مدينة طهران تُقصف اليوم دون هوادة من قبل الجيش الإسرائيلي، وهي ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها لعدوان عنيف من هذا النوع، فقد قُصفت من قبل في تاريخها الحديث، ولو اختلفت الظروف واختلفت معها الأسباب. كل المعمرين في إيران يذكرون ذلك الصيف اللاهب عام 1941، يوم كانوا أطفالا عند تدخل بريطانيا عسكريا ومعها الاتحاد السوفياتي، لردع الملك رضا شاه بعد رفضه قطع علاقة بلاده مع ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.
عند اندلاع الحرب قبل سنتين، أعلن الشاه حياد إيران، ولم يشأ أن تصلها نيران المعارك الدولية كما حدث في الحرب العالمية الأولى. كانت بلاده على علاقة تجارية متينة مع كل الدول الأوروبية المتصارعة، وخصوصا مع ألمانيا التي كان يعتمد كثيرا على خبرائها في إدارة المصانع والسكك الحديدية.
غضبت بريطانيا من تواصله مع أدولف هتلر، وطلبت منه طرد الخبراء الألمان من إيران، وكان عددهم ألف خبير، ولكنه لم يستجب. وجهت له الإنذار الأول في 19 يوليو/تموز، والثاني في 17 أغسطس/آب، وعندما أدار لهم أذنا صماء، دخلت القوات البريطانية من العراق في 25 أغسطس وأمطرت العاصمة الإيرانية بالقنابل، بينما قصف الجيش السوفياتي تبريز ومدنا إيرانية أخرى.
انهار الجيش الإيراني بسرعة، وفي 16 سبتمبر/أيلول 1941 أجبر الشاه على التنحي لصالح نجله محمد رضا بهلوي، الذي وعد بأن يكون أكثر انصياعا لمطالب الغرب. وقد وفى بوعده تماما، إلى أن جاءت الثورة الإسلامية للإطاحة به وبعرشه عام 1979. نفي الشاه الأب إلى جزيرة موريشيوس، ومن ثم إلى جنوب أفريقيا، حيث توفي في 26 يوليو 1946، أما ابنه فقد توفي في منفاه المصري يوم 27 يوليو 1980، ودفن في القاهرة.
بعد الحرب الأخيرة التي اندلعت بين إيران وإسرائيل في 13 يونيو/حزيران الجاري، يعود اسم رضا بهلوي إلى الواجهة- حفيد رضا بهلوي الأول- الوريث الشرعي لعرش الطاووس، والملك المنتظر لإيران في حال سقوط نظام "المرشد" علي خامنئي. من منفاه في الولايات المتحدة الأميركية، دعا رضا الحفيد الشعب الإيراني للتضافر والصمود، وإسقاط نظام الثورة الإسلامية القائم منذ أربعة عقود ونيف.