لا تزال الشخصيات التاريخية معينا لا ينضب لعدد من الكتاب والروائيين، فمثلما رأينا عددا منهم يعود إلى التاريخ العربي ليسرد قصص العلماء والمفكرين القدماء، وجدنا كتابا يعودون إلى التاريخ القريب أو المعاصر ليلقوا الضوء على أديب أو فنان لم يحظ بما يستحق من شهرة، أو ليقدموا صورة جديدة عن أديب أو شاعر معروف. من هذه الأعمال، ثلاث روايات تناولت حيوات شاعرين هما أحمد شوقي ونجيب سرور والملحن بليغ حمدي.
نجيب سرور و"عابر على الجسر "
ليست المرة الأولى التي يتم فيها تناول سيرة وحياة الشاعر والمسرحي الراحل نجيب سرور في عمل روائي طويل، ولكن يحسب للروائية المصرية عبير درويش التي صدرت روايتها مطلع هذا العام عن "دار روافد" بعنوان "عابر على الجسر" أنها جعلت نجيب سرور بطل الرواية الأساس، وجعلت الرواية كلها من خلال صوته، وهكذا تعرفنا اليه من قرب، بخلاف ما فعله طلال فيصل منذ أكثر من 10 سنوات حينما كتب رواية "سرور" (صدرت عن "الكتب خان"، 2013) وجعل القارئ يتعرف الى نجيب سرور من خلال أصوات المحيطين به، زوجته ساشا أو شقيقه ثروت، مرورا بالطبيب المعالج جلال الساعي وغيرهم، وكانت الفكرة التي تقوم عليها الرواية محاولة إيجاد علاقة بين الإبداع والاضطراب العقلي أو الجنون، اعتمادا على معلومات بأن نجيب سرور قضى فترة من حياته في مستشفى الأمراض العقلية.
أما في "عابر على الجسر"، فتأخذنا الكاتبة عبر صوت نجيب سرور نفسه، ليكون هو بطل الرواية متحدثا عن نشأته في قرية أخطاب حيث نشأ وتلقى تعليمه، وكيف بدأت بواكير حياته الأدبية بقراءة المقالات ومحاولات كتابة القصص ومراسلة المجلات المصرية، وتلك المنافسة البسيطة التي نشأت بينه وبين أخيه ثروت، وتتوقف عند محطات حياته المهمة منذ انتقل إلى القاهرة بعد ثورة يوليو/ تموز 1952 وتحوله من دراسة الحقوق كما كان يرغب والده إلى تحقيق حلمه الشخصي بالدراسة في معهد الفنون المسرحية، وهناك يلتقي عددا من الفنانين والمثقفين الذين يكون لهم أثر في حياته، بدءا بكرم مطاوع وصولا إلى جلال الشرقاوي وزكريا الحجاوي وعبد الرحيم الزرقاني وغيرهم، كما يتناول العديد من الكتاب مثل نجيب محفوظ وجيلي عبد الرحمن وأمل دنقل ويحيى الطاهر عبد الله وغيرهم ممن عاصرهم نجيب سرور وأثروا في حياته سلبا أو إيجابا.