يُنسب إلى تيودور هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، قوله: "إن الأمم ستُجبر على التحالف معنا". ورغم اختلاف التأويلات المحتملة لهذا التصريح، فإن ما لا شك فيه هو إدراك هرتزل العميق لأهمية التحالفات، لا بوصفها أداة لتأسيس دولة إسرائيل فحسب، بل كعنصر حاسم في ضمان بقائها واستمرارها.
سلكت الحركة الصهيونية، ومن بعدها إسرائيل، طريقها في بناء التحالفات بقدر كبير من الحذر، خصوصا عند اختيار الحليف الرئيس. ففي بادئ الأمر، سعت إلى استمالة الدولة العثمانية، لكنها أخفقت في ذلك، فحوّلت بوصلتها نحو بريطانيا، ما أسفر عن صدور وعد بلفور عام 1917، الذي مهّد لهجرة اليهود الأوروبيين إلى فلسطين. ولاحقا، عقدت تحالفا مع فرنسا أسهم في دعم برنامجها النووي، ما ساهم في نهاية المطاف في إنتاج أسلحتها النووية. ومع ذلك، بقي التحالف الذي أقامته إسرائيل مع الولايات المتحدة التحالف الأهم والأكثر ديمومة.
وتبدّلت تحالفات إسرائيل على مدار تاريخها تبعا لما كان يقدمه كل حليف من دعم يعزز فرص بقائها. لكنها لم تكن دائما الطرف الذي يقرر مسار هذه العلاقات، إذ غالبا ما بادر الحلفاء أنفسهم إلى مراجعة مستوى دعمهم، خصوصا حين باتت إسرائيل تُثقل كاهلهم أكثر مما تعود عليهم بالنفع. وقد ظهر ذلك بوضوح في علاقتها مع فرنسا، وبدرجة أقل مع بريطانيا.
نشأ التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة في وقت متأخر نسبيا، لكنه سرعان ما تطوّر إلى علاقة "خاصة". وقد قدم هذا التحالف فوائد كبيرة لإسرائيل، كما خدم مصالح واشنطن، لا سيما بوصفه أداة لمواجهة النفوذ السوفياتي إبّان الحرب الباردة.
ورغم أن الولايات المتحدة كانت أول دولة تعترف بإسرائيل عام 1948، فإن العلاقة الوثيقة بين الجانبين لم تتبلور فعليا إلا بعد حرب عام 1967. وقد تعمّقت هذه العلاقة بشكل ملحوظ خلال حرب 1973 وما تلاها، حين أنقذت واشنطن إسرائيل من خلال جسر جوي زوّدها بأسلحة قلبت موازين الأيام الأولى من المعركة، ومن ثم تعهّدت بالحفاظ على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي على مجموع الجيوش العربية، ما أفضى إلى اعتماد شبه كامل لإسرائيل على واشنطن، وهو ما لا يزال قائما حتى اليوم.