواجهته مشاكل قضائية. ويضيف غياب عقد تأسيس صلب مع اتفاقات وتواقيع رسمية، طبقة أخرى من التعقيد إلى الإجراءات القانونية.

عندما تنهار الثقة

يتحوّل الآن التحالف بين ماسك وسام ألتمان، الذي كان يتسم بالثقة المتبادلة وتحقيق الأهداف المشتركة، إلى حدث إعلامي وقضائي علني. أدى ماسك، الذي كان نموذجاً يُحتذَى في نظر ألتمان في بدايات العقد الثاني من القرن الحالي، دوراً حيوياً في تأسيس "أوبن إيه. آي."، وبلغ تعاونهما، الناجم عن قلق مشترك من أخطار الذكاء الاصطناعي، الذروة في تشكيل المؤسسة عام 2015.

مع عبور "أوبن إيه. آي." سنواتها الأولى، بدأت علامات التوتر تظهر في الشراكة. اقترح ماسك، المعروف بصبره القليل، دمج "أوبن إيه. آي." مع "تيسلا" وأجرى مناقلات على صعيد الموظفين زادت التوتر المتفاقم. واعتُبِر رحيل ماسك عن مجلس إدارة "أوبن إيه. آي." عام 2018 خطوة للتخلص من تضارب المصالح مع "تيسلا"، لكنه كان بداية لمرحلة أكثر انتقاداً في شكل مفتوح في علاقته مع المؤسسة.

بعد ولادة "تشات جي. بي. تي."

شهد الخلاف تصاعداً مع إطلاق "أوبن إيه. آي." برنامج "تشات جي. بي. تي." وتطوره اللاحق منذ سنة ونصف السنة. في مقابلة عبر تدوين صوتي (بودكاست)، وصف ألتمان ماسك بأنه "أخرق"، معترفا في الوقت نفسه بتفانيه في تحقيق مستقبل أفضل للذكاء الاصطناعي. وانتقد ماسك علنياً "تشات جي. بي تي" التابع لـ"أوبن إيه. آي." باعتباره متأثراً بحركة "ووك" الاجتماعية اليسارية، وأطلق روبوتا للدردشة منافساً يحمل اسم "غروك"، فشل في الحصول على تأييد واسع.

إقرأ أيضا: لكي لا يكون "تشات جي. بي. تي." ذئباً في ثياب حمل

تزيد المعركة القانونية التحديات الجاثمة أمام "أوبن إيه آي"، فالمؤسسة تواجه دعاوى قانونية إضافية تتعلق بانتهاك حقوق المؤلفين والاستخدام غير القانوني للأعمال الأصلية لتدريب أدواتها للذكاء الاصطناعي.

وراء جدران قاعات المحاكم

أصبح مشهد الذكاء الاصطناعي الآن شاهداً على صراع عمالقة، مع آثار تتجاوز قاعات المحاكم. يثير الخلاف بين ماسك وألتمان تساؤلات حول الحوكمة والاعتبارات الأخلاقية المتعلقة بتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وتؤكد المجريات أيضاً التعقيدات الكامنة في توجيه مؤسسة نحو رسالتها الأصلية، "غير الربحية"، في ظل ديناميكيات صناعة التكنولوجيا التي تتطور بسرعة.

في الختام، يشكل مسلسل ماسك-ألتمان العلني تحذيراً لمجتمع الذكاء الاصطناعي، فهو يسلط الضوء على التوازن الحساس بين الطموح والتعاون وتحديات الحفاظ على رؤية مشتركة في مجال يحمل إمكانات تحويلية هائلة. وقد تعيد الإجراءات القانونية، المليئة بالشكوك والتعقيدات، تعريف مسار "أوبن إيه. آي." والحوار الأوسع المتعلق بتطوير الذكاء الاصطناعي ونشره في شكل مسؤول.