صارت المعادن الحيوية اليوم العمود الفقري للصناعات الحديثة وانتاج الطاقة. فهي، مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل والنحاس وعناصر الأتربة النادرة، في قلب التحولات الصناعية العالمية والتكنولوجية. تُستخدم في تشغيل المركبات الكهربائية، وتخزين الطاقة المتجددة في البطاريات المتقدمة، وتمكين توربينات الرياح والألواح الشمسية، إضافة إلى تقنيات الفضاء والبنية التحتية الرقمية. ومن دونها، يتعذر تحقيق المستقبل منخفض الكربون المنشود.
من هنا تأتي أهمية "مؤتمر التعدين الدولي" الذي تحول في خلال أربع دورات، من مبادرة سعودية طموحة إلى واحد من أبرز المحافل العالمية وأكثرها تأثيرا في قطاع التعدين والمعادن. ويعكس هذا النجاح الدور الريادي لوزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية، التي حولت "رؤية 2030" إلى واقع ملموس بجعل التعدين "الركيزة الثالثة" للنمو الاقتصادي في المملكة.
ومن خلال هذه المبادرة أنشأت الوزارة منصة عالمية لا تعزز الطموحات السعودية فحسب، بل تجمع أيضا الأطراف الدولية المعنية حول الهدف المشترك المتمثل في بناء سلاسل إمداد للمعادن أكثر استدامة ومرونة. وبعد أن كانت المؤتمرات الصناعية في السابق مجزأة ومنتشرة عبر القارات، أصبح لها اليوم محور مركزي في الرياض يشكل منصة موحدة تعيد صياغة سردية المعادن والتعدين والاستثمار في القرن الحادي والعشرين.
الرياض تجمع شركات المعادن وأسواقها
قبل انطلاق المؤتمر، كانت روزنامة التعدين العالمية مقسمة بين المحاور الإقليمية: ففي أميركا الشمالية، هيمن مؤتمر "اتحاد المنقبين والمطورين في كندا" (PDAC) على المشهد؛ وفي أفريقيا، كان مؤتمر "مايننغ إندابا" الأكبر؛ أما في أوستراليا، فتركز "مؤتمر التعدين والموارد الدولي" (إيمارك) على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ومع أهمية كل مؤتمر في منطقته، لم يكن أي منها قادرا على جمع جميع الفاعلين الرئيسيين في صناعة التعدين، من حكومات وصناع سياسات وممولين وقادة الصناعة، تحت سقف واحد على المستوى العالمي.