عدت إلى طوكيو أواخر العام الماضي بعد أن عملت في بغداد كسفير لليابان، وكانت عودتي إلى بلدي الأم من دواعي ارتياحي الكبير، بعد فترات عملي الطويلة في الخارج في بغداد ونيويورك وبيروت ودمشق وعمان في السنوات التسع الماضية على التوالي.
وكان يجب أن يكون شعوري بعد عودتي شعورا عارما بالراحة والرغبة في الاسترخاء باليابان لفترة من الوقت. إلا أنني بدلا من ذلك رحت أستشعر هذه المرة نوعا غير مألوف من القلق يحوم في أجواء طوكيو. إنه شعور بانعدام الأمن المتزايد في العالم، والذي يؤثر سلبا على مجتمعنا المسالم في اليابان. كان العيش في اليابان يعني تلقائيا أن بمستطاع أي شخص كان أن ينعم برفاهية الأمن والسلام التي قد يفتقدها الناس في مناطق أخرى من العالم، على أن رفاهية الاستقرار هذه بدأت تخفت حتى في اليابان بعد أن أصبحت الأزمات والصراعات العالمية الآن متداخلة بشكل معقد للغاية بغض النظر عن طبيعتها أو منطقتها.
كان التحدي الأكبر بالنسبة لليابان على مدى العقد الماضي يتمثل في الصعود العسكري للصين المتمثل في النشاط الجريء الذي تقوم به البحرية الصينية وخفر السواحل للتوسع البحري، بل ظهرت ميليشيات بحرية تتنكر في زي صيادين في محيط جزر سينكاكو. وبات من الطبيعي جدا أن تستفز القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني باستمرار قوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية من خلال التحليق في المجال الجوي الذي تسيطر عليه اليابان، بينما تقف القوة الصاروخية لجيش التحرير على أهبة الاستعداد لإطلاق أكثر من 4000 صاروخ من أنواع مختلفة ضد اليابان في أي لحظة بمجرد نشوب صراع. وإذا لم يكن في ذلك كله ما يكفي، فها هي الترسانة النووية الصينية التي تبلغ حوالي 500 رأس نووي ترفع عدد تلك الرؤوس إلى أكثر من 1000 بحلول عام 2030.