كان المشهد في الشرق الأوسط أمس الاثنين ضخما، لكنه وبالرغم من الصور الجماعية في الكنيست الإسرائيلي وفي شرم الشيخ، فإنه كان مشهد الرجل الواحد: دونالد ترمب. والأسئلة تبدأ من هنا: هل في استطاعة رجل واحد أن يفعل هذا كله؟ هل يمكن لرجل واحد أن يحقق السلام في غزة والأراضي الفلسطينية والمنطقة؟ وهي يمكن لـ"السلام بالقوة" أن يخلق سلاما حقيقيا؟
الأكيد أنه بالنسبة للقضية الفلسطينية فإنه ما عاد يمكن الحديث عن سلام بالمعنى التقليدي للكلمة، أي بما كانت تعنيه هذه الكلمة قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لسنا إذن في صدد سلام عادل وشامل، ولا في صدد "الحل النهائي" وفق المعنى القديم لهذه العبارة. فالحرب التي خلقت وقائع جديدة ليس في غزة وحسب بل وفي المنطقة ككل، فرضت مفاهيم جديدة ومعاني جديدة لمفردات مثل السلام.
ولعل المتغير الأساسي أن السلام لم يعد محصورا بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل أصبح تعبيرا عن الهندسة الإقليمية الجديدة التي تدفع الولايات المتحدة باتجاهها، ومن ضمنها خلق ترتيبات أمنية وسياسية واقتصادية في غزة والضفة الغربية، أي إننا لسنا في عملية سلام قائمة على مبدأ "الأرض مقابل السلام"، أو عملية تعالج قضية اللاجئين، أو قضية القدس، بل إن أقصى ما تتضمنه هو انسحاب إسرائيل من غزة، ومن الأراضي التي احتلتها في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ومن النقاط الخمس في جنوب لبنان، وأقصى ما تعد به هو عدم تهجير فلسطينيي غزة والضفة الغربية.
كل ذلك يستبعد مفردة حقوق من قاموس "السلام الجديد" الذي يعادل "الشرق الأوسط الجديد"، كمفهوم جيو- استراتيجي، يعكس موازين القوى الجديدة. أي إننا هنا لسنا في عملية تفاوض على حقوق الشعب الفلسطيني ولا على حق الشعبين السوري واللبناني في أرضه وسيادته، بل في صدد التأقلم مع الوقائع الجديدة، والتي لا يمكن النظر إليها بوصفها نهائية، وكأن "خطة الـ20" للرئيس ترمب هي الوصفة السحرية للسلام والازدهار في المنطقة التي ستنتقل بين عشية وضحاها من الحرب إلى السلام.


