تشنّ إسرائيل حربا متعددة الجبهات لإعادة تشكيل موازين المنطقة، متجاوزة كل شيء تماما، من الأرواح البشرية إلى قواعد الحرب والأعراف الدولية والقيم الإنسانية المشتركة.
ولا يسعى نتنياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف إلى القضاء على "حماس" والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى في غزة فحسب، بل يهدفون كذلك إلى تنفيذ عملية تطهير عرقي لإفراغ القطاع من سكانه الفلسطينيين، عبر إجبار أكبر عدد ممكن من سكانه البالغين نحو 2.3 مليون نسمة إلى الرحيل عنه.
وإذا ما قدّر الإسرائيليون أن القطاع أُفرغ بما يكفي من الفلسطينيين، فإنهم سيسعون إلى تنفيذ مشروع دونالد ترمب لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، عبر تشييد مبانٍ حديثة ومنتجعات سياحية فوق أنقاض حياة مئات الآلاف من البشر.
في مقال نشر في الصحافة التركية بتاريخ 4 أغسطس/آب، قلت: "إن إسرائيل طرف خارجي بالغ الأهمية سيؤثر في مستقبل سوريا، فهي تريدها ضعيفة ومفككة. ورغم أن إسرائيل وتركيا، اللتين عاشتا سنوات من العداء الشديد، تبدوان وكأنهما على وشك الاشتباك في أي لحظة، فإن قنوات الاتصال المباشر بينهما لم تُغلق، إذ لا يزال التواصل قائما بينهما، فيما تضطلع الولايات المتحدة بدور الوسيط وصانع السلام".
لكن الوضع اليوم ازداد خطورة مع تصرف إسرائيل بقدر أكبر من التهور. وأصبح خطر وقوع احتكاك مباشر عرضي بين تركيا وإسرائيل في الشريط السوري الضيق أكثر احتمالا. كما أن ضعف رد المجتمع الدولي يشجع إسرائيل على المضي قدما في سياساتها. وفي الوقت نفسه، بات الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتبادلان الاستهداف علنا.