حين صرّح الملك عبد الله الثاني لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في منتصف أكتوبر/تشرين الأول بأن الشرق الأوسط "محكوم عليه بالهلاك" ما لم يُبعث مسار سلمي موثوق وتُقام دولة فلسطينية، لم يكن ذلك مجرد خطاب إنشائي، بل كان تحذيرا شخصيا عميقا ومحملا بالقلق. فالعاهل الأردني، الذي كانت بلاده على مدى ثلاثة أجيال وصية على مساعي السلام وضحية لإخفاقاتها المتكررة في آن معا، يرى في احتمال ضم إسرائيل الكامل للضفة الغربية خطرا وجوديا بكل معنى الكلمة.
ويبدو أن ذلك التحذير قد اكتسب بعدا أكثر إلحاحا، إذ لم تمض سوى أيام قليلة على بث المقابلة حتى أقر الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون يقضي بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة، ما أثار موجة إدانات دولية فورية وأجج المخاوف من اندلاع أزمة إقليمية. ويحظى المشروع بدعم وزراء من اليمين المتطرف مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، في حين يعارضه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحزب "الليكود". ويهدف القانون إلى إخضاع مناطق طالما اعتبرت محتلة بموجب القانون الدولي للسيادة المدنية الإسرائيلية، في خطوة تمثل عمليا إضفاء الطابع الرسمي على الضم.
ويأتي هذا التطور في توقيت بالغ السوء، فإطلاق سراح آخر الرهائن الإسرائيليين من غزة وتسليم "حماس" السلطة مؤقتا إلى هيئة فلسطينية انتقالية كان يُفترض أن يكون بداية لمرحلة إيجابية من خفض التصعيد. لكن الحديث في إسرائيل قد تحوّل نحو ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الضفة، والآن، مع خطوة الكنيست الأخيرة، نحو التوسع.
وهذا التصويت ليس سوى الأول من أربعة تصويتات لازمة لإقرار القانون. وإذا تم تمريره، فإن تداعياته على الأردن قد تكون زلزالية.



