"المجلة" في الجنوب السوري... ظلّ إسرائيل يخيّم على درعاhttps://www.majalla.com/node/327264/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%B8%D9%84%D9%91-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D9%91%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AF%D8%B1%D8%B9%D8%A7
درعا – "لإسرائيل خطة أبعد بكثير من مجرد حماية الدروز في السويداء". هكذا لخّص نائب محافظ درعا السورية إلى "المجلة" خلال زيارة للمدينة التي تقع جنوب البلاد.
وقال نائب المحافظ مهند الجهماني خلال مقابلة مطولة في مكتبه يوم 13 أغسطس/آب إن "إسرائيل بدأت قصف المنطقة منذ الثامن من ديسمبر/كانون الأول، وواصلت استهداف الجنوب دون توقف، مركزة على المناطق الحيوية".
وأضاف: "في بعض الأحيان، كانت تقصف لمجرد بث الذعر في نفوس الناس، فإسرائيل لا ترغب في استقرار الجنوب السوري".
بعد هذا الحوار بأيام، أسفرت أحدث الغارات الإسرائيلية التي استهدفت جنوب البلاد في 26 أغسطس/آب عن مقتل ستة جنود من القوات الحكومية السورية، بحسب ما أوردته وكالة إعلامية رسمية. ووقع الهجوم في منطقة تبعد نحو عشرين كيلومترا جنوب دمشق.
وقبل أيام من الغارة التي أودت بحياة عدد من الجنود السوريين، اعتقلت القوات الإسرائيلية ثلاثة شبان فجر الحادي والعشرين من أغسطس من منزل في قرية عبدين بوادي اليرموك، غرب محافظة درعا، بتهمة حيازة أسلحة، وفق ما أكده مسؤول محلي لـ"المجلة" في اليوم التالي.
وفي وقت لاحق، أفادت وكالة الأنباء الرسمية بأن القوات الإسرائيلية توغلت في مناطق متعددة من محافظتي درعا والقنيطرة، وأقامت نقاط تفتيش، وذلك في إطار سلسلة من الاعتقالات والانتهاكات التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الأخيرة.
وكان لافتا في الأيام الأخيرة أيضا، أن حوالي 35 شخصية بارزة شاركت في الثورة السورية قتلوا في ظروف غامضة من قبل مجهولين.
في بعض الأحيان، كانت إسرائيل تقصف لمجرد بث الذعر في نفوس الناس، فإسرائيل لا ترغب في استقرار الجنوب السوري
ومعلوم أن درعا هي المدينة التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات في عام 2011، والتي مهدت للانتفاضة التي أطاحت بنظام الأسد بعد عقود من الحكم. وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، تمكن مقاتلو الجنوب من الوصول إلى العاصمة قبل نظرائهم من إدلب، مستفيدين من قربهم الجغرافي.
ومنذ اندلاع المواجهات في منتصف يوليو/تموز بمنطقة السويداء ذات الغالبية الدرزية، اقترحت إسرائيل إنشاء "ممر إنساني" للدروز.
ويُفترض أن يمرّ أي ممر إنساني محتمل بين إسرائيل والسويداء عبر محافظة درعا، الواقعة على الطريق الدولي بين دمشق والأردن، والتي تبعد عاصمتها الإدارية نحو ساعة عن العاصمة السورية. وتستضيف مدينة درعا– التي تحمل اسم المحافظة شأنها شأن السويداء والقنيطرة– عشرات الآلاف من النازحين القادمين من السويداء، إذ يقيم كثير منهم في مدارس ستُفتح أبوابها مجددًا مع بداية العام الدراسي.
وقد اضطر بعض هؤلاء النازحين إلى مغادرة ديارهم، مؤكدين أنهم "لن يعودوا مطلقا" بعد أن دُمّر كل ما كانوا يملكونه.
الأقليات وعدم التوازن
على مدى أسابيع، عقد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني اجتماعات متواصلة مع مسؤولين إقليميين، ساعيا إلى ترسيخ الاستقرار في جنوب سوريا وتقليص أي تهديد قد تشكله إسرائيل على مستقبل البلاد وسيادتها.
يرى معظم المراقبين أن التفاوت الكبير في القدرات الاستخباراتية والتسليحية بين إسرائيل والحكومة السورية يضع الأخيرة أمام خيارات محدودة، الأمر الذي يدفعها إلى تهدئة الجارة الجنوبية والقبول بتسويات من نوع ما.
وقال الجهماني إن بلاده ليست "بصدد البحث عن أعداء. مهمتنا اليوم هي بناء البلاد وتطويرها من أجل الأجيال القادمة".
نائب محافظ درعا مهند الجهماني في مكتبه
ويذهب البعض إلى قول إن ما يجري من عنف في السويداء تقف خلفه إسرائيل، عبر دعمها للزعيم الدرزي حكمت الهجري، ضمن خطة أوسع لربط المحافظة بالأراضي الواقعة في شمال شرقي سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، في محاولة لإضعاف الحكومة المركزية.
وأضاف الجهماني في حديثه لـ"المجلة" إن حكومته تدرك أن "عصابات خارجة عن القانون هي المسؤولة عن العنف وسفك الدماء في السويداء، بينما "أهل السويداء هم أهلنا وعائلاتنا ولن نتخلى عنهم. تلك العصابات هي من صعد الموقف، لكن استهداف إسرائيل لقوات الحكومة المركزية على أطراف السويداء دون أن تمس السويداء نفسها في يوليو يثير كثيرا من التساؤلات.
في 21 أغسطس، أصدرت الأمم المتحدة بيانا سلط الضوء على موجة من الهجمات المسلحة على المجتمعات الدرزية السورية في محافظة السويداء ومحيطها منذ 13 يوليو 2025. وأشار البيان إلى وقوع قتلى، وحالات اختفاء قسري، وخطف، ونهب، وتدمير ممتلكات، إضافة إلى عنف جنسي وعنف قائم على النوع ضد النساء والفتيات. وأفاد بأن الهجمات أسفرت عن مقتل ألف شخص، بينهم ما لا يقل عن 539 مدنيا درزيا، منهم 39 امرأة و21 طفلا، كما أعدم 196 شخصا خارج إطار القانون، بينهم ثمانية أطفال و30 امرأة، وأحرقت أكثر من 33 قرية.
وتشير المجتمعات البدوية المحلية، بما في ذلك النازحون لمحافظة درعا المجاورة، إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرضوا لها لم تحظ بالاهتمام الكافي. ويرى البعض أن كون هذه المجتمعات أقل ثراء وتعليما، وغالبا ما يعمل أفرادها بأجور زهيدة لدى الدروز في السويداء، قد يفسر ضعف التفاعل مع معاناتهم.
ويؤكد عدد من المراقبين أن الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الدولية تولي اهتماما مفرطا بالأقليات، فيما تقلل من شأن الجرائم والانتهاكات التي طالت الغالبية العربية في سوريا. وخلال الحرب السورية التي امتدت لأربعة عشر عاما، شكل العرب السنة غالبية الضحايا الذين سقطوا على يد قوات الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية. أما الدروز، فلا يشكلون سوى نحو ثلاثة في المئة من سكان البلاد.
البدو يروون فظائع اليأس وانعدام الحيلة
في نقطة توزيع المساعدات بمحافظة درعا يوم 13 أغسطس، وقف رجال بوجوه شاحبة ينتظرون ريثما تُفرغ صناديق تحمل شعار منظمة إغاثة تركية من على ظهر شاحنة.
كان مظهر النازحين من البدو يختلف بوضوح عن نظرائهم من الدروز القادمين من المدن، الذين شوهدوا يوميا على متن حافلات تسير بين دمشق والسويداء. فبدلا من الملابس الغربية، ارتدى الرجال العرب من أبناء الريف ذوي البشرة الداكنة كوفيات منقوشة وضعوها فوق رؤوسهم اتقاء لحر الشمس، فيما كانت النساء يسحبن أوشحة ملونة لتغطية النصف السفلي من وجوههن.
قالت امرأة تحمل رضيعها النحيل بين ذراعيها لـ"المجلة" إنها فرت من بلدة شهبا شمال مدينة السويداء "مع طفلي وبطاقتي الشخصية والملابس التي كنت أرتديها فقط".
وتقدمت شابة أخرى، تبلغ من العمر 21 عاما وتنحدر من شهبا، لتروي ما حدث: "الميليشيات الدرزية المحلية قتلت كثيرا من الناس. بدأوا بقتل الأطفال، ثم البالغين".
وأضافت: "غادرنا دون أي ملابس سوى التي كنا نرتديها. جاء عدد كبير من المسلحين، وقالوا لنا في البداية أن لا نخاف، وأن بيننا خبزا وملحا. لكنهم عادوا في وضح النهار وبدأوا بإطلاق النار على كل من يخرج. لم يظهروا رحمة لأحد".
الميليشيات الدرزية المحلية قتلت كثيرا من الناس. بدأوا بقتل الأطفال، ثم البالغين
وتابعت: "نهبوا بيوتنا. أخذوا كل شيء. والدي ما زال في شهبا. نحن سبعة أولاد غادرنا جميعا، لكنه بقي هناك". ثم قالت وهي تحبس دموعها: "لا أريد العودة مطلقا. كل شيء دمر. أخذوا حيواناتنا. نحن لا نحتاج طعاما فقط، بل نحتاج ملابس وخياما وبطانيات، فالشتاء قادم، وكثيرون لا يملكون أي أمل في العودة".
وواصلت حديثها بصوت خافت مع مراسلة "المجلة": "اغتصب المسلحون الدروز النساء. فتاة من أم الزيتون عمرها 14 عاما اغتصبوها، وعلقوا جثتها عارية على شجرة. كما قتلوا زوجة عم زوجي، وامرأة أخرى من شهبا كانت حاملا في شهرها الثامن. قتلوها وقطعوا رأسها، وكان طفلها إلى جانبها. وقتلوا امرأة أخرى أنجبت طفلها قبل خمسة أيام فقط". ولكنها أوضحت أنها لم تشهد هذه الأفعال بعينها، وإنما تعرف الضحايا شخصيا.
وعن مقاتلي العشائر الذين قدموا من مناطق أخرى في سوريا مع بداية القتال، قالت الشابة: "ساعدونا كثيرا. أخرجونا من هناك. لكن ما فعله الدروز لا يمكن تخيله. كيف استطاعوا فعل ذلك؟ كانوا ضيوفنا، جلسوا وأكلوا وشربوا معنا في بيوتنا. كيف استطاعوا؟".
شاب نحيف بدا مصدوما وكأنه على وشك الانهيار، قال لـ"المجلة" إن الميليشيات الدرزية احتجزته عدة أيام، وعندما عاد إلى عائلته النازحة، كان غير قادر على الكلام مطلقا لثلاثة أيام كاملة.
ارتعشت عين الشاب، الذي عرّف نفسه باسم عمران، بعصبية وهو يروي الفظائع التي قال إنه تعرض لها خلال الأسابيع الأخيرة. وأشار إلى أنه كان يعمل سابقا راعيا عند رجل درزي.
قال: "عندما بدأ القتال، طلبوا منا الخروج، ثم أخذوا يوجهون إلينا الإهانات ونحن نغادر، وبعدها احتجزوا الرجال".
وأضاف: "رأيت جثث خمسة رجال من درعا ورجل من حماة عندما أخذوني". ولم يوضح عمران المكان الذي رآهم فيه على وجه التحديد. وحكى عن امرأة رفضت تسليم هاتفها لأنه يحتوي أمورا خاصة، فألقته في المرحاض. "عندها أخذوها، وعادت بوجه مليء بالكدمات. ورجل آخر كان بصحة جيدة اضطروا إلى حمله على نقالة بعدما انتهوا منه".
وأشار قائلا: "في إحدى الليالي أخذوا أربع نساء وأطفأوا المولد الكهربائي، فسمعنا صراخ النساء طوال الليل. كما أن رجلا كسرت ساقه على أيديهم، لكنهم أجبروه على المشي عليها رغم ذلك. سقط أرضا، ولا أعرف ماذا حل به بعد ذلك".
وقال رجل آخر طلب أن يُكنّى بأبي علي لدواع أمنية: "ما ذنبنا؟ قتلوا خمسة رجال كانوا معي، أما أنا فصفحوا عني لأني أخبرتهم أنني عملت لديهم فترة طويلة".
أحد الأزقة في درعا
وأضاف رجل ثالث: "أصيب والدي وظل ينزف يومين كاملين قبل أن نتمكن من نقله إلى درعا للعلاج"، مشيرا إلى أنهم كانوا في منطقة غير بعيدة عن بلدة قنوات، حيث المقر الرئيس للزعيم الدرزي المدعوم من إسرائيل، حكمت الهجري، على تل يشرف على المناطق المحيطة. "بقينا محاصرين خمسة أيام، ولم نستطع إدخال أي طعام. وكل من حاول الخروج استهدفه قناصة في قنوات".
وفي مقابلة أُجريت في أوائل أغسطس بدمشق مع شيخ قبلي كان على خطوط الجبهة خلال معارك أواخر يوليو، قال لـ"المجلة" إن قوات العشائر تمكنت من قتل قناصين اثنين من الأكراد القادمين من مناطق تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، مشيرا إلى أن هذين الرجلين "من المحتمل أنهما تلقيا تدريبا على يد القوات الأميركية"، وهو ما يفسر– بحسب قوله– امتلاكهما مستوى مهارة أعلى من عناصر الميليشيات الدرزية المحلية.
ولم تتمكن "المجلة" بشكل مستقل من التحقق من أي من هذه الروايات.
تاريخ التدخلات والتجاوزات الإسرائيلية
في مدينة داخل غرب محافظة درعا، ينتصب تمثال لامرأة محجبة تحتضن طفلها المتشبث بتنورة فستانها، كتذكار لهجوم إسرائيلي وقع قبل عقود. وقال أحد سكان المدينة لـ"المجلة" خلال زيارة أجرتها إن التمثال يخلد ذكرى نحو سبعين شخصا قتلوا في الثامن من يناير/كانون الثاني 1973، حين استهدفت طائرات إسرائيلية مناطق متعددة في محافظة درعا ودمرت أجزاء واسعة من المدينة، بما في ذلك مدرسة، وكان من بين الضحايا عدد كبير من الأطفال التلاميذ.
وينحدر الجهماني نفسه من مدينة نوى، التي تعرضت مرارا لهجمات إسرائيلية وضربات برية بعد سقوط نظام الأسد. ووفقا لتقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، "في حوالي الساعة الثانية والربع من فجر الخميس، الثالث من أبريل/نيسان 2025، استهدفت طائرات مسيرة تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي تجمعا لمدنيين مسلحين بأسلحة خفيفة في غابة سد الجبيلية غرب مدينة نوى في ريف درعا الغربي. وأسفر الهجوم عن مقتل تسعة مدنيين، جميعهم من أبناء المدينة، وإصابة خمسة عشر آخرين".
وأضاف التقرير أن "الهجوم الجوي سبقه توغل بري نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي في وقت متأخر من مساء الأربعاء، الثاني من أبريل، باستخدام عدة مركبات عسكرية تقدمت نحو منطقة الجبيلية".
وفي تقرير آخر صدر في أغسطس 2025 عن منظمة "إيتانا" السورية، ورد أن "منطقة الانتشار النشط لإسرائيل تمتد إلى حد كبير على طول الشريط الحدودي المنزوع السلاح سابقا في القنيطرة، من الحدود السورية-اللبنانية شمالا حتى وادي اليرموك جنوبا. وتُعد هذه المنطقة، الواقعة داخل الأراضي السورية الفعلية (وليس في مرتفعات الجولان المحتلة)، موقعا متقدما لانطلاق التجاوزات والعمليات العسكرية واسعة النطاق".
منطقة الانتشار النشط لإسرائيل تمتد إلى حد كبير على طول الشريط الحدودي المنزوع السلاح سابقا في القنيطرة، من الحدود السورية-اللبنانية شمالا حتى وادي اليرموك جنوبا
وأضاف التقرير: "لتأمين هذه المنطقة، نفذت القوات الإسرائيلية عمليات تمشيط ونزع سلاح شاملة في المدن والبلدات والقرى الواقعة على امتداد الشريط الحدودي. ومن المتوقع أن توسع القوات الإسرائيلية نطاق هذه المنطقة ليشمل كامل محافظة القنيطرة وأجزاء من ريف دمشق وغرب درعا في المرحلة المقبلة، وهو ما يشكل خرقا خطيرا آخر للسيادة السورية وللقانون الدولي".
وكان الجهماني نفسه قد غادر، مع كثيرين من أبناء جنوب سوريا، إلى إدلب عام 2018 بعد الهجوم الذي شنته الحكومة السورية بدعم روسي على مقاتلي المعارضة، وهو الهجوم الذي أتاح لدمشق استعادة السيطرة على جنوب غربي البلاد. وبموجب التفاهم الذي جرى التوصل إليه حينها، نُقل المقاتلون ومن رفضوا التسوية إلى إدلب ومناطق الشمال الأخرى، وهناك أقام الجهماني قبل أن يعود لاحقا إلى الجنوب.
وقال الجهماني إنه كان أول من دخل فرع الأمن العسكري في دمشق يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، مشيرا إلى أنه سبق الجميع، حتى المقاتلين الذين ظلوا في الجنوب ووصلوا قبل أولئك القادمين من إدلب ومناطق أخرى في الشمال.
وأوضح الجهماني أن من بقوا في الجنوب "لم يدخلوا دمشق بطريقة منظمة" في صباح 8 ديسمبر، و"لم يسعوا إلى الاستيلاء على مؤسسات الدولة أو دخول القصر الرئاسي".
وفي معرض تبرير خبراته التي أهلته لتولي منصبه الحالي، أوضح نائب المحافظ: "من عام 2011 إلى عام 2018، وقبل أن ننتقل إلى شمال سوريا، كنت رئيس المجلس الاستشاري في مدينة نوى. كان المجلس يضم 53 عضوا، بينهم أعضاء من المجلس العسكري والمجلس المحلي، إلى جانب وجهاء العشائر وشخصيات بارزة ومتعلمة من المدينة. وقد نجح المجلس في إدارة شؤون المدينة بكفاءة".
وأضاف: "بعد هجوم عام 2018، وُقع اتفاق بين أحمد العودة والقوات الروسية، وهو من حافظ على المنطقة التي كان يوجد فيها. جميع الترتيبات تمت بالتنسيق مع روسيا. كنا خارج المنطقة حينها، لكننا تابعنا الوضع عن كثب، ووقعت انتهاكات جسيمة بحق المواطنين، بعضها موثق".
وعن مكان وجود أحمد العودة حاليا، قال الجهماني: "هناك شائعات تفيد بأنه خارج المنطقة، لكن لا أحد يعلم يقينا".
وفي 11 أغسطس، ذكرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن السلطات السورية أبدت اهتماما باستئناف دوريات الشرطة العسكرية الروسية في جنوب سوريا، بهدف تقليص نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة.
لكن الجهماني أوضح أنه قرأ الخبر على الإنترنت، ولم يتلق أي معلومات بهذا الخصوص من أي جهة حكومية أو غيرها.
آفاق المستقبل والآمال
وقال الجهماني: "بدأنا العمل في درعا فور التحرير، رغم ضعف الإمكانيات"، مشيرا إلى ضخامة الاحتياجات في مجالات البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم. "نحن الآن نجري جردا ونحاول وضع خطط، لكن إسرائيل تمثل تحديا كبيرا بسبب تدخلها".
وأضاف: "ببساطة، لن يأتي المستثمرون ما دام الوضع غير مستقر، وإسرائيل هي من تصر على إبقائه كذلك".
وأشار إلى أن على الناس أن يتذكروا أنه "حين فر السكان من محافظة السويداء المجاورة خلال القتال الذي اندلع في منتصف يوليو، قدمت حكومة درعا الإقليمية بالتعاون مع الحكومة المركزية مراكز إيواء وطعاما للنازحين. كان ذلك تحديا للطرفين. لكن الممر الإنساني بقي مفتوحا، وتم فصل الفصائل المتقاتلة".
وتابع: "نحن بحاجة إلى إيجاد أماكن بديلة للنازحين، لأنهم يقيمون الآن في المدارس، وهذه ستفتح الشهر القادم. لدينا بعض المنازل لكنها لا تكفي الجميع. نحتاج إلى إنشاء مراكز إيواء مناسبة. الإمكانيات محدودة، لكننا إن شاء الله سنتدبر الأمر. أولوية الحكومة هي رعاية الناس".
وأضاف: "خسرنا الكثير من عناصر وزارتي الدفاع والداخلية، لكننا نجحنا، ولله الحمد، في وقف القتال". وأقر بأن ثمة "انتهاكات لا تزال تحدث، لكننا نوفر احتياجات الناس ونحمي الممر الإنساني".
وختم قائلا: "الحكومة لا تنام في هذه المرحلة الحساسة، لأن سوريا جسد واحد لا يمكن تقطيعه إلى أشلاء. لكننا نحتاج إلى أن تستفيق العصابات الخارجة عن القانون من أجل مصلحة البلاد".