يذهب الروائي التونسي الحبيب السالمي في روايته الجديدة "أيتها القبرة"، الصادرة عن "دار الآداب" في بيروت، إلى تأمل الحياة اليومية وإعادة صوغها على نحو يبدو معها أننا نكتشفها للمرة الأولى مع أننا نعيش فيها ومعها.
فعلى منوال رواياته السابقة، ومنها "روائح ماري كلير" و"الاشتياق إلى الجارة"، يختبر السالمي علاقة المهاجر العربي بالبيئة الجديدة التي يهاجر إليها، وهي هنا فرنسا. فنجد التونسي محمد، أو "مو" كما يدعوه الفرنسيون تخفيفا، يلتزم رعاية جوسلين أم زوجته دومينيك، بعد أن توفيت الأخيرة.
يذهب إليها في الشهر مرتين من باريس إلى الريف الفرنسي ليساعدها في توفير متطلباتها من أكل وشراب، فيرافقها إلى "السوبرماركت" وإلى الحلاق ومواعيد الأطباء، ولا يتراجع عن مساعدتها إذا ما سقطت في الحمام، أو كادت تسقط، على أرضيته. فعمرها يقترب من التسعين، فيما هو في الستين من عمره، يعيش وحيدا بعد أن غادر ابنه سامي ليعيش مع زوجته وابنتيه.
هذه خلاصة القصة، إلا أن وراءها كثيرا من الحوارات واسترجاع أحداث مضت، وأخرى يتفاجأ بها السارد، محمد، حين يلاحظ تقلبات مزاج السيدة المسنة.
رغبات كبار السن
تبدأ الرواية بسؤال جوسلين لمحمد "كيف كانت أمك؟"، فيستذكر أمه في قرية العلا في تونس، وهي القرية نفسها التي وُلد فيها السالمي، ويجيب عن أسئلتها، طولها ولون شعرها وإذا كان يشبهها، ويذكر لها أن الأم مقدسة عند العرب. وتتشعب الأحاديث إلى ما يشبه الهذيان من قبلها.