"المجلة" تنشر محاضر لقاءات بوش وبوتين... من التحالف إلى العداء (1 من 3)

تنشر "المجلة" محاضر ثلاثة اجتماعات مهمة بين الرئيسين الأميركي والروسي في أعوام 2001، و2005، و2008

المجلة
المجلة

"المجلة" تنشر محاضر لقاءات بوش وبوتين... من التحالف إلى العداء (1 من 3)

تنشر "المجلة"- في حلقات- الترجمة الحرفية لمحاضر ثلاثة اجتماعات مهمة بين الرئيسين جورج دبليو بوش ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أعوام 2001، و2005، و2008.

- من رغبة الرئيس الروسي للانضمام الى "الناتو" إلى التعهد بتعطيل توسيع الحلف

- من التحالف في محاربة الإرهاب إلى رفض "الثورات الملونة" وصولا إلى التصعيد

- بوتين يكشف عن صليبه الذي نجاه من الحريق وإيمانه بمبادئ الشيوعية

- خيبة بوتين من رد فعل الغرب وتعامله مع انفتاح روسيا في التسعينات

- بوتين: حسن النية السوفياتية غيرت العالم، طوعاً. وروسيا تخلت عن آلاف الكيلومترات المربعة

-بوتين: أمر لا يصدق... أوكرانيا، وهي جزء من روسيا لقرون، تم التخلي عنها

- بوتين لا يرغب في أن يحصل نظام ديني متشدد في إيران على أسلحة نووية

تكمن أهمية هذه المحاضر التي رفع الحظر عنها يوم الاثنين 22 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في كشفها عن تبدل علاقات البلدين من الشراكة في محاربة الإرهاب، إلى تراكم الخلافات بينهما بسبب دعم واشنطن لـ"الثورات الملونة" في المحيط السوفياتي السابق، وقرار نشر أنظمة الاعتراض الصاروحي في شرق أوروبا، وصولا إلى اعتراض روسيا على قرارات قمة بوخارست 2008 بشأن ضم أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتأكيد بوتين على أنه سيعمل على تعطيل هذا الانضمام باستخدام حلفاء لها في أوكرانيا. وبدا في الوثائق، أن الرئيسين بوش وبوتين ورغم خلفياتهما المحافظة، وإيمانهما بالقوة لتغيير الواقع، استطاعا إيجاد مساحة للتفاهم وإدارة الصراع رغم الخلافات الكبيرة في نظرتيهما. وفي أحد اللقاءات يطرح بوش قصة صليب بوتين ويتحدث عن مواصفات هذا الصليب وكيف نجا من حريق في البيت الريفي للرئيس الروسي.

وبعد شهرين على آخر اجتماع بين بوش وبوتين، وعلى خلفية امتعاض روسيا وتذمرها من سياسات الغرب، شنت روسيا حربا على جورجيا في أغسطس/آب 2008، ونصبت قوى حليفة في إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية لتفتح بعدها مرحلة اتسمت بالعداء طوال حقبة الرئيس باراك أوباما رغم توصل الجانبين أثناء الفترة التي تولى فيها ديمتري ميدفيديف الرئاسة إلى التوقيع على معاهدة "ستارت-3".

وتُظهر الوثائق أن الرئيس بوتين كان حليفاً وثيقاً لبوش في عام 2001، حيث تشاركا التركيز على مكافحة الإرهاب. بوتين على الشيشان وبوش على تنظيم "القاعدة"، لدرجة أن الرئيس الأميركي قال لنظيره الروسي: "أنت من النوع الذي أُفضل وجوده معي في خندق المعركة".

في خصلة لم يتخل عنها نطرا لشغفه بالتاريخ، قدم بوتين عرضا لرؤيته عن انهيار الاتحاد السوفياتي، وفيها يظهر عدم رضاه عن فقدان مساحات شاسعة من أراضي روسيا التاريخية

لكن في نهاية ولاية الرئيس بوش، كان بوتين قد أعلن انتقاداته الشديدة لسياسات الولايات المتحدة مثل غزو العراق وتوسيع حلف "الناتو" في مناسبات عديدة بما في ذلك خطابه الشهير في مؤتمر ميونيخ عام 2007.

تقدم هذه الوثائق أدلةً لم تكن متاحةً من قبل عن الشراكة الوثيقة بين بوتين وبوش بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، بما في ذلك تعليقات استثنائية من بوش حول نوايا الولايات المتحدة في أفغانستان، وتقييمات سنوية للفشل الأميركي في العراق، وتفاعلات ودية كثيرة بين الرئيسين.

وبمرور الوقت، أصبحت المحادثات أكثر صعوبة، لا سيما فيما يتعلق بالنقد الروسي للحجج الأميركية المؤيدة للدفاع الصاروخي، وتزايد ارتياب بوتين في النوايا الأميركية في المحيط السوفياتي السابق.

تقدّم النصوص أيضاً مناقشات صريحة رفيعة المستوى حول طموحات إيران النووية، وحقائق البرنامج النووي لكوريا الشمالية. وتجادل الرئيسان حول صعود قوة الصين. إذ يقول بوش إن "الصين هي أكبر مشكلة طويلة الأمد لكلينا". وعندما رد بوتين: "هذا لكم"، قال بوش: "إنهم ليسوا على حدودنا".

أ.ف.ب
الرئيسان الأميركيان جورج بوش وجورج دبليو بوش خلال تجمع انتخابي حاشد لدعم ترشح الإبن في ميلفورد، نيو هامبشاير 29 يناير 2000

اللقاء الأول الذي نعرض ترجمة حرفية كاملة لمحضره، عُقد في قلعة برونو في سلوفينيا في 16 يونيو/حزيران 2001. وجاء بعد شهور من تولي بوش الابن الحكم وقرابة عام ونصف العام على صعود بوتين الذي أطلق حربا جديدة على الانفصاليين في الشيشان، وبدأ في صراعات مع حيتان المال الروس، ووسائل الإعلام الممولة من عدد من المليارديرات الذين فروا لاحقا إلى إسرائيل وبريطانيا مثل فلاديمير غوسينسكي، وبوريس بيريزوفسكي.

وفي اللقاء، أعرب الرئيسان عن رغبة في بناء علاقات وثيقة. ويُسرُّ بوش لبوتين بأنه ينظر إلى اللقاء على أنه الأهم ضمن جولته الأوروبية، ويشير إلى أن الأوروبيين كانوا "متوترين" ويعتقدون أنه انعزالي نظرا لخلفيته من مقاطعة تكساس (قلب الغرب الأميركي المحافظ). وفي مؤشر إلى " الكيمياء" بين الشخصيتين دعا بوش بوتين لزيارته في مزرعته، ورد بوتين بدعوة بوش إلى موسكو ومنزله.

وفي خصلة لم يتخل عنها بوتين نطرا لشغفه بالتاريخ، قدم بوتين عرضا لرؤيته عن انهيار الاتحاد السوفياتي، وفيها يظهر عدم رضاه عن فقدان مساحات شاسعة من أراضي روسيا التاريخية، وتبرير رد روسيا العنيف في الشيشان.

وبعد إشارته إلى أن "حسن النية السوفياتية غيرت العالم طوعاً. وأن تخلي الروس عن آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي طوعاً أمر لا يصدق، وأن أوكرانيا الجزء من روسيا لقرون تم التخلي عنها. وكازاخستان والقوقاز أيضاً. من الصعب تخيل ذلك، وفعلها زعماء الحزب" (الحزب الشيوعي السوفياتي)، يقول بوتين إن الروس شعروا بأنهم "خُدعوا بسبب تغييرات واسعة النطاق جلبت المزيد من الحرية التي لا يستطيعون التمتع بها"، وأن النخبة تشعر بالإحباط. ويوضح بوتين أن الغرب لم يساعد روسيا اقتصاديا ولم يتعامل كما فعل مع بلدان أخرى في قضية الديون.

بوش: كان الناس يظنون أنني انعزالي، وأنني لا أبالي بأوروبا. كانوا يشعرون بالقلق، وربما أزعجهم أنني قادم من تكساس. لكن الأمور تحسنت الآن مع وسائل الإعلام

وفي هذا اللقاء الأول، تطرق الزعيمان إلى أهم قضايا العلاقات الأميركية-الروسية، كالاستقرار الاستراتيجي، والدرع الصاروخي، ومنع الانتشار النووي، وإيران، وكوريا الشمالية، وتوسع حلف "الناتو". وأكد بوش لنظيره الروسي أنه يعتبر روسيا جزءاً من الغرب وليست عدواً. وفي حين رأى بوش أن علاقة البلدين أكبر بكثير من الاستقرار الاستراتيجي، وشدد على أن "روسيا القوية في مصلحتنا"، وأن الاستقرار لا يتولد من الاعتماد على قدرة كل دولة على تدمير الأخرى. ويؤكد بوش أنه لا يمكن لأي دولة مارقة أن تبتزّ أميركا أو روسيا.

ويعيد بوتين طرح العرض السوفياتي بشأن الانضمام لـ"الناتو" في عام 1954، ويشير إلى أن روسيا مستبعدة عن عضوية الحلف رغم انتهاء الأسباب التي كانت تمنع انضمامها حسب تقييم الحلف ذاته في الأسباب المعروضة حينها لتبرير عدم قبول انضمام الاتحاد السوفياتي.

إيران والقلق الروسي منها

وفي الموضوع الإيراني، بدا أن روسيا تشارك واشنطن مخاوفها من البرنامج الصاروخي الإيراني، وكذلك رغبة طهران في بناء برنامج نووي. وفي اللقاء، قال بوتين: "يطرح الخبراء الإيرانيون بالفعل الكثير من الأسئلة حول المسائل الحساسة على خبرائنا. لا شك أنهم يريدون سلاحاً نووياً. لقد أوعزت لموظفينا بعدم إطلاعهم على مثل هذه الأشياء". وتعهد بوتين في اللقاء بتقييد تزويد إيران بتكنولوجيا الصواريخ. ويشير إلى أن روسيا لديها "تاريخ معقد مع إيران" ضمن عرضه عن موقف روسيا من "الدول المارقة"، وهو المصطلح الذي أطلقته إدارة بوش على كوريا الشمالية وإيران بشكل أساسي. وقال بوتين: "أعلم بوجود مخاوف بشأن علاقات روسيا مع الدول المارقة. هل تعتقد أنني أحبهم؟ موضحا أن الشركاء الغربيين الجدد تخلوا عن روسيا التي تواجه مخاطر.

أ.ف.ب
لوحة إعلانية تحمل صورة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، معروضة في وسط ميدان ولي عصر بطهران، في 13 يوليو 2025

وفي التفاصيل تتكشف رغبة روسيا في بناء علاقات مع الغرب على أساس احترام مصالحها، كما تتضح عدم رغبة روسيا في حصول إيران على السلاح النووي من دون فقدان سوق مهم للسلاح والتعاون معها في مجال الطاقة والأمن الإقليمي.

وهنا ترجمة عربية لمحضر الاجتماع الأول في 16  يونيو/حزيران 2001..

اجتماع بين الرئيس جورج دبليو بوش والرئيس الروسي فلاديمير بوتين

المشاركون:
الرئيس جورج بوش
كوندوليزا رايس، مساعدة الرئيس لشؤون الأمن القومي، مقررة

بيتر أفاناسينكو، مترجم

الرئيس فلاديمير بوتين

فلاديمير روشايلو، أمين مجلس الأمن، مقرر مترجم

التاريخ والوقت والمكان:

16 يونيو/حزيران 2001، من الساعة 2:50 إلى 4:30 بعد الظهر

قلعة بردو، سلوفينيا

الرئيس بوتين: كيف كانت رحلتك؟ (غير مصنف)

الرئيس بوش: الوضع جيد الآن. كان الناس يظنون أنني انعزالي، وأنني لا أبالي بأوروبا. كانوا يشعرون بالقلق، وربما أزعجهم أنني قادم من تكساس. لكن الأمور تحسنت الآن مع وسائل الإعلام.

في قمة مجموعة الثماني في طوكيو، وفي الاجتماعين اللذين تلياها، قيل إن مسألة ديون روسيا ستُحل. لكن ذلك لم يحدث أبدا، ولم يُعامل الوضع كما جرى مع بولندا أو مصر

بوتين: لقد تمكنت من تهدئتهم. إنك تمتلك موهبة حقيقية في ذلك.

بوش: لن أقول ذلك علنا، لكن هذا الاجتماع هو الأهم في هذه الرحلة. الجميع يراقب. الأوروبيون الذين التقيت بهم قالوا إن الاحترام أمر بالغ الأهمية. قرأت كتابك. أعلم أنك تحتفظ بصليب.

بوتين: يصف الصليب والحريق الذي اندلع في منزله الريفي.

بوش: يجب أن نكون صريحين وواضحين.

بوتين: نعم، هذا الاجتماع مخصص للتواصل الشخصي. لدينا قضايا سنعمل عليها على المدى الطويل، مثل الاستقرار الاستراتيجي. لكن ما الذي يدعوكم إلى اعتبار معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية مقيدة لكم؟ ما الذي تمنعكم من تحقيقه؟ دع خبراءنا يجتمعون لبحث السبب الذي يجعلها تُعطّل خططكم.

أ.ف.ب
الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في الكرملين، 24 مايو 2002

بوش: أدعوك إلى زيارة واشنطن، وربما إلى المزرعة أيضا. علاقاتنا تتجاوز بكثير مسألة الاستقرار الاستراتيجي. أنا لا أقلل من شأن روسيا، بل أرى أن قيام دولة قوية في روسيا يصب في مصلحتنا. معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية وُضعت على أساس أننا خصمان، غير أن الاعتماد على قدرة كل طرف على تدمير الآخر لا يصنع استقرارا حقيقيا. هذه المعاهدة تكرّس العداء بدلا من أن تعزز الاستقرار. علينا أن نعيد تعريف التهديدات الجديدة، الصادرة عن أولئك الذين يكرهون أميركا، وقد يكرهونكم أنتم أيضا. إنها ليست "حرب نجوم". الفكرة هي أن لا تتمكن أي دولة مارقة من ابتزاز أميركا أو روسيا. لقد تحدثت عن الاعتراض عند الإطلاق، لكن المعاهدة تُقيّد هذا النوع من الدفاع. فكّر في الأمر.

بوتين: يسرني القبول بإطار أوسع للعلاقات بين بلدينا. وينبغي أن تقوم هذه العلاقات على الصراحة. أنا محبوب في روسيا، وسأقول لك لماذا: لأنني أعيش على تماس مباشر مع الناس. يشعر الروس بأنهم خُدعوا نتيجة تغييرات عميقة جلبت لهم قدرا من الحرية لا يستطيعون الاستفادة منه. هذا الإحباط لا يقتصر على الفقراء، بل يطال أيضا النخبة.
ما الذي حدث فعلا؟ النوايا السوفياتية الطيبة غيّرت وجه العالم طوعا. الروس تخلوا، بإرادتهم، عن آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي. وهو حدث غير مسبوق. أوكرانيا، التي كانت جزءا من روسيا على مدى قرون، جرى التخلي عنها، وكذلك كازاخستان، ومنطقة القوقاز أيضا. من الصعب تصوّر ذلك، لكنه وقع، وقد اتخذ قادة الحزب تلك القرارات.

ثم جاءت قضية الشيشان. انسحبت روسيا في عام 1996، وماذا كانت النتيجة؟ دخل متطرفون من دول عربية وهاجموا أقاليم مجاورة.

في قمة مجموعة الثماني في طوكيو، وفي الاجتماعين اللذين تلياها، قيل إن مسألة ديون روسيا ستُحل. لكن ذلك لم يحدث أبدا، ولم يُعامل الوضع كما جرى مع بولندا أو مصر.
أنا على دراية بوجود مخاوف بشأن علاقات روسيا مع بعض الدول المارقة. لكن هل تظن أنني أحب هذه الأنظمة؟

بوش: لا أعلم. أعلم أنك تتعامل معهم.

بوتين: ذهبت إلى كوريا الشمالية لأن الولايات المتحدة كانت تستخدم برنامجها الصاروخي ذريعة للتنصل من معاهدة الصواريخ المضادة للباليستية. ولهذا السبب قررت الذهاب.

روسيا تنتمي إلى الغرب، وهي ليست عدوا. بعد خمسين عاما، قد تُصبح الصين مشكلة كبيرة. مصالح روسيا الحقيقية تكمن مع الغرب

عندما تفكك الاتحاد السوفياتي، برزت أخطار على الحدود الجنوبية لروسيا. نحن نواجه تطرفا إسلاميا. كنت بحاجة إلى وسائل ضغط، ولم يكن بإمكاني الحصول عليها بطرق أخرى، فقد اختفت أدوات الضغط التقليدية. أما الأصدقاء الجدد، فقد تخلوا عني. ولم يُقدَّم أي تخفيض في الديون.

عندما التقيت كيسنجر في سانت بطرسبورغ، سألني عن خلفيتي. وقال لي إن جميع الأشخاص المحترمين بدأوا مسيرتهم في الاستخبارات.

بوش: القادة يرثون مشكلات، ولي أنا أيضا مشكلاتي. سمعت عرضك. دولتكم تمرّ بمأزق. آمل أن تتجهوا نحو الديمقراطية واقتصاد السوق الحرة.

الشيشان تمثل معضلة. اللجوء إلى القوة المفرطة، والمسّ بحقوق الأقليات، أمر مروع. هذا يبعث برسالة تختلف تماما عن تلك التي تحاول إيصالها على الصعيد الاقتصادي. هذه ليست الطريقة المثلى لمعالجة هذا الملف.

أنا قلق من إيران. وصول أسلحة إلى هذا البلد قد يُلحق الضرر بكم أنتم أيضا. وليس بوسعي أن أفعل الكثير معهم في الوقت الراهن.

رويترز
جندي مدفعية من اللواء المدفعي المستقل 44، التابع للقوات المسلحة الأوكرانية، يُجهز قذائف لإطلاقها من مدفع هاوتزر M777 باتجاه القوات الروسية في منطقة دنيبروبيتروفسك، أوكرانيا، 24 ديسمبر 2025

لسنا نسعى إلى إضعافك. نحن بحاجة إلى التعاون في الكثير من القضايا، من بينها موارد الطاقة في حوض بحر قزوين.

لدي مشكلاتي أيضا. ويبدو لي أنه إذا كنت قلقا بشأن المشكلات على حدودك الجنوبية، فعليك أن ترحب بتوسيع حلف شمال الأطلسي، لأنه قد يُسهم فورا في تحقيق الاستقرار في المنطقة الواقعة إلى غربك في مواجهة الأصولية.

زارني كيم داي جونغ من كوريا الجنوبية هذا الربيع. قلت له إنني لا أثق بكيم جونغ إيل، وأنا فعلا لا أثق به، لكن هناك قضايا يمكن معالجتها في شبه الجزيرة الكورية، وينبغي أن تتعاون روسيا والولايات المتحدة بشأنها.

روسيا تنتمي إلى الغرب، وهي ليست عدوا. بعد خمسين عاما، قد تُصبح الصين مشكلة كبيرة. مصالح روسيا الحقيقية تكمن مع الغرب. وعليك أن تكون مثل الغرب: بسيادة القانون، وريادة الأعمال، وحرية الصحافة. لقد اتخذت بعض الخيارات الجيدة، مثل قانون الضريبة الموحدة، وآمل أن تواصل السير في هذا الاتجاه.

بوتين: فيما يتعلق بالدول المارقة، لدينا تاريخ معقّد مع إيران. والتاريخ له وزنه. أعلم أنك درست التاريخ، ولذلك فأنت تدرك أهميته.

بوش: علينا أن نتعلم كيف نتجاوزه. نحن من يكتب التاريخ.

بوتين: سأقيّد تكنولوجيا الصواريخ المتجهة إلى إيران. هناك من يسعون إلى جني المال من هذا البلد في هذه المجالات. وقد سمعت أنك تتحرك لتطبيع العلاقات مع إيران؟

بوش: هذا غير صحيح. الكونغرس يجعل ذلك مستحيلا تماما في الوقت الراهن.

بوتين: لكن باد مكفارلين على تواصل مع رئيس البرلمان الإيراني نيابة عن حكومة الولايات المتحدة.

بوش: هذا غير صحيح.

رايس: إنها مجرد شائعات، لكنها غير صحيحة.

بوتين: حسنا، لكن ألمانيا فتحت خط ائتمان بقيمة 28 مليار مارك لصالح إيران. الجميع يفتح الأبواب. ثم إن تجارة الأسلحة التقليدية تُعد نشاطا تجاريا طبيعيا.

الخبراء الإيرانيون يطرحون أسئلة شديدة الحساسية على خبرائنا، ولا شك في أنهم يسعون إلى امتلاك سلاح نووي. لقد أوصيت رجالنا بعدم تزويدهم بأي من هذه المعلومات. وبالمناسبة، سنحاول العمل معكم بشكل مشترك في ما يخص العراق.

بوتين: روسيا دولة أوروبية ومتعددة الأعراق، تماما مثل الولايات المتحدة. أستطيع أن أتخيلنا حلفاء. ولن يدفعنا إلى التحالف مع الآخرين إلا الضرورة القصوى

دعني أذكر كوبا وأشرح لك سبب زيارتي لها. لقد أرسلوا إلينا محطة طاقة نووية رديئة، دفعنا مقابلها 30 مليون دولار، لكنها لم تكن صالحة على الإطلاق. لذلك ذهبت إلى كوبا لاسترداد المبلغ.

أنا قلق بشأن باكستان. إنها ليست سوى حكم عسكري يمتلك أسلحة نووية. إنها ليست بدلا ديمقراطيا، ومع ذلك لا يوجّه الغرب أي انتقاد لها. ينبغي أن نفتح حوارا حول هذا الموضوع.

بوش: يسعدني ذلك. كما ترى، التهديد الحقيقي ليس صداما بين الولايات المتحدة وروسيا.

بوتين: أعلم ذلك. لم أعتبرك يوما تهديدا، حتى خلال الحرب الباردة. أوافقك الرأي، وقد دونت ما قلته بشأن الصين وخمسين عاما. نحن نتابع هذا الأمر عن كثب.

بوش: كانت الحرب الباردة حقبة من الشك والتنافس والتقويض المتبادل.

بوتين: وقد أتقنتم جانب التقويض جيدا.

بوش: لديك سمعة طيبة في أوروبا، لكن لماذا اتخذت القرار المتعلق بحرية الصحافة؟

بوتين: دعني أنهي أولا الحديث عن باكستان وأفغانستان. أفغانستان تعيش حالة حرب، وهذا يهدد استقرارنا. أسامة بن لادن موجود هناك. كنا قد بدأنا التعاون، لكن تسريبا حدث العام الماضي يتعلق بمجموعة العمل الخاصة بأفغانستان. ظننت أن من قام بذلك ينتمي إلى جهات تعارض هذا النوع، أو أي نوع، من التعاون بين روسيا والولايات المتحدة. لقد فقدت بعض العملاء بسبب تلك الحادثة.

بوش: يمكن لأرميتاج أن يتولى هذا الأمر. إنه رجل جيد.

بوتين: ما الذي ينبغي أن نفعله مع "طالبان"؟ لقد سألت كلينتون، لكنه لم يقدم لي يوما إجابة واضحة.

بوش: أرميتاج (ريتشارد ارميتاج من وزارة الخارجية) وجورج تينت (مدير وكالة الاستخبارات المركزية) يحظيان بتعاوني الكامل.

بوتين: ربما الآن، بعد انتخابكم، سيخف التلاعب.

بوش: أجرى (وزير الدفاع الأميركي دونالد) رامسفيلد و(وزير الدفاع الروسي سيرغي) إيفانوف محادثات ممتازة، وهما القناة الأنسب لوضع الإطار الاستراتيجي. ومن خلالهما يمكن تحديد ما هو ممكن.

أ.ف.ب
(من اليسار إلى اليمين) أعلام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وألمانيا، والولايات المتحدة في مطار شونيفيلد بالقرب من برلين، 7 نوفمبر 2025

بوتين: هذا أمر متفق عليه. والآن دعني أعود إلى مسألة توسيع حلف شمال الأطلسي. أنت تعرف موقفنا. لقد أدليت بتصريح مهم عندما قلت إن روسيا ليست عدوا، وما قلته عن الخمسين عاما المقبلة له دلالته. روسيا دولة أوروبية ومتعددة الأعراق، تماما مثل الولايات المتحدة. أستطيع أن أتخيلنا حلفاء. ولن يدفعنا إلى التحالف مع الآخرين إلا الضرورة القصوى.
لكننا نشعر أننا مستبعدون من الحلف. فإذا لم تكن روسيا جزءا منه، فمن الطبيعي أن نشعر بالإقصاء. لماذا هناك حاجة لتوسيعه؟ في عام 1954، قدّم الاتحاد السوفياتي طلبا للانضمام إلى الحلف. وما زلت أحتفظ بالوثيقة.

بوش: هذا مثير للاهتمام.

بوتين: قدّم الحلف ردا سلبيا آنذاك، مستندا إلى أربعة أسباب محددة: غياب تسوية بشأن النمسا، وغياب تسوية بشأن ألمانيا، وسيطرة شمولية على أوروبا الشرقية، والحاجة إلى تعاون روسيا مع جهود نزع السلاح التي تقودها الأمم المتحدة. اليوم، تحققت جميع هذه الشروط. وربما يمكن لروسيا أن تكون حليفا.

لكن السؤال الحقيقي هو: كيف نربط روسيا ببقية العالم المتحضّر؟ الواقع أن الحلف يتوسّع، وليس لدينا أي دور في ذلك.

حصلت الصين بالفعل على وضع الدولة الأولى بالرعاية بشكل دائم. فهل تُعد الصين أكثر ديمقراطية من روسيا؟

بوش: هل ستتحدث عن الصحافة الآن؟

بوتين: حسنا. أتذكر أنني التقيت قبل سنوات بأحد الحائزين على جائزة نوبل، ونصحني حينها بأن نسرّع في توزيع ممتلكات الدولة، بحجة أنها ستصل في النهاية إلى الأشخاص المناسبين. نفذنا ذلك، لكن كان هناك ضعف شديد في مركز السلطة. وقد انتشر هذا الضعف، حتى باتت الدولة في غاية الهشاشة. كانت عملية الخصخصة، على وجه الخصوص، فوضوية وضعيفة.

ونتيجة لذلك، أصبح لبعض الأشخاص نفوذ واسع. ولحماية ما امتلكوه بطرق قانونية، اشتروا وسائل إعلام ليستخدموها في الدفاع عن مصالحهم. غوسينسكي، على سبيل المثال، استولى على ما قيمته مليار ونصف المليار دولار من ممتلكات الدولة. وبعد كل ذلك، يزعم أن الدولة هي من تسرق.

أنت تتحدث عن حرية الصحافة، لكن الصحافة الحرة تحتاج إلى قاعدة اقتصادية مستقلة تدعمها. أنا أعمل على تهيئة الظروف لظهور صحافة حرة حقيقية. لا يمكن الحديث عن حرية صحافة حقيقية عندما يستولي شخص على مليار ونصف المليار دولار، ثم يستخدم ذلك النفوذ لممارسة الضغط على الدولة.

بوش: ينبغي أن نعود إلى الاجتماع. أنت تعلم أن أزنار يكن لك إعجابا كبيرا. لقد تحدث لي عن احترامه لك.

بوتين: لقد دعوتني إلى واشنطن وإلى مزرعتك. وأنا أود أن أدعوك إلى موسكو وإلى منزلي.

أما فيما يخص الاقتصاد، فأنا أقدّر دعمك لانضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية. لكننا نواجه بعض المشكلات مع الأوروبيين، ويمكن لقيادتك أن تُحدث فرقا في هذا المجال.
في ملف تجاري حديث يتعلق بصادرات الفولاذ، واصل الأوروبيون الزعم بأن اقتصادنا لا يقوم على قواعد السوق. واستندوا في حججهم إلى فروقات غير منطقية، مثل كون سعر الأرض في نوفوسيبيرسك أقل مما هو عليه في بلجيكا، وكأن ذلك دليل كافٍ.
ومن الجوانب المقلقة أيضا استمرار تطبيق تعديل جاكسون فانيك. في المقابل، حصلت الصين بالفعل على وضع الدولة الأولى بالرعاية بشكل دائم. فهل تُعد الصين أكثر ديمقراطية من روسيا؟ بل إنها لا تزال تصرّ على أنها دولة نامية.

بوش: العضوية في منظمة التجارة العالمية ستؤدي إلى زوال جاكسون فانيك.

بوتين: سمعت أنك ستوفد بعثة أعمال إلى روسيا؟ (غير مصنف)

الرئيس: سأطلب من دون إيفانز تنظيم ذلك. لدينا إمكانات كبيرة. لن تقتصر مبيعاتكم على النفط فقط إلى الأبد. (غير مصنف).

font change

مقالات ذات صلة