حصاد السينما 2025 ... أبرز محطات الفن السابع على الشاشة والمنصاتhttps://www.majalla.com/node/328961/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-2025-%D8%A3%D8%A8%D8%B1%D8%B2-%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B4%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA
ونحن على مشارف انتهاء الربع الأول من القرن الافتتاحي للألفية الثالثة، لا شك في أنها كانت سنوات استثنائية تعرفت البشرية خلالها الى نوعيات مختلفة من الأزمات الجماعية، بمختلف الصور، ما بين حروب وثورات وأوبئة، إلى جانب تغير مناخي عالمي، ربما لم يشهده كوكب الأرض من قبل. لم تكن السينما بمعزل عن هذه التحولات، لا سيما على مستوى ما يمكن تسميته بـ"الخريطة السينمائية العالمية الجديدة"، التي تتمدد فيها المنصات أمام تقلص متنام يحيط بكبرى شركات الإنتاج، حيث شهدت الفترة الأخيرة انتقال ملكية عدد من الاستوديوهات العتيقة وتحولها أو دمجها، داخل كيانات بث رقمية ضخمة، وفي مقدمها صفقة منصة "نتفليكس"، مطلع الشهر الجاري، مع شركة "وارنر برذرز"، أحد أقدم أعمدة هوليوود الكلاسيكية، التي يبدو أنها تواجه عراقيل جدية.
في الوقت الذي يراهن البعض على أن مثل هذه الصفقات ستضمن تمويلا مستقرا، مما يجعل القدرة أكبر على المخاطرة، يتحسب آخرون من تركز غير مسبوق قد يؤدي إلى مزيد من التحكم الخوارزمي في القرار الإنتاجي. على أن للصورة أبعادا أخرى، فمع توتر اللحظة الراهنة، التي لا تقل توترا عن المحيط العام، لا شك في أن الوجبة السينمائية التي تابعها الجمهور هذا العام، تختلف عن سابقيها، رغم عدم ظهور مشاريع سينمائية كبرى بشكل ملحوظ. قدمت غالبية السينمات، عربيا وعالميا، مجموعة متنوعة من الأفلام شملت عددا من التجارب المختلفة ساهمت في توسيع مشهد الموسم السينمائي، فمثلا استطاع مخرجون يعملون داخل وخارج نظام الاستوديوهات تقديم أعمال حققت نجاحا جماهيريا واسعا، مثل فيلم "الخطأة" Sinners كواحد من بين أعلى الإيرادات في أميركا الشمالية هذا العام.
من أمام الكاميرا
استمرارا مع مشهد السينما العالمية، برز هذا العام عدد من الأفلام الجيدة لممثلين وسينمائيين، يخوضون تجاربهم الإخراجية الأولى، على اختلاف أجيالهم، من بينها، فيلم "كرونولوجيا الماء"The Chronology of Water للممثلة الأميركية الشابة كريستين ستيوارت، وفيه أثبتت جرأتها خلف الكاميرا كما أمامها. أيضا فيلم Urchin تأليف واخراج البريطاني هاريس ديكنسون، 29 سنة، وفيه يتتبع رحلة تعافي أحد الشباب من الإدمان، فيما اختارت الممثلة الستينية إيمبث ديفيدتز استعادة ذاكرتها الشخصية من خلال فيلمها Don’t Let’sGo to the Dogs Tonight، مستندة إلى تجربتها الذاتية لتنسج عملا يختلط فيه الخاص بالتاريخي.
لوحظ هذا العام، استمرار ظاهرة آخذة في الانتشار أخيرا تتمثل في انتقال الأفلام سريعا إلى منصات العرض الرقمي رغم استمرارها في تحقيق الإيرادات
أما منتجة الأفلام جوي غارورو-أكبوجوتور، فتخوض الإخراج من خلال فيلم "الحالمون" Dreamers شاركت في كتابته، ومن خلال فيلم "المستكشفة" The Scout، تطرق المصورة غونزالس نصار مجال الإخراج للمرة الأولى. في حين تنطلق الفنانة الفرنسية المخضرمة جولييت بينوش في تجربتها الإخراجية الأولى من السينما التسجيلية، من خلال فيلم In-I In Motion الذي لا يخلو من حس تجريبي، مكنه من الحصول على جائزة الشرق الوثائقية ضمن مشاركته في فعاليات النسخة الأخيرة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة.
الممثلة الأميركية سكارليت جوهانسون تصل إلى حفل توزيع جوائز إيمي برايم تايم الـ77 في مسرح بيكوك بمجمع «إل إيه لايف» في لوس أنجلوس، 14 سبتمبر 2025
أيضا، يمثل فيلم "إليانور الكبرى" Eleanor the Great باكورة إخراج نجمة هوليود سكارليت جوهانسون، التي نجحت في تقديم حالة سينمائية متماسكة كمخرجة، بعد أن لفتت الأنظار لسنوات بعدد من الأدوار المميزة. تدور أحداث الفيلم حول إليانور، مسنة تقترب من التسعين، تنتقل للعيش مع ابنتها بعد فقد صديقتها الوحيدة، لتدخل في سلسلة من المغامرات الكوميدية، قبل أن تقودها الصدفة لجلسة يروى فيها الناجون من مذابح هتلر حكاياتهم، حينها تتورط في سرد قصة صديقتها على لسانها، ومع تصاعد التعاطف الإعلامي مع الحكاية، تندمج فيها حتى يختلط التاريخ بالخيال.
فضاءات رقمية
بعيدا من دوائر هوليوود ومسارات السينما الأوروبية المعتادة، زخر برنامج العروض الرقمية، بمجموعة كبيرة من الأفلام المتنوعة، منها ما عرض مباشرة من خلال المنصات، ومنها ما انتقل للعرض الرقمي بعد عرضه في صالات السينما. من السينما الهندية مثلا، يعرض حاليا على "نتفليكس" فيلم الإثارة "لص المجوهرات" Jewel Thief - The Heist Begins متصدرا عدد المشاهدات ليصبح الفيلم الهندي الأكثر مشاهدة هذا العام على المنصات الرقمية، بحسب ما أعلن. كذلك، حظى فيلمWicked: For Good بنسب مشاهدات عالية، الفيلم من إخراج جون إم. تشو والذي استلهم فيه عوالم مسرحيات برودواي، ليقدم مزيجا من الفانتازيا والموسيقى.
ملصق فيلم "Wicked: For Good"
على جانب آخر، لوحظ هذا العام، استمرار ظاهرة آخذة في الانتشار أخيرا تتمثل في انتقال الأفلام سريعا إلى منصات العرض الرقمي رغم استمرارها في تحقيق الإيرادات، أو بروزها في تنافس شباك التذاكر، وهو ما قد يترك أثرا مباشرا على العملية الفيلمية برمتها، إذ بإمكان هذا التحول أن يفتح الباب أمام تغييرات يترتب عليها إعادة تشكيل صورة الصناعة نفسها، وفي مقدمتها عزوف قطاع من الجمهور عن الذهاب إلى دور العرض، طالما بات على يقين من أن الفيلم سيصل إليه بعد فترة وجيزة، وفي المكان الأكثر راحة، سواء في المنزل أو خارجه عبر التطبيقات.
يفرض المخرج المطارد جعفر بناهي حضوره على المشهد العالمي، متوجا بـالسعفة الذهبية في الدورة الثامنة والسبعين من "كان السينمائي"
ربما كان الفيلم المصري "فيها إيه يعني" من أقرب الأمثلة على ذلك، إذ بدأ عرضه أخيرا على منصة "يانجو" الرقمية، رغم تخطيه في آخر أسبوع عرض 1.2 مليون جنيه مصري و1.8 مليون ريال سعودي طبقا لإحصائيات مواقع السينما، الأمر الذي تكرر مع أكثر من فيلم خلال المواسم الأخيرة.
قد يكون هذا الخيار مجديا على المدى القصير لشركات الإنتاج والتوزيع، في ظل العوائد المضمونة التي تقدمها المنصات، لكنه في المقابل ربما يهدد التوازن الكلي للمنظومة، كما يطرح سؤالا حول مستقبل تجربة المشاهدة الجماعية، لا بوصفها عرضا، بل كأحد الأعمدة الهامة التي قام عليها الفن السينمائي.
هذا هو الإنسان
للموضوعات الإنسانية مكانة خاصة في تاريخ الفن السابع، من الواضح أنها لم تفقد تأثيرها حتى اليوم، على الرغم من الآلية المسيطرة على الإنسان المعاصر، بما يفوق ما حظر منه شابلن قبل ما يقارب تسعة عقود في فيلمه الشهير "الأزمنة الحديثة". إذا كنت لم تجرب من قبل شعور المتكلم الوحيد وسط مجموعة من الصم، فأنت مدعو لمشاهدة الفيلم الصيني "مومو" Mumu للمخرجة، شا مو. الفيلم مأخوذ عن واقعة حقيقية، نتابع من خلالها مأساة البطلة منذ طفولتها، في العيش مع أب أصم وأصحابه الذين لا يختلفون عنه، بمرور الوقت، تصبح لسانهم المتحدث مع الآخرين، سواء كانوا من الجيران أو حتى من رجال الشرطة. وقد نجحت المخرجة في استثارة مشاعر المتفرج في عدد كبير من المشاهد، بما فيها مشاهد المحاكمة والختام.
عن حادثة واقعية أيضا، يأتي فيلم "الحافلة الضائعة" The Lost Bus للمخرج وكاتب السيناريو البريطاني بول غرينغراس، المعروف بقدرته على تحويل الأحداث الحقيقية إلى أعمال سينمائية مشحونة. في فيلمه الجديد، يستدعى غرينغراس واحدة من أشهر حرائق الغابات في كاليفورنيا والذي تزامن مع خروج حافلة مدرسية تقل أكثر من عشرين طفلا، ليجد السائق والمشرفة نفسيهما أمام سباق مع الزمن، لا خيار فيه سوى الاستمرار في القيادة هربا من ألسنة اللهب.
يتقاطع هذا الرهان على البقاء، ولو بشكل غير مباشر، مع فكرة فيلم "السير الطويل" The Long Walk للمخرج فرانسيس لورانس، المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب الأميركي ستيفن كينغ، والتي تفترض عالما ديستوبيا كابوسيا تقام فيه مسابقة غرائبية يجبر المشاركون خلالها على المشي حتى الموت. عالم يعيد إلى الأذهان ديستوبيا رواية "إنهم يقتلون الجياد" للكاتب هوراس مكوي، التي عولجت سينمائيا في عدد من الأفلام، يعد "قشر البندق" للمخرج المصري خيري بشارة واحدا منها.
ملصق فيلم "Sirat"
فيلم آخر من إسبانيا يعتبر من أميز الأفلام الفلسفية التي تناولت الصراع على البقاء هذا العام، على الرغم من أن قصته تبدو بسيطة في ظاهرها، إلا أن المخرج أوليفر لاكس برع في "صراط" Sirat في إعادة تفكيك المفهوم الديني والوجودي لفكرة الصراط، ذلك الحد الفاصل بين الجنة والنار، على أن المخرج ينتصر في النهاية للثقل الوجودي بصراط طبقي يفصل الدول الفقيرة والمعدمة عن الحياة، تماما كما يفعل هذا الخيط الفاصل بين النعيم والجحيم.
أفلام حول العالم
من السمات المميزة هذا العام، صدور أفلام مغايرة للمشهد الدولي التقليدي، منها السينما العربية، حيث برزت مجموعة من الأفلام جابت المهرجانات والمحافل السينمائية حاصدة الجوائز والتقديرات، ربما يأتي في مقدمتها الفيلم الفلسطيني "كان يا ما كان في غزة" للأخوين عرب وطرزان ناصر، مستحقا نصيب الأسد من جوائز "مهرجان القاهرة السينمائي" في دورته الأخيرة، بعد أن نال جائزة أفضل إخراج من "مهرجان كان السينمائي"، ضمن مشاركته في قسم "نظرة ما".
تشارك السعودية بفيلم "هجرة"، تأليف وإخراج المخرجة الشابة شهد أمين، المرشح عن هيئة الأفلام السعودية لتمثيل المملكة في سباق الأوسكار عن فئة أفضل فيلم دولي
ورغم الملاحقة المستمرة من السلطات الإيرانية، من جديد، يفرض المخرج المطارد جعفر بناهي حضوره على المشهد العالمي، متوجا بـالسعفة الذهبية في الدورة الثامنة والسبعين من "كان السينمائي" عن فيلمه "حادث بسيط". وهي الدورة نفسها التي شهدت حصول فيلم "القيمة العاطفية" للمخرج النرويجي يواكيم ترير على الجائزة الكبرى، ضمن مجموعة من الأفلام سبق وتناولتها "المجلة" في سياقات مختلفة.
المخرج الإيراني جعفر بناهي يحضر العرض الأول لفيلمه «حادث بسيط » ضمن الدورة الـ63 من مهرجان نيويورك السينمائي في قاعة أليس تولي بمركز لينكولن في نيويورك، 8 أكتوبر 2025
وفي "مهرجان البندقية السينمائي"، كانت الجوائز الكبرى من نصيب عائلتين تقع كل منهما في قارة مختلفة، حيث حصل فيلم "أب، أم، أخت، أخ" تأليف وإخراج السينمائي الأميركي جيم جارموش على جائزة الأسد الذهبي لأفضل فيلم، على مدار أقل من ساعتين، نجح جارموش من جديد في صنع خلطته السحرية حول العلاقات الإنسانية، أو التوترات التي تنتج عنها، كما في أفلامه، "المياه الفرنسية"، "أعطني الخطر"، و"القهوة والسجائر"، هذه المرة، يسرد المخرج المخضرم حكايته في قالب دراما عائلية، على ألسنة مجموعة من الأشقاء يجتمعون بعد خصام دام سنوات طويلة.
ملصق فيلم " صوت هند رجب"
ذهبت جائزة الأسد الفضي هذا العام، إلى الفيلم التونسي "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية. وفيه تعيد تجسيد واقعة استشهاد الطفلة الفلسطينية الشهيرة في دراما من تأليفها، تتناول من خلالها مأساة لعائلة من غزة. يعد الفيلم واحدا من أبرز ترشيحات السينما العربية المؤهلة هذا الموسم للتنافس على جوائز الأوسكار 98، فبحسب ما أعلنته الأكاديمية من قوائم رسمية للترشيحات، تحضر السينما العربية في فئة أفضل فيلم دولي بثمانية أفلام من بين 86 فيلما مؤهلا للقائمة النهائية.
بخلاف صوت هند رجب، كان من اللافت هذا العام تناول الواقعة في أكثر من عمل بمختلف الأوجه، منها، فليمان قصيران من الأردن وسوريا، "هند تحت الحصار"، و"أغمضي عينيك يا هند". في سياق مشابه، يأتي الفيلم الفلسطيني "فلسطين 36" للمخرجة آن ماري جاسر الذي يتعرض لحقبة ما قبل النكبة، وقت الاحتلال البريطاني. كذلك، تضم قائمة الترشيحات أربعة أفلام أخرى من المغرب والأردن والعراق ولبنان، هي: "زنقة مالقة"، "إللي باقي منك"، "مملكة القصب"، و"نجوم الأمل والألم". بينما تشترك مصر بفيلم "هابي بير ثداي" سيناريو وإخراج سارة جوهر، في أولى تجاربها الإخراجية، وقد ظهر الفيلم على الساحة بشكل مفاجئ، مثيرا جدلا كبيرا بسبب طريقة طرحه وعرضه المحدود والسريع.
ملصق فيلم "هجرة"
وتشارك السعودية بفيلم "هجرة"، تأليف وإخراج المخرجة الشابة شهد أمين، المرشح عن هيئة الأفلام السعودية لتمثيل المملكة في سباق الأوسكار عن فئة أفضل فيلم دولي، وقد انطلق عرضه العالمي الأول من "مهرجان البندقية السينمائي الدولي" في دورته الأخيرة.
المخرجة السعودية شهد أمين تحضر جلسة تصوير لفيلم «هجرة» المُشارك ضمن قسم «Venice Spotlight» في الدورة الـ82 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، في فينيسيا ليدو، 28 أغسطس 2025
بعد عدد من الأفلام القصيرة، تخوض شهد أمين أولى تجاربها الروائية الطويلة، من خلال حكاية الطفلة جنى التي تسافر بصحبة جدتها وأختها سارة لأداء فريضة الحج، قبل أن تختفي الأخيرة وتحول رحلتهم إلى عملية بحث محمومة. تقول المخرجة عن فيلمها: "قصة لطالما رغبت في سردها، تعكس تجارب الكثيرين في المملكة، لكنها نادرا ما تظهر على الشاشة". شارك في إنتاج الفيلم العراق ومصر والمملكة المتحدة، بدعم من صندوق البحر الأحمر وصندوق إثراء للأفلام.
الممثل الأميركي ليوناردو دي كابريو يحضر الدورة الـ16 من جوائز المحافظين في قاعة راي دولبي ضمن مجمّع أوفيشن هوليوود في لوس أنجلوس، 16 نوفمبر 2025
شاشة باتساع الأفق
كما هي العادة، لم يخل المشهد السينمائي هذا العام من حضور نجوم الشباك والصف الأول، بداية من ليوناردو دي كابريو بطل فيلم "معركة عقب أخرى" One Battle After Another، للمخرج بول توماس أندرسون، والذي يعد واحدا من أقوى رهانات العام سواء في الترشيحات أو الجوائز. كما شارك الفنان دانيال داي لويس ابنه في كتابه سيناريو فيلمه الأول Anemone متصدرا البطولة، في تجربة تتشابه مع فيلم للفنان الكبير أنتوني هوبكنز من إخراج زوجته.
ملصق فيلم "anemone"
من الأفلام المختلفة أيضا هذا العام يحضر الفيلم الكولومبي "شاعر" A Poet سيناريو وإخراج سيمون ميسا سوتو، كذلك لا يمكن المرور دون ذكر فيلم "فرانز" Franz للمخرجة البولندية أغنيشكا هولاند، التي تستعيد فيه حياة واحد من أعظم الروائيين، فرانز كافكا، في دراما لا تقل توترا وغرابة عن حياة صاحبها. وعلى النقيض من هذا المشهد الفني، يكتمل موسم السينما سنويا بحضور الجوائز المضادة RAZZIE (التوتة الذهبية)، والتي تحتفي على غير العادة بالأسوأ لا بالأفضل، حيث حصل كل من جيري ساينفيلد وداكوتا جونسون على جائزتي أسوأ تمثيل، بينما ذهبت جائزة أسوأ فيلم إلى Madame Web، في حين منح مخرج الروائع فرنسيس فورد كوبولا جائزة أسوأ مخرج عن فيلمه "ميغابوليس" Megalopolis.
ذهبت جائزة أسوأ فيلم إلى Madame Web، في حين منح مخرج الروائع فرنسيس فورد كوبولا جائزة أسوأ مخرج عن فيلمه "ميغابوليس"
في المهرجانات والفعاليات السينمائية، كثيرا ما يعاني المتابعون ومحبو السينما من سباق مرهق سعيا لملاحقة أكبر عدد ممكن من المشاهدات، حيث تزخر برامج العروض بعشرات الأفلام، تجعل فكرة المشاهدة الكاملة مستحيلة. تتضاعف هذه الإشكالية بالطبع حين نضعها في سياق البرنامج العالمي للعروض السينمائية على مدار الموسم، برنامج لا تكفيه أيام السنة كاملة للمتابعة، ولا تزال أفلامه تتوالى. فمثلا، قبل أن يسدل الستار على برنامج عروض هذا العام، لا يزال عشاق كرة الطاولة على موعد مع فيلم Marty Supreme، المقرر عرضه خلال الأيام القادمة، الفيلم من إخراج جوش سافدي، الذي يشارك أيضا في الإنتاج وكتابة السيناريو، متناولا قصة مستوحاة من حياة لاعب تنس الطاولة الأميركي مارتي رايزمان، الذي غيبه الموت في السابع من ديسمبر/كانون الأول قبل 13 سنة عن عمر ناهز الثمانين، هذا بخلاف قائمة كبيرة من المشاريع السينمائية المرتقب عرضها خلال المواسم القادمة، ربما يتصدرها الفيلم الملحمي الجديد لكريستوفر نولان "الأوديسة"، الذي شاهدنا مؤخرا إعلانه الدعائي الأول.
في فيلمه السابق "أوبنهايمر" قبل عامين، لم يكتف نولان بمواصلة تحقيق نجاحه النقدي والجماهيري، وهو ما توج لاحقا بسبع جوائز أوسكار من أصل 13 ترشيحا، بل صنع في سابقة غير معتادة ما يشبه الظاهرة راجت إعلاميا تحت مصطلح "باربنهايمر"، بالاقتران مع فيلم "باربي". فهل سينجح السير الإنكليزي الشهير في إثارة الجلبة مرة أخرى؟ سؤال تبقى إجابته مؤجلة حتى منتصف عام 2026، الموعد المقرر لطرح الفيلم في دور العرض.