"البرقية 29" تُطلق "حرب الموانئ" بين الجزائر والمغرب

ضياع فرص الاندماج الاقتصادي في المغرب العربي والمنافسة على سوق تضم ربع مليار نسمة

Al Majalla
Al Majalla

"البرقية 29" تُطلق "حرب الموانئ" بين الجزائر والمغرب

منذ العاشر من يناير/كانون الثاني 2024، أصبح الإغلاق شاملا، برا وبحرا وجوا، بين المغرب والجزائر، بحسب وثيقة مسربة لم تنف السلطات الجزائرية صدقيتها. تُنسب الوثيقة أو "البرقية 29" إلى الجمعية المهنية للمصارف والمؤسسات المالية الجزائرية، وتقر حظر أي عمليات تجارية عبر الموانئ المغربية بالشحن أو بالعبور. تأتي هذه الخطوة التصعيدية في سياق "ضربات متبادلة" بين الجارين اللدودين للسيطرة على التجارة في المنطقة بعد خروج صراع النفوذ من طور المنافسة إلى مرحلة المواجهة.

تحمل البرقية 29 ختما "سريا"، وهي موجهة من رئيس الجمعية المهنية للمصارف والمؤسسات المالية الجزائرية إلى المديرين العامين للموانئ في الجزائر، وتقضي بـ"رفض أي عملية توطين لعقود النقل التي تنص على إعادة الشحن أو العبور عبر الموانئ المغربية".

وأكدت البرقية وجوب تثبت الشركات مع الجهات الاقتصادية من أن إعادة الشحن أو العبور لا تتم عبر الموانئ المغربية التي كان سفير الولايات المتحدة الأميركية في الرباط، بونيت تالوار، زار أهمها على الإطلاق، يوم 17 يناير/كانون الثاني 2024، وهو ميناء طنجة المتوسط الذي يعد أكثر ميناء تمر عبره عمليات الشحن التي توجه الى الجزائر. وسينجم عن قرار الحظر رفع تكلفة الشحن والارتفاع في أسعار السلع المستوردة والتأخير في إفراغ الشحنات. ويؤكد الإعلام المغربي أن "ميناء فالنسيا" هو بديل للجزائر التي تقدر قيمة واردته المرتقبة للسنة الجارية بـ43,5 مليار دولار، ومرشحة لبلوغ 47,4 مليار دولار عام 2025، بحسب بيانات قانون المالية لسنة 2024.

تداعيات مرتقبة

ميناء فالنسيا هو منافس ميناء طنجة الذي يعتبر الأضخم في القارة الأفريقية، ويمثل أكبر منصة لاستيعاب الحاويات في حوض المتوسط بطاقة تتجاوز 9 ملايين حاوية سنويا. كما أنه يحتل المركز السادس من حيث مؤشر جودة الأداء وفق الإصدار الثالث من مؤشر أداء موانئ الحاويات على مستوى العالم لعام 2022، الصادر عن مجموعة البنك الدولي ووكالة "ستنادرد أند بورز" العالمية.

ميناء طنجة المتوسط بوابة إلى أفريقيا وخارجها للعديد من الشركات الأميركية والدولية، ومن الرائع أن نرى عملياته الفاعلة والآمنة لتسهيل التجارة وتعزيز الازدهار

سفير الولايات المتحدة الأميركية في الرباط بونيت تالوار

كانت زيارة السفير تالوار بمثابة تأكيد لصحة إقرار إجراء الحظر. وتصدرت الزيارة عناوين وسائل الإعلام المغربية التي تناقلتها على نطاق واسع خلال تغطيتها ما اعتبرته "تصعيدا عدوانيا جديدا من الجزائر". ونشرت السفارة الأميركية على منصة "أكس" إشادة السفير بالميناء من خلال قوله: "ميناء طنجة المتوسط بوابة إلى أفريقيا وخارجها للعديد من الشركات الأميركية والدولية، ومن الرائع أن نرى مباشرة كيف تعمل عمليات الميناء الفاعلة والآمنة على تسهيل التجارة وتعزيز الازدهار".

لهذا الإجراء سياقاته ودلالاته وتداعياته؛ تأتي هذه الخطوة، التي توصف بالحمائية جزائريا والعدوانية مغربيا، في ظل توسع دائرة المواجهة الاقتصادية بين "الأخوة الأعداء" بعدما كانت ساحة التوتر بينهما متمركزة على الملفات السياسية والديبلوماسية والأمنية العسكرية طوال عقود من تصدع العلاقات وتدهورها، وتجلى ذلك بوضوح خلال السنوات الأخيرة عبر سباق التسلح بينهما والصراع على التأثير والنفوذ بالقارة الأفريقية.

تنافس على التجارة البحرية

تمثل الموانئ إحدى أهم الأدوات الاستراتيجية والحيوية لتحقيق هذا التأثير: يطمح المغرب للسيطرة على محاور التجارة البحرية الدولية عبر إنشاء مزيد من الموانئ وتطويرها على شاكلة "ميناء طنجة المتوسط". وأهم الاستثمارات المغربية هو ميناء الداخلة الذي يمثل حجر الأساس في مخطط ربط دول جنوب الصحراء بالمحيط الأطلسي، أو "المبادرة الأطلسية"، التي أطلقها ملك المغرب محمد السادس واستجابت لها دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد حين اجتمع وزراء خارجيتها في مراكش مع قادة المملكة يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 2023.

يطمح المغرب للسيطرة على محاور التجارة البحرية الدولية عبر إنشاء وتطوير مزيد من الموانئ على شاكلة "ميناء طنجة المتوسط"، وأهم الاستثمارات المغربية هو ميناء الداخلة 

من جهتها تقود الجزائر مع حليفتها موريتانيا مشروعا مناوئا للسيطرة على التجارة في دول الساحل من خلال تعزيز ولوج دولها الى ساحل المحيط عبر ميناء نواكشوط، بالتوازي مع بدء التحضير لإنشاء منطقة تبادل حر بين البلدين. وأقر الحليفان بشكل متزامن ضربتين قاسيتين على التجارة المغربية، الجزائر عبر حظر توطين عقود عمليات شحن السفن المارة عبر الموانئ المغربية، فيما أقرت موريتانيا، التي تمثل نقطة الوصل بين شمال أفريقيا وغربها، رفع الضرائب الجمركية المفروضة على السلع القادمة من المغرب.

دخل رفع الضرائب حيز التنفيذ يوم 7 يناير/كانون الثاني 2024 بنسبة 171 في المئة، وهي نسبة تعني واقعيا الحظر على الشاحنات العابرة إلى معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا. وهذا المعبر الاستراتيجي يمثل امتدادا لمنطقة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس".

ولم تعد دول الساحل، وهي إحدى أخطر المناطق في العالم، تشكل هاجسا أمنيا مشتركا بين المغرب والجزائر فحسب، بعدما أصبحت تمثل أكثر فأكثر عمقا استراتيجيا لاقتصاد الجارين، وذلك يفسر خفايا تبادل الضربات للسيطرة على التجارة في منطقة تحولت إلى مسرح جيوسياسي بين قطبي روسيا/الصين من جهة ودول الغرب من جهة أخرى.

Sutterstock

تنافس سياسي واقتصادي

تتنافس الدولتان ديبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا على سوق تضم نحو ربع مليار نسمة. وفسر الباحث المتخصص في شؤون المغرب العربي لويس مارتيناز، لصحيفة "لاكروا" الفرنسية في عددها الصادر يوم 19 يناير/كانون الثاني 2024، أن المنطقة تمثل ما سمّاه فرصة يتنافس على اقتناصها المغرب والجزائر للتحرك في الفراغ الذي خلفه انسحاب فرنسا والدول الأوروبية من منطقة الساحل التي يتراوح عدد سكانها بين 250 و300 مليون نسمة.

واعتبر مارتيناز أن المغرب يمثل المنفذ إلى البحر بالنسبة إلى دول الساحل بما يمنح المملكة فوائد تجارية وأخرى سياسية، لا تقل أهمية عن الأولى، قال إنها تتمثل في ترسيخ الشرعية الفعلية للطابع المغربي للصحراء الغربية، المنطقة المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو. في المقابل، اتجهت الجزائر نحو موريتانيا مستفيدة من تقلب علاقتها بالمغرب.

تتنافس الدولتان ديبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا على سوق تضم نحو ربع مليار نسمة

وأكد مارتيناز أن دول الساحل تطمح للوصول الى المحيط الأطلسي عبر الصحراء الغربية، مبينا أن ذلك يشكل بالنسبة لها بديلا من المنفذ الذي يمر عبر خليج غينيا، والذي تهدده أخطار القرصنة، علاوة على أنه غير آمن ولا مستقر سياسيا.

للمزيد إقرأ: "دافوس" واحترار ممرات التجارة العالمية

سوق واعدة للجزائر

يتراوح الناتج المحلي الإجمالي لدول الساحل الأربع بين 9,2 و18,4 مليار يورو، بحسب المصدر نفسه.

كما تمثل دول غرب أفريقيا سوقا واعدة بالنسبة إلى الجزائر التي حققت سياساتها الهادفة إلى "تحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط" نجاحا لافتا في رفع صادراتها غير النفطية، بفضل جملة من القرارات، منها رفع القيود الجمركية وزيادة عدد رحلاتها البحرية والجوية إلى دول القارة السمراء، يضاف إليها فتح فروع لمصارف البلاد في الخارج للمرة الأولى في تاريخها، والتي استهلت في السنغال وموريتانيا.

ميناء سكيكدة في العاصمة الجزائرية - الجزائر

بالأرقام، حققت الجزائر، وفق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، زيادة سنوية بلغت 30 في المئة في حجم الصادرات غير النفطية منذ عام 2019، وقفزت من 7 مليارات دولار عام 2022 إلى 13 مليار دولار عام 2023. وتهدف الجزائر إلى تخطي عتبة الـ15 مليار دولار في حلول عام 2025.

تبرز في المقابل القارة الأفريقية كوجهة استثمارية محبذة للمغرب التي عززت من حضورها في المنطقة عبر إقامة الشراكات والاتفاقيات والتعويل على الاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات المصارف والمعادن والخدمات. كما شهدت صادرات المغرب نحو أفريقيا ارتفاعا من 4,5 مليارات دولار (45 مليار درهم) عام 2021 الى 6,4 مليارات دولار (64 مليار درهم) عام 2022 في مقابل 300 مليون دولار (3,7 مليار درهم) عام 2000.

يُعتبر النقل البحري معضلة من المعضلات التي عطلت نمو اقتصاد الجزائر طيلة عقود، ثم أصبح هذا الملف ملفا للأمن القومي بالغ الأهمية بالنسبة لـ"قصر المرادية" نظرا لاستحقاقات داخلية قومية 

هذا النمو في المبادلات التجارية بين المغرب والدول الأفريقية، أرجعه وزير الاقتصاد المغربي خلال حضوره في مجلس المستشارين في يناير/كانون الثاني من العام المنصرم إلى شبكة المصارف المغربية المنتشرة في دول القارة. كما أكد أن ميناء الداخلة سيكون أكبر بوابة للسوق الأفريقية.

وأشار تقرير لوزارة المالية المغربية صادر عام 2022، إلى أن المملكة تنتهج استراتيجيا اقتصادية تجاه شركائها تهدف إلى جعلها مركزا إقليميا في القارة.

بحسب البنك الدولي، يتم نقل ما يزيد على 80 في المئة من تجارة السلع العالمية من حيث الحجم عن طريق البحر، ويتم شحن نحو 35 في المئة من حجم الشحنات وأكثر من 60 في المئة من الشحنات ذات القيمة التجارية في حاويات، بما يعكس الأهمية الحيوية للموانئ وتنامي دورها.

المغرب يترقب المنافسة الجزائرية

يترقب المغرب منافسة مشاريع الجزائر الضخمة الموجهة لتطوير بنية الموانئ لديها، على المديين المتوسط والبعيد، على الرغم من تفوقه حاليا على جارته من حيث حجم منصاته اللوجستية البحرية وأداؤها ونجاعتها.

يُعتبر النقل البحري معضلة من المعضلات التي عطلت نمو اقتصاد الجزائر طيلة عقود، ثم أصبح هذا الملف ملفا للأمن القومي بالغ الأهمية بالنسبة لـ"قصر المرادية" نظرا لاستحقاقات داخلية قومية (خطة تنموية لتنويع الاقتصاد) وأخرى إقليمية ضمن الصراع مع المغرب.

Sutterstock
أكبر ميناء في أفريقيا، ميناء طنجة الواقع على مضيق جبل طارق شمال المغرب

تصريحان يلخصان خلفيات التوجهات الجزائرية: كشف وزير النقل الجزائري السابق عمار تو، أن بلاده لا تستحوذ إلا على 3 في المئة من نقل واردات وصادرات البضائع في مقابل 30 إلى 35 في المئة عام 1990. وفي عام 2013، نبه الرئيس الراحل لمنتدى رؤساء المؤسسات الاقتصادية رضا حمياني، أن بلاده تخسر 3 مليارات دولار سنويا بسبب عجز مرافئها عن استيعاب البضائع جراء تردي حالتها وسيطرة شركات الشحن البحري الأجنبية على 97 في المئة من خدمات الشحن البحري في الجزائر.

للمزيد إقرأ: الجزائر... أكبر الموازنات اجتماعية أم "انتخابية"؟

ولم تقم الجزائر بتطوير منشآتها البحرية الموروثة عن حقبة الاستعمار، وأعرقها ميناء العاصمة الذي تأسس سنة 1860. وهي تعول على تسريع البناء والتشييد لتقليص الفجوة الكبيرة مع جارتها الغربية وإنهاء تبعية وارتهان شبه كلي لشركات الشحن البحري الأجنبية والموانئ الأوروبية وميناء طنجة المغربي.

حددت الجزائر عام 2030 موعدا لبدء المنافسة على التموضع ضمن أهم 30 ميناء في العالم. وهو موعد يتزامن مع انتهاء أشغال ميناء الحمدانية شرشال غرب العاصمة

وأنهى قرار "الحظر" التبعية لميناء طنجة، وستكون موانئ إسبانيا والبرتغال ومرسيليا البدائل بعد قرار منع توطين أي عقود لعمليات شحن وعبور السفن المبحرة من الموانئ المغربية.

يتم تأمين عمليات تصدير الغاز الجزائري عبر ثلاثة موانئ متخصصة هي موانئ أرزيو وسكيكدة وبجاية. أما بقية موانئ البلاد، فهي بالكاد قادرة على الاستجابة إلى الحد الأدنى من الخدمات في آجالها المتمثلة في إفراغ حمولات المواد المعدة للشحن أو التفريغ. وسبق أن تكبدت البلاد عام 2019 خسائر بلغت ما يقارب مليار دولار (9,7 مليارات دينار) جراء التأخر في تفريغ الحاويات في الموانئ وارتفاع تكلفة كرائها، كما أكد وزير النقل الجزائري السابق لزهر هاني.

هذه العوامل يضاف إليها تآكل احتياط العملات الأجنبية في أزمات انهيار أسعار النفط، ما فرض على الجزائر الدخول بقوة منذ عام 2022 لوضع خطة تطوير النقل البحري والجوي للبضائع ومراجعة آليات تسيير المنشآت البالغ عددها 55 ميناء، والموزعة على الشريط الساحلي الممتد على 1650 كيلومترا، من بينها 7 موانئ تجارية مخصصة للبضائع و3 لنقل المواد النفطية.

للمزيد عن الواقع  المعيشي في الجزائر إقرأ: الغلاء والتضخم "يحاصران" الجزائريين

حددت الجزائر عام 2030 موعدا لبدء المنافسة على التموضع ضمن أهم 30 ميناء في العالم. وهو موعد يتزامن مع انتهاء أشغال ميناء الحمدانية شرشال غرب العاصمة، في ظل طموحات بتحويله إلى قاعدة بحرية تمكن الجزائر من السيطرة على التجارة في أفريقيا.

واجه مسار إنجاز المشروع مطبات عدة. وفي إطار مبادرة "طريق الحرير"، جرى توقيع اتفاق قرض من صندوق الاستثمار الوطني الجزائري وائتمان طويل الأجل من بنك "أكسيم" الصيني، على أن تقوم شركة "شنغهاي للموانئ" بإدارته. تعطل الإنجاز لسنوات ثم طرح مجددا في 28 يونيو/حزيران 2022 خلال زيارة تبون للصين.

تبلغ مساحة الميناء أكثر من 300 هكتار (3 كيلومترات مربعة)، ويتضمن 23 رصيفا وله قدرة على معالجة 6,5 ملايين حاوية سنويا وعلى استيعاب 25 مليون طن. وسيمكن تنشيطه من إحداث ثورة في مجال النقل البحري الجزائري. وستنطلق معه المنافسة بين الجارين على بسط الهيمنة البحرية والسيطرة على حركة الملاحة، وسط توقعات بتسابق في رصد الاستثمارات الموجهة للموانئ.

للمزيد إقرأ: 33 مليار دولار جرأة استثمارية للمغرب في 2024

تحول ميناء طنجة إلى مفخرة وشريان لاقتصاد المغرب، وهو يطل على مضيق جبل طارق بموقعه الجغرافي الحيوي ويفصل بين قارتي أفريقيا وأوروبا وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي

فقد أعلن المغرب بداية هذا العام مشروع توسعة جديداً لـ "ميناء طنجة المتوسط " ستخصص له تمويلات بـ 714 مليون دولار.

وجعل المغرب من تطوير بنيته التحتية المينائية واللوجستية أولوية. يوجد في المغرب 14 ميناء مفتوحا للتجارة الدولية تؤمن 96 في المئة من عمليات التصدير والتوريد إلى المملكة، التي وجهت استثمارات لكل من ميناء الناظور غرب المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي بمقاييس دولية ضمن أهداف تكوين أسطول بحري تجاري.

تحول ميناء طنجة إلى مفخرة وشريان لاقتصاد المغرب، وهو يطل على مضيق جبل طارق بموقعه الجغرافي الحيوي ويفصل بين قارتي أفريقيا وأوروبا وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. كما يمثل همزة وصل بين دول الشمال والجنوب ويربط بين أكثر من 180 ميناء حول العالم.

يطرح اليوم هذا الميناء كمستفيد محتمل من أزمة البحر الأحمر التي عطلت حركة الملاحة البحرية الدولية. فقد نقلت وكالة "رويترز" عن كريستوفر كاستانيز، رئيس ميناء مرسيليا، في 19 يناير/كانون الثاني 2024، تأكيده أن أحد السيناريوهات الممكنة في حال استمرار الحرب في البحر الأحمر، هو توجه السفن العالمية نحو المغرب من رأس الرجاء الصالح، وهو الطريق البديل في الوقت الحالي، على أن تقدم سفن أخرى إلى المغرب لنقل البضائع والسلع عبر البحر الأبيض المتوسط.

إنهيار المبادلات التجارية

ستكون من بين ارتدادات إجراء "الحظر" انهيار قيمة التبادل التجاري بين المغرب والجزائر الذي كان قد تراجع بشكل كبير لما يقارب الـ70 في المئة خلال العام المنصرم.

توصف العلاقات الثنائية بأنها في أسوأ حالاتها منذ إعلان الجزائر في شهر أغسطس/آب 2021 قطع العلاقات الديبلوماسية "نهائيا" مع المغرب.

يعد الغاز الطبيعي أبرز واردات المغرب من الجزائر. وكانت الرباط تحصل على حصة منه في مقابل مرور خط الغاز نحو أوروبا عبر أراضيها قبل أن تقرر الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول 2021 عدم تجديد العقد

يعدّ الغاز الطبيعي أبرز واردات المغرب من الجزائر. وكانت الرباط تحصل على حصة منه في مقابل مرور خط الغاز نحو أوروبا عبر أراضيها قبل أن تقرر الجزائر في أكتوبر/تشرين الأول 2021 عدم تجديد العقد، لتلجأ الرباط إلى استغلال الجزء الواقع في أراضيها من الأنبوب للحصول على الغاز الطبيعي المسال من السوق العالمية عبر إسبانيا.

للمزيد إقرأ: اقتصاد الجزائر بين المراوحة... والممانعة

توتر العلاقات المتواصل أنهى فرص تحقيق "الاندماج الاقتصادي في المغرب العربي". ويقول صندوق النقد الدولي إن هذه المنطقة التي تشمل سوقا إقليمية بنحو 100 مليون نسمة، تعتبر الأقل اندماجا على مستوى العالم، حيث تبلغ تجارتها البينية أقل من 5 في المئة في مجموع دولها.

الخلاف المغربي-الجزائري مفتوح على كل السيناريوهات فهو نتاج أكثر من نصف قرن من التوترات والتناحرات وتبادل الاتهامات الخطيرة منذ حرب الرمال بينهما (أكتوبر/تشرين الأول 1963)، تلاها الصراع على قضية الصحراء الغربية، قبل أن يتحول أخيرا إلى عداء واضح خصوصا بعد التطبيع بين الرباط وتل أبيب.

font change

مقالات ذات صلة