المحرض والأيديولوجي: لمحة عن الثنائي اليميني بن غفير وسموتريتش

الأول محرض من الطراز الرفيع أما الثاني فأقل هذيانا

Majalla
Majalla

المحرض والأيديولوجي: لمحة عن الثنائي اليميني بن غفير وسموتريتش

إنهما يشكلان ثنائيا متألقا. أحدهما عاش طوال حياته محرضا من الطراز الرفيع، ويمكنه أن يخطف العناوين الرئيسة بتعليق عنصري بالسهولة نفسها التي يلوح بها ببندقيته في وجه أي شخص يجرؤ على تحديه، حتى ذلك العامل العربي الذي كان يؤدي للتو عمله في موقف السيارات. أما الآخر فهو أقل عرضة لهذه النوبات الهذيانية (ولو أنه ليس محصنا منها) وأكثر تركيزا على المهمة التي بين يديه: ضمان التفوق اليهودي، فيما يرى كلاهما أرض إسرائيل الممنوحة من الله.

وهما معا يشكلان الثنائي النشط والمثالي للمتطرفين اليهود. إيتمار بن غفير يعمل في الضوء ويخطف انتباه الجمهور والصحافة. بينما الآخر، بتسلئيل سموتريتش، فيتحرك خلف الأبواب المغلقة. أحدهما رجل مبالغات- مهرج- بينما يحافظ الآخر على صورة الشخص المتواضع، ويحب أن يرى نفسه آيديولوجيا. وبينما يبقي بن غفير الصحافة على أهبة الاستعداد بسيل من التصريحات الغاضبة، يتقدم الآخر بقرارات وقوانين يمكنها أن تغير على نحو حاسم مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتمنع قيام دولة فلسطينية.

قطبا المعارضة

قبل عقد من الزمن فقط، نُظر إلى الاثنين كمتطرفين هامشيين لا يسعهما الوصول إلى أي منصب حكومي. وكان إيتمار بن غفير قد حصل على "إعفاء" من الخدمة العسكرية بسبب مواقفه المتطرفة. أما سموتريتش فأشهر ما عُرف به عند الجمهور الإسرائيلي هو آراؤه المعادية لمجتمع المثليين، إذ قدم نفسه بوصفه "الفخور بكراهية المثليين" وأقام عرضا سيئ السمعة سماه "الأفضل" كسخرية من أعضاء مجتمع المثليين. وبعد مضي سنوات، ما زالا متطرفين لكنهما ليسا هامشيين؛ فقد أصبح إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي الجديد، بينما أصبح بتسلئيل سموتريتش وزير المالية.

أتي سموتريتش وبن غفير من خلفيات متباينة تماما، ويمثلان وجهين آيديولوجيين مختلفين للصهيونية الدينية، وهي الحركة التي يسعى كلاهما إلى تمثيلها.

وقد نجح كلاهما في إجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على منحهما سلطات واسعة. فحصل بن غفير على حقيبة كبيرة من الصلاحيات بناء على وزارة الأمن العام؛ فهو ليس مسؤولا فقط عن الشرطة الإسرائيلية، بل أيضا عن جزء من قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية. بينما حصل سموتريتش على وزارة المالية المهمة، إلى جانب منصب مهم آخر داخل وزارة الدفاع يخوله الإشراف على الأنشطة المدنية في الضفة الغربية.

AFP
بن غفير ونتنياهو قبيل جلسة للكنيست في القدس في 23 مايو

أتى الاثنان من خلفيات متباينة تماما، ويمثلان وجهين آيديولوجيين مختلفين للصهيونية الدينية، وهي الحركة التي يسعى كلاهما إلى تمثيلها. ولد بن غفير في إحدى ضواحي القدس لأب من أصل عراقي كردي. وجاء إلى الصهيونية الدينية عندما كان في سن المراهقة، وقت الانتفاضة الأولى، من منظور قوموي ومع "إدراك أنه يجب صد العرب". قاده هذا إلى حضن الحركة التي أنشأها مائير كاهانا، الحاخام القومي المتطرف الذي تسببت آيديولوجيته العنيفة الداعية إلى "طرد جميع العرب من إسرائيل والضفة الغربية" بحظر الحزب الذي أنشأه. أما سموتريتش فينحدر من عائلة أشكنازية متدينة. والده حاخام أرثوذكسي. وقد درس في مدرسة دينية يهودية (مركاز هراف كوك يشيفا) في القدس، المعروفة بأنها المركز الرئيس للحركة الصهيونية الدينية. وجاء إلى الحركة عبر الدين بقدر ما جاء عبر آيديولوجيتها.
هذا الوجه المزدوج ذو الهوية المتشددة قوميا ودينيا، هو ما يميز بين الصهيونية الدينية والحركة الأرثوذكسية المتطرفة. فالحركة الأرثوذكسية المتطرفة (الحريديم) تنظر إلى الداخل بغية حماية هويتها الخاصة والمجتمع ككل. وفي السياسة تسعى الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة في المقام الأول إلى الحفاظ على مصالحها الخاصة، لكنها لا تسعى إلى تغيير الدولة. أما الصهيونية الدينية وعلى الأخص علامتها المميزة التي يدافع عنها بن غفير وسموتريتش فمختلفة تماما؛ فهي تنظر إلى الخارج، إلى المجتمع بأكمله، وتسعى إلى فرض سيادة آيديولوجيتها.

النهوض من رماد السلام

وهذا الأمر هو ما يفسر لِمَ تميز صعود بن غفير وسموتريتش بالتقلبات والانعطافات نفسها التي هزت كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين. فأولى اندفاعات بن غفير كانت عام 1995، عندما عرض بفخر شيئا من سيارة رئيس الوزراء (آنذاك) إسحق رابين وهو يتوعد: "سنصل إليه أيضا". وبعد أسابيع، يقتل يهودي يميني متطرف رئيس الوزراء الإسرائيلي لأنه اتخذ القرار بالتوقيع على اتفاقات أوسلو.

في أعقاب الهجمات، كان سموتريتش وبن غفير واضحين في المسألة الأساسية لهويتهما: سيقفان إلى الأبد ضد قيام دولة فلسطينية.

أما سموتريتش فأول إنجاز ملحوظ كان في عام 2005، في أثناء الاحتجاجات التي أدانت قرار آرييل شارون بتفكيك المستوطنات في غزة. واعتقل جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شين بيت) سموتريتش للاشتباه في أنه يحاول إغلاق أحد الطرق السريعة الرئيسة في إسرائيل باستخدام مواد قابلة للاشتعال، لكنه لم يتهم قط.
هاتان اللحظتان: "اتفاق أوسلو"، و"فك الارتباط عن غزة"، كانتا لحظتي أمل عند البعض، بينما كانت لحظات يأس عند أعضاء اليمين المتطرف، مثل بن غفير وسموتريتش. وعند النظر إلى الماضي، يمكن لكلا الزعيمين أن يبرر موقفه بسهولة للجمهور الإسرائيلي بالقول: "انظروا إلى أين قادنا هذا". ومن المتوقع أن يزداد هذا الخط من التفكير قوة بعد الهجمات المروعة التي شنتها "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي أعقاب الهجمات، كانا واضحين في المسألة الأساسية لهويتهما: سيقفان إلى الأبد ضد قيام دولة فلسطينية. وكلاهما يرى في الدولة الفلسطينية خطرا وجوديا على إسرائيل. وكان إيتمار بن غفير وسموتريتش قد عبرا عن موقفهما عمليا منذ زمن طويل، إذ يعيش كلاهما في مستوطنتين في عمق الضفة الغربية؛ حيث إن بن غفير يعيش في كريات أربع، المستوطنة اليهودية القائمة في الخليل والمعروفة بتطرفها حتى مقارنة بالمستوطنات الأخرى. والخليل مدينة متنازع عليها بشدة وتقع في قلب أراضي إسرائيل التوراتية التي يسعى بن غفير للمطالبة بها. أما سموتريتش فيعيش في كدوميم بعد أن أمضى سنواته الأولى في بيت إيل، وهي مستوطنة تقع على بعد عدة كيلومترات من رام الله. ويقال إن منزله بني خارج المخططات المدينية للمستوطنة، أي إنه غير قانوني من الناحية الفنية حتى وفقا للقوانين الإسرائيلية.
يعيش سموتريتش إلى حد ما حسب المبادئ التي يدعو إليها، فهو كوزير للمالية يؤيد منذ فترة طويلة إضفاء الشرعية على جميع مستوطنات "قمم التلال" ويؤيد السماح بالتوسع الاستيطاني دون ضابط. كما يروج بصفته وزيرا للمالية خطة ستضفي الشرعية على معظم- إن لم يكن كل- هذه البؤر الاستيطانية التي بنيت بالعموم على أراضٍ فلسطينية، خاصة في عمق الضفة الغربية. والهدف المعلن لهذه البؤر الاستيطانية هو القضاء على أي احتمال للتوصل إلى حل الدولتين بجعل الوجود اليهودي أمرا من المستحيل إزالته حتى من المناطق التي تقوم عليها المدن الفلسطينية الكبرى.

تحدي مؤسسات الدولة

إحدى السمات التي تميز سموتريتش وبن غفير عن غيرهما من الزعماء الصهاينة المتدينين هي تحديهما العميق للدولة- دولة إسرائيل. وقد يبدو في هذا الأمر مفارقة، نظرا للطبيعة القومية لمعتقداتهما، ولكنه متأصل بعمق في التاريخ الشخصي لكلا الزعيمين.

ارتباط إيتمار بن غفير بحزب محظور وقرار جيش الدفاع الإسرائيلي باستبعاده من الخدمة، مهدا الطريق لموقفه العدائي تجاه سلطات الدولة

إن ارتباط إيتمار بن غفير بحزب محظور وقرار جيش الدفاع الإسرائيلي باستبعاده من الخدمة، مهدا الطريق لموقفه العدائي تجاه سلطات الدولة. عندما كان شابا، كثيرا ما وجد نفسه في مواجهة قوات الشرطة، التي يقودها الآن، والتي كانت وقتها تعتقله. ثم كمحام، مثّل بن غفير كثيرا من المتطرفين اليمينيين المتورطين في حوادث العنف الطائفي والهجمات ضد العرب. كما أن اصطدام سموتريتش مع "الشاباك" عام 2005 كان له تأثير كبير على آرائه. حيث أعلن في عدة مناسبات أنه يجب كبح جماح سلطة "الشاباك". وباعتباره "المفكر"- بين مزدوجين- فإن معارضته للدولة كان لها بعد آيديولوجي أيضا، فقد ادعى، على سبيل المثال، أن المدارس الإسرائيلية تعلم "الديمقراطية الليبرالية" بنفس الطريقة التي ينتشر بها الدين. وهو يرى نفسه مدافعا عن دولة إسرائيلية بديلة، تكون أقل ليبرالية، وتمزج بين القومية والمحافظة الدينية العميقة.

AP
نتنياهو وسموتريتش اثناء اجتماع المجلس الوزاري المصغر في 7 يناير

لقد رأى كلا الرجلين نفسه خارج النظام الذي كان بحاجة إلى التغلب عليه، ولكن أيضا إلى تحطيمه وإعادة تشكيله من جديد. وحتى كعضوين في الحكومة الإسرائيلية، كانا يتصرفان كغرباء. فلا عجب أنهما دعما الإصلاح القضائي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى تغيير طبيعة الدولة بشكل جذري. والحال أن أحد مهندسي الإصلاح القضائي ليس سوى سيمحا روثمان، وهو عضو رئيس في الحزب الصهيوني الديني.
وهذا ما يفسر أيضا لماذا أمضى بن غفير، كوزير للأمن القومي، الكثير من وقته للتشكيك في مرؤوسيه، بما في ذلك داخل الشرطة الإسرائيلية، واتهامهم بالتساهل الشديد عندما يواجهون المعارضين السياسيين للحكومات أو الفلسطينيين. وظل سموتريتش وبن غفير يتجادلان كوزيرين مع كبار القادة العسكريين في إسرائيل، الذين يعتبرانهم يساريين سريين، بينما ينظر الأخيرون إليهما باعتبارهما هواة خطرين.

الطريق إلى النجاح

تم انتخاب سموتريتش عام 2015 بضربة حظ، ذلك أنه جاء في المركز الثامن في قائمة حزبه– وهو مركز متدن كان له أن يؤدي إلى عدم انتخابه. ولكن كما قال المفكر الإيطالي مكيافيلي: في حين أن الحظ يمكن أن يلعب دورا في الحصول على السلطة، فإن الموهبة وحدها هي التي يمكن أن تفسر قدرة "الأمير" على الاحتفاظ بها. ولم يكن سموتريش استثناء، وسرعان ما أثبت أنه مدافع فعال عن أفكاره المتطرفة في الكنيست. إن خبرته كطالب ديني، حيث تعلم المناظرة، وبعد ذلك كمحامٍ، جعلت منه خطيبا مفوها. لقد دعا بقوة إلى ضم إسرائيل للضفة الغربية، وإضفاء الطابع الرسمي على حكم إسرائيل على منطقة يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية).

لم يصعد بن غفير في المشهد السياسي سوى في مايو/أيار 2021، وسط تصاعد التوترات بين العرب واليهود.

أما بن غفير السياسي فلم يصعد في المشهد السياسي سوى في مايو/أيار 2021، وسط حرب غزة وتصاعد التوترات بين العرب واليهود. خلال هذه الفترة من العنف الطائفي حيث هاجم كل من اليهود والعرب بعضهما بعضا، كان لأسلوب بن غفير العدواني والمواجه، الذي تميز بعرضه العلني للأسلحة النارية، صدى قوي. لقد استغل الأزمة إلى أقصى حد. وفي وقت لاحق، جدد استخدام تقليد إسرائيلي خالص، وهو تقليد استخدمه ساسة إسرائيليون آخرون بنجاح: الاستفزاز في جبل الهيكل/الحرم القدسي الشريف. ومع استمرار توتر الوضع في القدس، شجع بن غفير اليهود على عدم التراجع أو التخلي عما اعتبره حقوقا وهبها لهم الله في أقدس موقع في اليهودية، مهما كانت العواقب.

الملك بيبي... "الخاطبة"

بيد أن الذي مهّد الطريق حقا لصعود سموتريتش وبن غفير لم يكن شخصا آخر غير بنيامين نتنياهو. وبينما كانت إسرائيل تواجه انتخابات متعددة، لعب رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر دور "الخاطبة"، فرتب للاثنين، اللذين يختلفان بشكل كبير في الأسلوب، وإلى حد ما في الجوهر، بحيث يوحدان قواهما معا.
وكما هو الحال عادة مع بيبي، كانت الحسابات قصيرة المدى وتكتيكية. كان الهدف الحفاظ على أكبر عدد ممكن من الناخبين اليمينيين. وفي إسرائيل من الممكن أن تنخفض الأحزاب الأصغر بسهولة إلى ما دون العتبة الانتخابية، ومن الممكن أن تخسر الانتخابات أو تفوز بها على الهامش، مع اختفاء الحلفاء المحتملين من الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). ولكن بيبي سعى، من خلال لعب دور "الخاطبة"، إلى التأكد من عدم سقوط سموتريتش أو بن غفير تحت العتبة. لقد كانت هذه خطوة انتخابية، ولم يكن دافعها أقل من الحفاظ على الذات– كما هو الحال في معظم ما يفعله بيبي هذه الأيام.

يمثل سموتريتش وبن غفير فصيلا أكثر تقليدية وتشددا داخل الصهيونية الدينية، ويختلفان عن نهج بينيت الأكثر صقلا وحداثة

لم يكن بيبي يحب الثنائي. وكان سموتريتش قد وصفه بالجبان، وفي وقت لاحق، في تسجيل مسرب، وصفه بـ"الكذاب ابن الكذاب"، بسبب ادعاء نتنياهو بأنه لم يفكر قط في التحالف مع القائمة العربية الموحدة، وهي حزب عربي معتدل بقيادة منصور عباس.
كان هذا التحالف بمثابة خروج عن الصورة المعاصرة للصهيونية الدينية التي يمثلها نفتالي بينيت. قام بينيت، بخلفيته في كوماندوز النخبة وباعتباره رجل أعمال في مجال التكنولوجيا الفائقة التقدم، بإعادة تعريف الصهيونية الدينية بجاذبية حديثة. وقد حقق نجاحا كبيرا، حين صار أول رئيس وزراء لإسرائيل يرتدي الكيبا. في المقابل، كان سموتريتش وبن غفير يمثلان فصيلا أكثر تقليدية وتشددا داخل الصهيونية الدينية، ويختلفان عن نهج بينيت الأكثر صقلا وحداثة. ومن ثم فإن تنسيق نتنياهو لتحالفهما يمثل مزيجا استراتيجيا من عناصر متنوعة، ولكن متكاملة داخل الطيف السياسي اليميني الإسرائيلي.
ولكن بالنسبة لسموتريتش وبن غفير لم يكن بينيت سوى خائن صعد بعد قرار التحالف مع يسار الوسط، وحتى مع منصور عباس، في سعيه لوضع حد لمسيرة بيبي. وبالمناسبة، فقد خيب هذا القرار كثيرا من ناخبيه الأساسيين الذين لم يفهموا قراره قط، وسعى الناخبون الصهاينة المتدينون المحبطون إلى البحث عن الراحة في الأفكار المتطرفة لأشخاص مثل سموتريتش وبن غفير، اللذين لم يبدُ أنهما قابلين للتغير البتة. وقد مهد هذا الطريق أمام الصعود النهائي لسموتريتش وبن غفير كحليفين غير متوقعين لنتنياهو.

مستقبل لن يخبو سريعا

وكما هو الحال في كثير من الأحيان مع المتطرفين من الخارج، هناك أمل في أن يكون صعودهم إلى السلطة أفضل ترياق. إن سنوات من انتقاد الرجلين للحكومات المتعاقبة لفشلها في معالجة تهديد الإرهاب الفلسطيني تعني أن توقعات كبيرة ستعلّق عليهما. ومع ذلك، لا يستطيع بن غفير وسموتريتش القول إن أداءهما كان أفضل من الآخرين. وباعتبارهما عضوين في الحكومة التي سمحت بحدوث السابع من أكتوبر/تشرين الأول تحت ناظريهما، فسيعتبران مسؤولين عن واحدة من أسوأ الكوارث التي حلت بإسرائيل، بل بالشعب اليهودي. لقد شغل بن غفير نفسه بالإدلاء بتصريحات شنيعة، وتجادل خلف الأبواب المغلقة مع الكثير من أقطاب المؤسسة الإسرائيلية، لكنه في الأغلب قد وُضع على الهامش.

سموتريتش وبن غفير سيواصلان صعودهما السياسي، ومن المرجح أن يتبعا خطى نتنياهو حتى يصل إلى نهايته الحتمية، عاجلا أم آجلا، ولكنهما لن يختفيا

أما سموتريتش، المعروف بتصريحاته المتطرفة حول محو مدينة حوارة الفلسطينية بعد إطلاق النار المميت، فهو لم يُظهر الفطنة المالية اللازمة لقيادة إسرائيل عبر الاضطرابات الاقتصادية. وفي خضم حرب غير عادية، يبدو اهتمامه أكثر تكريسا لحماية مصالح الأقليات من الفصائل الدينية بدلا من معالجة التحديات الاقتصادية الأوسع. 
إن الوصول إلى السلطة غالبا ما يثبت خطأ الأفكار المتطرفة والتبسيطية، مما يجبر أولئك الذين يدافعون عنها إما على الاختفاء أو التغيير، وعلى الأقل هذا ما يأمله البعض.

EPA
متظاهرون امام مقر الكنيست في القدس يطالبون نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف بالاستقالة بسبب الفشل في منع هجوم 7 اكتوبر

ولكنني أكثر تشككا، وأعتقد أن سموتريتش وبن غفير سيواصلان صعودهما السياسي. ومن المرجح أن يتبعا خطى نتنياهو حتى يصل إلى نهايته الحتمية، عاجلا أم آجلا، ولكنهما لن يختفيا. والحق أن أفكارهما لم تكن هامشية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ومن المؤكد أنها لن تصبح هامشية بعده. إن ترقيتهما إلى مناصب وزارية واجهتهما بحقائق قاسية، لكن يبدو أن هذه الحقائق لا تشكل سوى تحديات بسيطة لهذا الثنائي من المتطرفين اليهود البارزين في السياسة الإسرائيلية.
وهما يدركان أن ناخبيهما سوف يغفرون لهما دائما عدم الوفاء بالتزاماتهما، فما يحبونه في سموتريتش وبن غفير في الحقيقة ليس قدرتهما على تشكيل الواقع، ولكن حقيقة أنهما، بطريقتهما الخاصة، يشكلان مأوى ضد التحديات المتزايدة التعقيد التي تواجهها إسرائيل. إنهما يقدمان حلولا مبسطة، وحتى "سحرية"، وهذه الحلول لا تموت أبدا، حتى عندما يثبت خطأها مرة ومرة ومرة.

font change

مقالات ذات صلة