يعيد الفيلم الإيراني القصير "في ظل السرو" الألق الى جماليات سينما الرسوم المتحركة، منحازا لبلاغة بصرية متفردة شعريا، تستغرق 20 دقيقة من السرد الصامت.
الفيلم الصادر عام 2023، بإخراج لافت من المبدعين الإيرانيين شيرين سوهاني وحسين مولاييمي، كان حصد جائزة الأوسكار لهذه السنة 2025، وبذا يثري رصيده من التتويج في أكثر من محفل، ومنها جائزة مهرجان البندقية لأفضل فيلم قصير 2023.
يرصد الفيلم العلاقة الهشة بين قبطان سفينة متقاعد، وابنته الصغيرة الوحيدة، بينما يعيشان في منزل أعزل، على شاطئ البحر.
يستهل الفيلم مشهده البكر باندفاع القبطان إلى المرآة ناطحا إياها بناصية رأسه، حدّ الكسر والإدماء، مما يؤشر الى حالة اضطرابه، فيما تبدي ابنته تعاطفا عواقبه الانهاك النفسي والجسدي. فهي تحاول الحفاظ على توازن البيت الطبيعي، بتدبير شؤونه، لكنها لا تجد في المقابل سوى ردود أفعال حادة عنيفة من والدها المتقلب المزاج، الضالع في نوبات عصابية متعاقبة، هي محض نوبات ما بعد صدمة الحرب، أفقدته غريزة الأبوة، وجعلته ينسحب من اشتراطات مسؤوليته كراع لابنة هي من أمست ترعاه بشكل مفارق.
وحين تتأهب للهرب بعد بلوغ يأسها درجة الاستياء المطلق، إذ يسقطها الأب لحظة كانت تسعفه في مهب غضب مستعر، تفاجأ الصباح الموالي بحوت ضخم يلفظه البحر على الشاطئ، فتتعاطف مع حالته الحرجة، في مسعى لإنقاذه من حالته المنكوبة، فتشرع في سكب الماء عليه، تخفيفا من وطء الشمس اللاسعة. أما الأب، القبطان المتقاعد، فلم يعر الحادثة أي انتباه، ربما عن شعور فادح بالعجز من خيبة أمله، خوفا من فشل قديم، وهذا ما يفصح عنه استرجاع الفيلم لذكريات سوداوية تتعلق بتاريخه الشخصي وهو يقود السفينة في حرب مدمرة آلت به إلى انكسار مبين.



